حيص بيص
هذا من الأمثال العربية التي تقال إذا وقع القوم في شدة بالغة غلب ظنهم أن لا مخرج لهم منها ، و قد لقب به الأمير الفقيه الأديب الشاعر شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد ابن صيفي التميمي
ورد في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لإبن ابي أصيبعة في الصفحة 380 من الجزء 1 عند كلامه عن ابو القاسم هبة الله فقال :
أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل بغدادي المولد والمنشأ وكان يعاني صناعة الطب ويباشر أعمالها ويعد من جملة الموصوفين بها وكان أيضاً يكحل إلا أن الشعر كان أغلب عليه وكان كثير النوادر خبيث اللسان وله ديوان شعر وكان بينه وبين الأمير أبي الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي الشاعر المسمى حيص بيص شنآن وتهاتر وكانا قد يصطلحان وقتاً ثم يعودان إلى ما كانا فيه وسبب تسمية الحيص بيص بهذا أنه كان العسكر ببغداد قد همّ بالخروج إلى السلطان السلجوقي وذلك في أيام المقتفي لأمر اللّه فكان الناس من ذلك في حديث كثير وحركة زائدة فقال ما لي أرى الناس في حيص بيص فلقب بذلك وكان الذي ألصق به هذا النعت أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل وكان الحيص بيص يقصد في كلامه أبداً وفي رسائله الفصاحة البليغة والألفاظ الغريبة من اللغة ومن ذلك حدثني بعض العراقيين أن الحيص بيص كان قد نقه من مرض عاده فيه أبو القاسم بن الفضل فوصف له أكل الدراج فمضى غلامه واشترى دراجاً واجتاز على باب أمير وبه غلمان ترك أصاغر يلعبون فخطف أحدهم الدراج من الغلام ومضى فأتى الغلام إليه فأخبره الخبر فقال له ائتني بدواة وبيضاء فأتاه بهما فكتب لو كان مبتر دراجه فتخاء كاسر وقف بها السغب بين التدوين والتمطر فهي تعقي وتسف وكان بحيث تنقب أخفاف الإبل لوجب الأغذاذ إلى نصرته فكيف وهو ببحبوحة كرمك والسلام ثم قال لغلامه امض بها وأحسن السفارة في وصلتها إلى الأمير فمضى ودفعها لحاجبه فدعا الأمير بكاتبه وناوله الرقعة فقرأّها ثم فكر ليعبر له عن المعنى فقال له الأمير ما هو فقال مضمون الكلام إن غلاماً من غلمان الأمير أخذ دراجاً من غلامه فقال اشتر له قفصاً مملوءاً دراجاً فاحمله إليه ففعل
يقال وقع القوم في حاص باص في ضيق و شدة
و قد ذكر ابن منظور رحمه الله في لسان العرب ما يلي :
يقال: وقَعُوا في حَيْصَ بَيْصَ وحِيصَ بِيصَ وحِيصٍ بِيصٍ وحَيْص بَيْص مبني (* قوله «وحيص بيص مبني» أي بكسر الأول منوناً والثاني بغير تنوين والعكس كما في القاموس.
) على الكسر، أَي شدّة، وقيل: أَي في اختلاط من أَمر ولا مخرج لهم ولا مَحِيص منه.
وإِنك لتَحْسَب عَليَّ الأَرض حَيْصاً بَيْصاً أَي ضَيِّقةً.
ابن الأَعرابي: البَيْصُ الضيِّقُ والشدّةُ.
وجعلْتُمْ عليه الأَرضَ حَيْصَ بَيْصَ أَي ضيَّقْتم عليه.
والبَيْصةُ: قُفٌّ (* قوله «والبيصة قف إلخ» في شرح القاموس بعد نقله ما هنا ما نصه: قلت والصواب انه بالضاد المعجمة.
) غليظٌ أَبْيَضُ بإِقبال العارِضِ في دار قُشَيْرٍ لِبَني لُبَيْنى وبني قُرة من قُشَيرٍ وتلْقاءَها دارُ نُمير.