من شب على شيء مات عليه
هذا المثل ليس بحديث ، يذكره الناس كذلك بهذه الصيغة :
يموت كل إنسان على ما عاش عليه و يبعث على ما مات عليه.
و قد نسبه البعض إلى النبي صلى الله عليه و سلم من غير سند ، و أصح ما أسند ما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
يبعث كل عبد على ما مات عليه.
و بطبيعة الحال فإن الإنسان يموت على الأمر الذي اعتاده و ألفه في شبابه فقل ما يغيير الإنسان من سلوكه عند الكبر بل ان أغلب الناس يموتون على ما عرف عليهم من الخير او الشر إلا ما نذر مصداقا لقول النبي صلى الله عليه و سلم :
ان أحدكم يجمع خلقه في بطن امه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل اليه الملك فيؤمر بكتب أربع كلمات : رزقه و أجله و عمله و شقي او سعيد فو الذي نفسي بيده ان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها و ان أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها .
هذا و إنما الأعمال بالخواتيم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره و ما ربك بظلام للعبيد و ان ليس للإنسان إلا ما سعى و ان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى.
فمن عاش في طاعة الله تعالى مات عليها مصداقا لقول الله تعالى :
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة و يضل الله الظالمين .
و مصداقا لقول الله تعالى :
و ما كان الله ليضيع أيمانكم ان الله بالناس لرؤوف رحيم .
أيمانكم هنا بمعنى أعمالكم و قد نزلت في صلاة المسلمين مع رسول الله إلى قبلتهم الأولى بيت المقدس فرج الله أسرها بعدما تحولت القبلة إلى بيت الله الحرام فتسالوا عن صلاتهم، قبل اعتماد بيت الله الحرام قبلة للمسلمين موافقة لرغبة رسول الله بعد الإسراء به صلى الله عليه و سلم ،هل صلاتهم تلك مقبولة اذ ان من شروط الصلاة استقبال القبلة فاجابهم ربهم ان الله لا يضيع عمل عامل من ذكر او انثى بل ان الله أخذ العهد على ذاته تعالى ان لا يظلم أحدا فقال عز وجل :
انا لا نضيع أجر من أحسن عملا
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب
ربنا توفنا مسلمين و الحقنا بالصالحين