تسجيل
البريد الإلكتروني
الرقم السري
بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ;   آخر المواضيع :   كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "عقيدة الإسلام "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب "أصول الفقه وقواعده "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  كتاب "علم الحديث "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري. * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري " * * *  كتاب"معرفة إسم الله الأعظم "إعداد الشيخ محمد يحيى المغاوري * * *  وجوب اجتماع كلمة المسلمين على الصيام و الإفطار * * *  القول السديد في صلاة جمعتين في مسجد واحد * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *  مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه * * *
القسم العام
القسم العام
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
10
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 887
113 - كن متفائلا و لا تكن متشاءما
التاريخ : 05/03/2017
الساعة : 01:14:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • قيل ان العزيز عزل فتولى يوسف مكانه و قيل أنه ندم على ما فعل بيوسف فمرض فمات و الصحيح من هذا كله هو أنه كان حيا بعد خروج يوسف من السجن لما تقدم و كل ما ذكر بعد ذلك في شأنه أصله من الإسرائيليات و ما يقال فيه يقال في زوجته زليخا التي قالوا أنها تزوجت بيوسف عليه السلام بعد موت العزيز فوجدها بكرا.

     

    و يرد على هذا بأن الله تعالى لما قص علينا قصة يوسف نسب زليخا امرأة للعزيز من أول السورة إلى آخرها في أكثر من آية و لقد ورد في القران الكريم نساء نسبهن الله إلى أزواجهن كامرأة نوح و امرأة لوط و امرأة إبراهيم و امرأة عمران و الذي نعلم في امرهن انهن لم يتزوجن بغير الأزواج الذين نسبن اليهم فنستدل بهذا على القول بان زليخا لم تتزوج بيوسف عليه السلام و الله تعالى أعلم و أحكم.

     

    و اذا عدنا إلى يوسف عليه السلام الذي اصلح الله أمره كله و هيأه له حتى ينال ما وعده الله به و لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو قائلا :

    اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين و أصلح لي شأني كله .

    و لقد قيل : تيسر قليل خير من عمل كثير . فكم من إنسان تصدر للحكم و سعى لينال المنصب فحيل دونه و افتنن و هذا يوسف عليه السلام جعل الله كل الأعراض التي تعرض لها تقربه أكثر فاكثر من الملك .

    و لذلك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للذي اعترض على القدر :

    اعملوا فكل ميسر لما خلق له

    و كان النبي صلى الله عليه و سلم يدعو قائلا :

    اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا و انت تجعل الحزن اذا شئت سهلا.

    فالرؤيا التي قصها على ابيه كانت سبب دخوله إلى قصر الملك ، و اما تعرض زليخا له و دخوله السجن فكان سببا لذكر اسمه عند الملك و اما رؤيا السجينين فهي سبب لخروج يوسف من السجن لحاجة الملك إليه ، و قد قيل : لكل شيء سبب منه يبدو و ينشعب.

    و لقد مر يوسف عليه السلام بثلاث مراحل لكل مرحلة منها رؤيا :

    فالرؤيا الأولى كانت في بيت المقدس في بيت ابيه يعقوب عليه السلام و هي الرؤيا التي تلخص حياة يوسف عليه السلام و هي السبب في عداوة إخوته له لكون يوسف عليه السلام أحب إلى ابيه منهم ، جعلتهم يكيدونه لكن كيدهم لم يفلح و قد قيل : اصبر على كيد الحسود فإنه لايسود . ثم أحبته زليخا و تامرت عليه حتى وضع في السجن و قد جعل الله من حب أبيه و حب امرأة العزيز سببا في ابتلاءه و من امعن النظر في ما بلي به يوسف لوجد أنها خيوط من رحمة الله نسجها في حلقات متشابكة ليصرف كيد الكائدين عنه و ليعوضه خيرا من ما أخذ منه.

    أما الرؤيا الثانية و هي رؤيا السجينين فهي نقلة جديدة من حياة يوسف عليه السلام حيث يتعرف على مرارة الظلم فيبغضه فإذا ما حكم بين الناس حكم بالعدل و الإنصاف ، و في هذه الفترة تعامل يوسف مع السجناء و تعرف على مشاكلهم فدعاهم إلى توحيد الله و أمرهم بالمعروف و نهاهم عن المنكر و جعل الله من تعبيره للرؤى سببا لذكر اسمه عند الملك.

    و اما الرؤيا الثالثة فهي التي رآها الملك و عجزت حاشية الملك عن تعبيرها و التي رفعت من قدر يوسف عند الملك فكانت سببا في أمور عدة :

    ـ منها الاعتراف ببراءته من قبل من قذفوه بالذنب

    ـ منها اصدار العفو الملكي عنه ليخرج من السجن

    ـ منها تقريب الملك له و توليته أجل منصب في الحكم

    ـ منها تولي المنصب الذي سيمكنه من التعامل مع إخوته و استدراجهم شيئا فشيئا لنقل ابيهم من بيت المقدس إلى مصر.

     

    ان الاعتراف سيد الأدلة و لقد اعترفت زليخا بذنبها أمام زوجها بين يدي الملك و في غيبة يوسف عليه السلام و انتهى الكلام.

    و نحن اذ نتكلم عن يوسف عليه السلام فيحتمل عدة أمور في شأن العزيز :

    ـ أحدها أنه استمر في منصبه حتى مات فتولى يوسف مكانه

    ـ ثانيها ان العزيز غضب عليه فعزله وتولى يوسف مكانه.

    ـ ثالثها أنه ندم على ما صدر منه في حق يوسف فاستقال من منصبه ليتولى يوسف مكانه.

    و الذي تأكد من كل هذا ان ثمة فترة زمنية بين إعلان براءة يوسف عليه السلام و بين خروجه من السجن، الله اعلم بمدتها، صار فيها منصب وزارة خزائن الأرض فارغا جعل يوسف عليه السلام يقترح على الملك ان يجعله وزيرا عليها.

    و قد استشهد بعض علمائنا بفعل يوسف هذا للاحتجاج بطلب الإمارة رغم قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    انا لا نولي أمرنا هذا من طلبه .

    و القول السديد و الله اعلم أنه لا يجوز طلب الإمارة خاصة اذا أدى ذلك إلى الفتنة و إلى القتل و الدماء لكن لا بأس من ذلك بين يدي الإمام الأعظم كما فعل يوسف عليه السلام و كما أراد عمر رضي الله عنه يوم الخندق عندما أراد الراية و قد احب الصحابة من رسول الله صلى الله عليه و سلم منازل قدم لها الأصلح منهم و منع آخرون كابي ذر الغفاري الذي نهاه ان يلي مال يتيم او يأمر بين اثنين ، و يستشهد بما فعل خالد في تامير نفسه في غزوة مؤتة و هذا موضع لا ينبغي ان يتنازع فيه المسلمون لأن غايتهم في سبيل الله.

    إذن فطلب الإمارة للخروج على السلطان أمر مذموم شرعا للأحاديث الصحيحة التي تحذر من ذلك و تزجر عنه أما عرض الكفاءة بين يدي السلطان لتولية منصب من أمور الدولة تحت رعاية السلطان فلا بأس به و ان كان الأفضل عدم السعي في ذلك حتى يختار المسلمون الأصلح لامورهم من خلال مبدأ الشورى كما قال تعالى :

    و لو كنت فظا غليظا لانفضوا من حولك فاعف عنهم وأستغفر لهم و شاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين .

    و لقوله تعالى : و أمرهم شورى بينهم.

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
11
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 887
113 - كن متفائلا و لا تكن متشاءما
التاريخ : 06/03/2017
الساعة : 01:14:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • قبل ان نتابع مع قصة يوسف عليه السلام نود ان نقف لنتأمل في بعض جوانبها في ما يتعلق بالاختيار و قد اختاره الله و اصطفاه من بين اخوته ليكون نبيا من انبياءه و هذا هو السر الذي جعل يعقوب عليه السلام يخصه بحب أكبر من الذي يكن لاخوته و لا ضير في هذا ما دام العدل يحيطهم جميعا في أمور المعاش كما أمر الله بذلك قائلا : اباؤكم و ابناؤكم لا تدرون ايهم أقرب لكم نفعا . و قد ورد ان صحابيا أقطع احب أبناءه ارضا دون إخوته فأراد ان يشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : اكل أولادك أعطيت مثل هذا فأجاب لا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم له: أشهد عليه غيري فإني لا أشهد على زور . فما دام العدل قائم بينهم في أمور المعاش فلا بأس اذا تميز أحدهم بالود بصفة ترضي الله تعالى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حب عائشة رضي الله عنها و ما تميزت به على أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن : اللهم هذا قسمي في ما املك و أستغفرك لما لا املك ، و ذلك لأن الله جبل القلوب على الحب و البغض و لذلك لا يلام المحب على حبه طالما كان مستقيما على طاعة الله تعالى فإذا تعدى ذلك إلى معصية الله تعالى باقتراف الذنوب و المعاصي و الاعتداء و ظلم الناس صار ذلك مذموما و حب النبي صلى ألله عليه و سلم لعائشة رضي الله عنها نالته لمنزلتها من ابيها الذي هو صاحبه و أفضل الناس إليه و كذلك لما حصلته معه من العلم النافع الذي هو شطر ديننا...

    و كان ثمة إشارة إلى أنه لا ينبغي للسلطان التفرقة بين الرعية في الحقوق كما لا ينبغي للأب ان  يفرق بين أبناءه في الحقوق لأن السلطان بمثابة الاب في رعيته و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : السلطان ظل الله في الأرض يأوي إليه كل مظلوم.

    و يكفي يوسف عليه السلام فخرا ما فضله به تعالى على العالمين من النبوة التي شرفه الله بها و جعله ينالها كما نالها أبوه يعقوب و أجداده إسحاق و إبراهيم عليهم السلام و لذلك أحبه أبوه فابتلى الله كلاهما بما شاء ليرفع درجتهما عنده.

    أما الاختيار الثاني الذي ناله يوسف عليه السلام فاختيار العزيز له عندما عرض للبيع في مصر فقال لامرأته اكرمي مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا و لذا قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :افرس الناس ثلاثة : العزيز لما قال لامرأته اكرمي مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا و التي قالت لأبيها يا أبت استاجره ان خير من استأجرت القوي الأمين و أبوبكر لما تفرس في عمر رضي الله عنهما.

    يقول النبي صلى الله عليه و سلم :اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله و قال : ان من عباد من يعرفون الناس بالتفرس و قال تعالى : ان في ذلك لآيات للمتوسمين.

    قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : كل عسى في القران موجبة .

    و لقد صدق ظن العزيز في يوسف عليه السلام فقد توقع أحد أمرين من يوسف إما ان ينفعهم و هذا النفع يمكن ان يشمل أمور الحكم التي تولاها يوسف عليه السلام فنفع الله به أهل مصر و البلدان المجاورة التي تمكن اهلها من الانتفاع بسياسة يوسف عليه السلام و حكمته في تدبير مصيبة الجفاف التي داهمتهم و أما الأمر الذي تعلق باتخاذه ولدا فقد تكفلوا به و أحسنوا إليه فأراد الله ان لا ينسب إلا لآل يعقوب فالقاه في السجن.

    و اما الاختيار الثالث فاختيار الملك له ليتولى تدبير اقتصاد البلاد في فترة عصيبة لأنه اولى الناس بهذا الشأن فهو الذي فك لغز الرؤيا و بين أسباب معالجة اسرارها فمن العدل ان يتولى علاج المريض من اكتشف الدواء لعلة عجز عنها الخبراء، ثم ان الملك قد اختاره لامانته و كفاءته و الحكم لا يكون بغير أمانة و قد خبر الملك يوسفا فوجده أمينا و يكفيه من ذلك أمانته و عفته التي جعلته يختار السجن على خيانة من أحسن إليه و لعلنا نلمس من إحسان العزيز بيوسف عليه السلام احسان كل ذي سلطان بامراءه اذ جعلهم موضع ثقته لا ينبغي عليهم الإخلال بشكرها، و ينبغي هنا امتحان كل من يتصدر للمنصب و الطلب و هذا ما تاملناه من قصة يوسف و كذلك ما و رد عن بنت صاحب ماء مدين لما أرسل بنته تستدعي موسى ليجزيه أبوها أجر ما سقى لهم فلما حضر عند ابيها و قد كان أمينا على عرضها قالت :يا ابت استاجره ان خير من استأجرت القوي الأمين .

    و لقد قال الشاعر :

    لا تحمدن امرءا قبل ان تجربه    و لا تذمنه من غير تجريب

    فحمدك المرء ما لم تبله خطا     و ذمك بعد حمد شر تكذيب

    و قد طلب عمر رضي الله عنه رجلا في شهادة فجاء أحدهم ليشهد في أحدهم فقال عمر رضي الله عنه للرجل : اتعرفه قال نعم قال هل سافرت معه قال لا قال هل تعاملت معه بالدرهم و الدينار قال لا قال هل أكلت و شربت معه قال لا قال له امير المؤمنين رضي الله عنه : انك لا تعرفه.

    و قد قيل : لا تهرف قبل ان تعرف. فلابد من الأمانة و هذه الأمانة لا تتحقق إلا بالعلم لقول الله تعالى :إنما يخشى الله من عباده العلماء. فمن خاف الله كان أمينا كما تبين من قصة بائعة اللبن التي امتنعت من الغش لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من غشنا فليس منا . فخافت من عقاب الله فقالت لامها :اذا كان عمر لا يرانا فان رب عمر يرانا . و قد كان عمر يمتحن امراءه بالمال فمن طمع عزله و من عف ولاه .

    و اما الكفاءة فالناس أبناء ما يحسنون و ان الله يحب من عبده اذا عمل عملا ان يتقنه و الإمارة تستلزم اصلحهم لهم و خيرهم أنفعهم لهم  : و هو اللين من غير عنف و القوي من غير ضعف الذي يقدم مصالحهم على مصلحة نفسه و الذي يعرف قدر كبيرهم و يرحم ضعيفهم و الذي يعترف بالشكر لوليه و يقدم له النصيحة و يعمل على تثبيت ملكه و شرهم الخائن الغادر الذي يكيد بالليل و النهار لاثارة القلاقل و الفتن.

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم المشاركة :
12
مشاركة ل الحبر الترجمان
إسم الموضوع : 887
113 - كن متفائلا و لا تكن متشاءما
التاريخ : 25/04/2017
الساعة : 01:14:00
أ.عبد العزيز

الحبر الترجمان الحبر الترجمان

أخر تواجد :

10:45 -- 08/01/2024


تاريخ التسجيل :

01/01/1970

المواضيع

87

المشاركات

429

عدد النقاط :

6470

المستوى :
  • إنما يوفر الصابرون أجرهم بغير حساب

    و هذا يوسف عليه السلام صبر على حسد إخوته و كيدهم و فوض أمره لرب البرايا فنقله من الجب إلى القصر ليترعرع فيه و يتعلم كيف يسوس ، و السياسة تقتضي حكمة في تدبير الأزمات و لا ينال الحكيم وصفه إلا عندما تعترضه المحن فيتخلص منها بعبقرية، قال الله تعالى : و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ، و قد تجلت هذه الحكمة في صبر يوسف على كيد النسوان و تفضيله نزول السجن عن اتيان الفاحشة ، جعل الله له من ذلك مخرجا ، فقد جعل الله رؤيا الملك التي عجز عن تعبيرها ذو الأحلام و النهى اختبارا ناجحا لكفاءة يوسف عليه السلام في تدبير أزمة الجفاف فقد كشف للملك عن الداء و الدواء قبل وقوع المحذور ، و هكذا ينبغي أخذ الحيطة و الحذر من الخطر فقد قيل : من كان متوقعا لم يلق متوجعا، لأن الشخص الذي يحتاط من الضرر يعادل شخصين اذ يتخذ الحيطة و الحذر فيتقي بسلوكه المتقدم معالجة أضرار ذلك الخطر لو وقع كما قيل : الوقاية خير من العلاج ، و درهم وقاية خير من قنطار علاج ، درهم تنفقه في صحتك خير من درهم تنفقه في علاجك.

    هذه الكفاءة التي من الله على يوسف عليه السلام جعلته موضع ثقة الملك قبل ان يلتقي به خاصة لما جاءه البشير يبشره بعفو الملك فاصر على لزوم السجن حتى تثبت براءته ، و هذا الخلق لا يكون إلا من كريم يرى ان عز النفس بين جدران الأسر خير من ذل النفس و هوانها في سعة الدنيا، و ذلك لأن التاني في الأمور لا يأتي إلا بخير فلا ينبغي استعجال قطف الثمرة قبل نضجها كما لا ينبغي الحصاد إلا في اوانه ، فكيف سينظر العالمين إلى يوسف عليه السلام لو قبل العفو الملكي و خرج من السجن دون التأكيد على براءته؟ لو حصل  ذلك لتكلم المتكلمون و لقال القائلون و لخدشوا في عرض يوسف و استهانوا من قرار الملك واتهموا النزاهة في عماله لكن نفس يوسف عليه السلام الأبية أبت ان تخرج من السجن من باب ضيق فآثرت الخلود فيه حتى تثبت البراءة بشكل علني ليس بعده قذف فكان له ما أراد اذ أقرت زليخا ببراءته أمام الكل و اتهمت نفسها و الإقرار سيد الأدلة  أدلت به طواعية من غير إكراه فقد جمع الملك النسوة مع المعنين بالأمر في مجلس و تكلم في أمر يوسف و خاطبهن بصيغة الجمع : ما خطبكن اذ راودتن يوسف عن نفسه ؟

    و هذا تعريض أريد به صرف التهمة عن إمرأة العزيز فخاطب نساء القصر رغم أن الكل يعلم أن الذي راود يوسف ليس إلا أمرأة العزيز و ذلك حتى يجعل نفسها لا تعتز بالإثم فتحاول أن تدفع الحق بالباطل كما قال تعالى :

    و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام

    و إذا تولى سعى في الأرض ليهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد

    و إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم و لبئس المهاد

    و هنا تكلم النساء عن حقيقة معاملة يوسف مع الجميع لانهن لا يعلمن من أمر يوسف عليه السلام إلا ما قيل عنه ، أنه كفيل العزيز و زوجته منذ صباه حتى بلغ أشده فلما صار شابا فشا في القصر ان امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا و قد استقر في نفوسهن ان امرأة العزيز في ضلال مبين و جهل تام في تعاملها هذا مع الفتى الذي ربته في بيتها و اهلته ذات يوم لتتخذه ولدا فلما سمعت بقيلهن دبرت مكيدة عرض جماله و حسنه أمام اعينهن حتى تبرر لهن فعلها و تعاملها معه فلما راينه استعظمن أمره لأنه عظيم من حيث حسن خلقه و خلقه فهو الجميل الحسن خلقة الذي لم يستعمل هذه الهبة الربانية في الرذيلة بل جعل نفسه تسمو كأنه ملك كريم ، هذا مبلغ علمهن عن يوسف فما أساء اليهن او إلى غيرهن ابدا فقد ذاع صيته و سمعته بين الناس على أنه الصديق الكريم عليه السلام و لذللك أجبن الملك على الفور بلسان واحد فقلن : حاشا لله ما علمنا عليه من سوء ، تنزيها ليوسف عليه السلام عن القذف الذي رمي به و تأكيدا لسمو أخلاقه و تزكية له ، فهذه شهادة النسوة في أمر يوسف التامة الكاملة الذي عرضت بامرأة العزيز و جعلتها تقر بالذنب علانية و بين يدي زوجها و اخبرت ان يوسف عصامي صادق الأمر الذي زاد من قدره عند الملك فاستدعاه ليستخلصه لنفسه و يجعله موضع ثقته.

    أنظر و تأمل معي كيف أن زليخا بعدما تلبست بتهمة التحريش حاولت أن تبرر ذنبها فجمعت النسوة لتريهن جمال يوسف الذي أُعطي شطر الحُسن كما ذكر النبي صلى الله عليه و سلم ليلة المعراج قال :

     ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ

    لقد حاولت أن تبرر لهن ما وقعت فيه من الإثم بأمرين :

    أحدهما : أن يوسف يتصف بجمال باهر لا تستطيع أي أمرأة أن تكتم مشاعرها نحوه و قد تجلى هذا لما رأينه فأعجبهن

    ثأنيها : أرادت إسكاتهن بما حصل لهن عندما قطعن أيديهن فلا يتعرضن لها بقيل وقال ، فقد أوقعتهن في مصيدة التقطيع فإن قلن إمرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قالت نسوة القصر قطعن أيديهن إعجابا بيوسف و هذا المكر حذرنا منه ربنا عند قوله تعالى : 

    ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء 

    و كما قيل ذو النورين عثمان رضي الله عنه : ودت الزانية لو أن الناس كلهم زنوا

    و ذلك أن الفريقين إذا وقعا في الذنوب و المعاصي تساويا في الإثم فلا أحد يعيب على الأخر فإن عاب هذا الأول بذنبه عابه الأخر بما أذنب به فلا فخر و لا فضل لأحدهما على الأخر ما يجعل كلاهما  يغضان الطرف و لا يذكر أحدهما عيب الأخر و لذلك يسعى المجرمون دائما لإيقاع غيرهم في الجرم حتى تحصل المساواة فإذا حصلت ارتاحوا ، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها و ما بطن

    ث

التوقيع :

خير الناس أنفعهم للناس

  لكتابة موضوع جديد في نفس القسم :
الإنتقال إلى أعلى الصفحة
رقم الصفحة :

عدد الأعضاء المسجلين في منتدى المحجة البيضاء :389

عضو ، هؤلاء الأعضاء قاموا بتفعيل عملية التسجيل.


    عدد المواضيع :132 موضوع .

    عدد المشاركات :690 مشاركة .

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : مناظرة في علو الله تعالى و استوائه على عرشه

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الأدلة العقلية و النقلية في إثبات وجود الله سبحانه و تعالى

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تعليم الأرقام من 1 الى 100

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : المخطط الكهربائي لمحرك السيارة

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أين الله؟

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : سبعة يظلهم الله في ظله

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : الوباء و الطاعون

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : أخطاء تمنع من تحقيق حفظ القرآن الكريم

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : ألا بذكر الله تطمئن القلوب

    الموضوع الأكثر تصفحا هو : برنامج تدريبات على جدول كارنوف

    يتصفح المنتدى حاليا : 4 متصفح .