استنتج و أرى و الله أعلم أنه لا دواء لهذا المرض الذي يصاحب الشيخوخة لما يلي :
النسيان أمر طبيعي قدره الله تعالى على عباده كما قال تعالى : سنقريك فلا تنسى إلا ما شاء الله ، و لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما انا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني. لكنه اذا تعلق بالشيخوخة صار كما قال الله تعالى : و منكم من يرد إلى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا. و دخل في أمور الهرم الذي قال الله فيه : و من نعمره ننكسه في الخلق ،
و يصاحب الهرم الضعف في القدرات العقلية و الجسدية كما قال تعالى :
الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير
و لقوله تعالى :
و من نعمره ننكسه في الخلق أفلا تعقلون.
فعندما يعمر الإنسان يضعف بصره ، يضعف سمعه و تنحني رقبته ، تذهب نعومة بشرته ، يصاب بهشاشة العظام ، تذهب قوت شبابه و يكثر نسيانه ، بطبيعة الحال يتفاوت الناس في هذا و هذا ما دل عليه التبعيض من قول الباري جل جلاله :
و منكم من يرد إلى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا.
فهذا الضعف الذي يعتري الإنسان عند الكبر يغلب الإنسان رغم تعاطيه للدواء و زيارة الأطباء. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء ، علمه من علمه وجهله من جهله ، وفي لفظ : إن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، أو دواء ، إلا داء واحدا ، قالوا : يا رسول الله ما هو ؟ قال : الهرم
لكن النسيان رغم أنه داء تبين أنه لا يعالج بالعقاقير إنما يعالج بذكر الله لأنه من عمل الشيطان كما ذكرنا من قول الله تعالى : و ما انسانيه إلا الشيطان ان أذكره و غيره من الآيات البينات التي استدللت بها.
فإذا علمنا ان النسيان من عمل الشيطان و علمنا ان الله قدر على فئة من الناس ان لا يعلموا بعد علم شيئا اذا ما بلغوا من الكبر عتيا علمنا أنه لا راد لقضاء الله تعالى و تبين لدينا صدق رسول الله صلى عليه و سلم و صدق ما جاء به من عند الله سبحانه و تعالى و علمنا ان القرآن معجزة لكل زمان.
و حتى يتقي الإنسان هذا المرض فعليه ان يستعيذ بالله منه و يسأله تعالى ان لا يبلوه بما ابتلى به غيره من خلقه سبحانه و تعالى.
ثم ينبغي التخفيف على من ابتلاه الله بهذا الأمر بالإحسان إليه و التلطف به و معاملته بأرقى القيم لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : خياركم احاسنكم اخلاقا