اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي
إذا كانت الصلاة هي الصلة بين العبد و ربه فإن الدعاء هوالعبادة كما و رد في الحديث الصحيح، قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ ذَرٍّ عَنْ يُسَيْع الْكِنْدِيّ عَنْ النُّعْمَان بْن بَشِير رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة " ثُمَّ قَرَأَ " اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ "
جاء في لسان العرب لإبن منظور رحمه الله تعالى :
الدعاء لله على ثلاثة أَوجه:
فضربٌ منها توحيدهُ والثناءُ عليه كقولك: يا اللهُ لا إله إلا أَنت، وكقولك: ربَّنا لكَ الحمدُ، إذا قُلْتَه فقدَ دعَوْته بقولك ربَّنا،
ثم أَتيتَ بالثناء والتوحيد، ومثله قوله: وقال ربُّكم ادعوني أَسْتَجِبْ لكم إنَّ الذين يَسْتَكبرون عن عِبادتي؛ فهذا ضَرْبٌ من الدعاء،
والضرب الثاني مسأَلة الله العفوَ والرحمة وما يُقَرِّب منه كقولك: اللهم اغفر لنا،
والضرب الثالث مسأَلة الحَظِّ من الدنيا كقولك: اللهم ارزقني مالاً وولداً،
وإنما سمي هذا جميعه دعاء لأَن الإنسان يُصَدّر في هذه الأَشياء بقوله يا الله يا ربّ يا رحمنُ، فلذلك سُمِّي دعاءً
الدعاء هو مناداة الرحمن بالطلب و المسألة رغبة و رهبة و لذا قال صحابة الرسول صلى الله عليه و سلم ،أَقَرِيبٌ رَبُّنَا فَنُنَاجِيه أَمْ بَعِيدٌ فَنُنَادِيه ؟ فَسَكَتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّه " وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَة الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي " إِذَا أَمَرَتْهُمْ أَنْ يَدْعُونِي فَدَعَوْنِي اِسْتَجَبْت
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السماوات والأرض
يكفيك أن تعلم أن الله جعل لك سلاحا تدافع به عن نفسك من جميع الأضرار ، فإذا أردت أن تطرد إبليس اللعين إستعذت بالله منه و طلبت من الله أن يقيك و يمنع عنك وسواوسه فيدفعه الله عنك كما قال تعالى :
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99)إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ (100)
و إذا أردت أن تحصن نفسك من جميع الأضرار في الصباح أو المساء فعليك فقد أن تدعو الله بالأدعية المأثورة التي وردت عن نبي الله صلى الله عليه و سلم ، روى الإمام أحمد، وغيره، قال قال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ : إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَوْدِيَةِ، وَالشِّعَابِ، وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ، يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ، قَالَ: "مَا أَقُولُ؟ "قَالَ: "قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ، وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ"، قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ، وَهَزَمَهُمُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
و إذا خاف المؤمن قوما تحصن بكلمات كما قال موسى عليه السلام : إني عذت بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ، عن أَبي موسى الأشعرِيِّ رضي الله عنه : أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ كانَ إِذَا خَافَ قَومًا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلُكَ في نحورِهِمْ، ونعُوذُ بِكَ مِنْ شرُورِهمْ
عن خَولَة بنتِ حكيمٍ رَضي اللَّهُ عنها قالتْ: سمعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ يقولُ: مَنْ نَزلَ مَنزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمات اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّه شَيْءٌ حتَّى يَرْتَحِل مِنْ منزِلِهِ ذلكَ .
2/983- وعن ابن عمر رَضي اللَّه عنهمَا قَالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ اللَّيْلُ قال: يَا أَرْضُ، ربِّي وَربُّكِ اللَّه، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شرِّكِ، وشَرِّ ما فِيكِ، وشرِّ ما خُلِقَ فيكِ، وشَرِّ ما يَدبُّ عليكِ، أَعوذ باللَّهِ مِنْ شَرِّ أَسدٍ وَأَسْوَد، ومِنَ الحيَّةِ والعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ البَلَدِ، ومِنْ والِدٍ وَمَا وَلَد .
لقد وردت أدعية عن النبي صلى الله عليه و سلم ينبغي للمسلم أن يحفظها و أن يداوم على طلب الخير من الله و الإستعاذة بالله من الشر و الأذى لأن الله أمر بالدعاء لقول الله تعالى : و قال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين
و لقول النبي صلى الله عليه و سلم :
من لم يسأل الله يغضب عليه.
فالله وعد بالإجابة و هو أصدق القائلين و اشترط لذلك شروط :
أحدها : الإيمان به و عبادته كما أمر كما في قوله تعالى :
و َإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
ثانيها : أكل الحلال و قد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة : ... عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ...: « تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّبًا ﴾ [ البقرة : 168 ] فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال: يا سعد ، أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام في جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يومًا، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا، فالنار أولى به » رواه الطبراني في ( الأوسط ) وهو حديث ضعيف. لكن معنى هذا الحديث ثابت في أحاديث أُخر، كالحديث الذي في ( صحيح مسلم ) رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... « ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك » . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ثالثها : اطمئنان العبد و استيقانه بأن الله يستجيب له كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
القلوب أوعية، وبعضها [أوعى] من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس، فسلوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل
رابعها : الدعاء بخشوع و استحضار للقلب كما في الحديث السابق الذي ورد فيه أن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل
خامسها : التأدب في الدعاء فيلتزم الضوابط الشرعية في الدعاء فلا يتجاوز فيه حدود ما أنزل الله على رسوله كمن يتوسل بالأموات أو يسأل الله بحق مخلوقاته أو بجاه الأنبياء و الصالحين و غيره من المحدثات ،عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: أي بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء.قال الله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا و خفية إنه لا يحب المعتدين
سادسا :أن يلح على الله في الدعاء و أن يصر على ذلك أناء الليل و أطراف النهار و لا يياس من روح الله لأن الله أمره بالدعاء و وعد بالإجابة عكس البشر الذين يملون و يضجرون من من يسألهم كثيرا أو يطالبهم العطايا ،قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ : يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي )
سابعا : أن لا يستعجل الإجابة بأن يقول كما في الحديث دعوت الله فلم يستجب لي ،عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطاه إياها إما أن يعجلها له وإما أن يدخرها له".
ثامنا : أن يحسن الظن بالله ،عن عبد الله - يعني ابن مسعود - قال: والذي لا إله غيره، لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه ظنه، وذاك بأن الخير في يده.
ثاسعا : أن يستعمل أفضل الكلام في ذلك بأن أن يدعو الله بأدعية القرأن الكريم و الأدعية الماثورة عن النبي صلى الله عليه و سلم
عاشرا : يدعو الإنسان ربه على كل حال ، و يحسن ذلك و هو على وضوء و في الأوقات و الأمكان و الأحوال التي أوردها الشارع الحكيم و أفضلها حالة السجود ،عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: أقربُ مَا يَكونُ العبْدُ مِن ربِّهِ وَهَو ساجدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ رواهُ مسلم.
قال الله تعالى : أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ 62
جاء في تفسير الجلالين :
62 - (أم من يجيب المضطر) المكروب الذي مسه الضر (إذا دعاه ويكشف السوء) عنه وعن غيره (ويجعلكم خلفاء الأرض) الإضافة بمعنى في أي يخلف كن قرن القرن الذي قبله (أإله مع الله قليلا ما تذكرون) تتعظون بالفوقانية والتحتانية وفيه إدغام التاء في الذال وما زائدة لتقليل القليل
اعلم أخي الكريم /أختي الكريمة أن كلمات الله لها أسرار في خلق الله و لها تأثير فيها فهو الذي يقول للشيء كن فيكون ألا ترى كيف أن كلمة السر تؤثر في جهاز الصراف الآلي أو الهاتف النقال و لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء.
بل إن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر.
قال النبي صلى الله عليه و سلم :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ
اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي