• السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

   

  إن الكعبة  أول بيت  بني في الأرض لعبادة الله تعالى  ، و قد ورد الخلاف في  أول من بناه  ، فقيل إن أول من بناه كان أبونا آدم عليه الصلاة و السلام  و قيل بناه  إبراهيم عليه الصلاة و السلام ، و قد وردت قصة بناءه على يد الخليل مع الذبيح عليهما الصلاة و السلام  في محكم التنزيل عند  قوله تعالى  في سورة البقرة :

  و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و إسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم

  و قد تم تجديد بنائه على مر العصور حتى إن نبينا عليه الصلاة و السلام شارك قريشا عملية التجديد ثم احتكموا إليه في خلافهم و اختاروه ليضع الحجر الأسود في موضعه...

  و قد فرض الله على العالمين الحج الى بيت الله الحرام فقال تعالى :

  و لله على الناس حج  البيت لمن استطاع إليه سبيلا و من كفر فإن الله غني عن العالمين

  و قد لبى الناس دعوة إبراهيم عليه الصلاة و السلام فحج المسلمون من الحنفية أتباع إبراهيم عليه الصلاة و السلام  ، كما طاف المشركون بالبيت لما غير عمرو بن لحي الخزاعي دين إبراهيم عليه الصلاة و السلام و نقل من الشام إلى جزيرة العرب الأصنام حتى كان منهم من طاف بالبيت عريانا  ، حتى إن المرأة فيهم تفعل ذلك وتقول :

  اليوم يبدو بعضه أو كله و بعد هذا اليوم لا أحله

  و قد اعتبر الله  ما قاموا به  من أعمال عند البيت مجرد لهو و صد عن سبيل الله تعالى ، قال الله تعالى :

  و ما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء و تصدية

  و قد نهى الله و رسوله صلى الله عليه و سلم من تمكين المشركين من البلد الحرام فقال تعالى :

  إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا

  فلا ينبغي تمكين من علم منه الشرك من المسجد الحرام بنص الأية الكريمة

خير الناس أنفعهم للناس

• تعلم أخي الكريم / أختي الكريمة  أن الحج فرض على كل  من استطاع اليه سبيلا،

   

  و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم :

  بني الإسلام على خمس : .... ثم قال : و حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا

  و قد تواترت الأحاديث في فرضيته على من له الإستطاعة  ومنها حديث جبريل عليه السلام

  و  لقول الرسول صلى الله عليه و سلم :

   أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا

  فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟

  فسكت حتى قالها ثلاثاً .

  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

  لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذرونى ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم وإذا أمرتكم بشىء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شىء فدعوه .

  ثم قال :

  الحج مرة فمن زاد فهو تطوع

  للفائدة : قيل أن الرجل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه

   و يتضح من هذا الحديث الشريف أن الحج المفروض على من استطاع اليه سبيلا في العمر مرة فمن زاد عنها فتطوع

خير الناس أنفعهم للناس

• إعلم أخي الكريم / أختي الكريمة : أن الحج  يجب على  من له الإستطاعة

  عن عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين قالت :

  قلت : يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟

  قال :

  " عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة " .

  قال إبن خزيمة  رحمه الله في صحيحه : في قوله - صلى الله عليه وسلم - " عليهن جهاد لا قتال فيه " ، وإعلامه أن الجهاد الذي عليهن الحج والعمرة بيان أن العمرة واجبة كالحج ، إذ ظاهر قوله " عليهن " أنه واجب إذ غير جائز أن يقال " على المرء " ما هو تطوع غير واجب

  و قد ورد في صحيح البخاري عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال جهادكن الحج وقال عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان عن معاوية بهذا

  إلا أنه يتعين على المرأة المسلمة أن يرافقها أحد محارمها  في حجها  فعن أبي سعيد الخدري قال :

  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

  لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها

خير الناس أنفعهم للناس

• تعلم أخي الكريم أن الأحكام الشرعية تجب على المكلف و هو الإنسان البالغ العاقل و الذي بلغته دعوة الإسلام

  فما من أحد يسمع  بالإسلام الذي بعث الله به نبيه محمد عليه الصلاة و السلام ثم لا يؤمن به فهو في النار و لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا

  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

  رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ

  فهذا الحديث يدل على أحكام التكليف و منها :

  العقل :

  إذ يخاطب الله العقلاء ذوي الألباب في محكم تنزيله الذين يفهمون النصوص و الأيات الكريمات و قد أرسل الله الرسل بلغات قومهم حتى يفهم الناس عنهم ما يبلغون من الوحي  قال تعالى :

   وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ

  فينبغي مع العقل الإدراك و فهم الأحكام ، و لهذا نهى الله الصحابة عن الصلاة حالة السكران  فقال تعالى :

  يا ايها الذين أمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون

  فلا تصح العبادة من المجنون أو الغائب الوعي و الإدراك .

  البلوغ :

  يتأكد بلوغ الاطفال إذا بلغوا الحلم فيصيبه الإحتلام أو يخرج منه المني أو تحيض الفتاة فعندها تلزمه أو تلزمها الأحكام الشرعية كالصلاة و الزكاة ..

  قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أجمع العلماء على أن الاحتلام في الرجال والنساء يلزم به العبادات والحدود وسائر الأحكام

  أما إذا حج الصبي صغيرا فعليه أن  يحج إذا بلغ ليؤدي المفروض عليه

خير الناس أنفعهم للناس

• اعلم أخي الكريم / أختي الكريمة ان أتباع المرسلين يعبدون الله على علم لا على جهل فلا شك عندهم في امر الله و نهيه فهذا قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم قال :

  قل هذه سبيلي أدعو على بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشركين

  قال الحبر الترجمان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في معنى البصيرة في الأية الكريمة قال : البصيرة العلم

  فلما لا يتعلم المرء أحكام الحج إذا ما  نوى  أدائه و قد قال تعالى :

  و تزودوا فإن خير الزاد التقوى

  و لا تتم تقوى الله بغير العلم قال تعالى :

  إنما يخشى الله من عباده العلماء

   فاعلم أنه لا إله إلا الله  و اعلم  هداني الله و إياكم أن الإسلام مبني على العلم ألا ترى أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بتعليم أولادنا الصلاة و هم أبناء سبع  و بضربهم عليها و هم أبناء عشر حتى إذا ما بلغ الحلم قام بالصلاة كما أومر فلا يشق عليه أمرها و من شاب على شيء مات عليه.

  فكيف يغفل الكثير عن  إعداد النفس لحج بيت الله الحرام و ذلك بالتزود بالعلم النافع من الأحكام التي تتعلق بالمناسك قبل الإحرام ، روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :  رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ويقول :

  لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه  رواه أحمد ومسلم والنسائي

  فقد استدل العلماء بهذا الحديث على وجوب كثير من مناسك الحج مما فعله النبي صلى الله عليه و سلم

  إن الله تعالى فرض على المسلم الحج في العمر مرة  و جعل جزاء الحج المبرور الجنة  غير أنه اشترط على من حج أن لا يرفث و لا يفسق  و لا يجادل  قال تعالى :

  الحج أشهر معلومات ، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج

  و قال تعالى :

  ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم

  قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

  من حج فلم يرفث و لم يفسق رجع من حجه كيوم ولدته أمه

  و قد قيل : من جهل شيئا عاداه ، و من لم يعرف الخير من الشر يقع فيه ، فينبغي الإستعداد الى حج بيت الله الحرام بتعلم أحكامه  فلا يقع المرء في المحظور فيكون بذلك على بينة من ربه في دينه غير شاك مرتاب

خير الناس أنفعهم للناس

• قال الله تعالى :

  و لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا و من كفر فإن الله غني عن العالمين

  القول في الإستطاعة يتلخص في قول الله تعالى :
  لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا

  عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ :

  مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً فَلَمْ يَحُجَّ بَيْتَ اللَّهِ ، فَلا يَضُرُّهُ يَهُودِيًّا مَاتَ أَوْ نَصْرَانِيًّا ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ : وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ سورة آل عمران آية 97 .
  و جاء أيضا بقوله :
  " مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً يُبْلِغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ فَلَمْ يَحُجَّ ، فَلا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا "
  وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

  لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة ولم يحج فليضربوا عليهم الجزية وما هم بمسلمين .

  وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما من أحد لم يحج ولم يؤد زكاة ماله إلا سأل الرجعة عند الموت فقيل: له إنما يسأل الرجعة الكفار قال وإن ذلك في كتاب الله تعالى " وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق " أي أؤدي الزكاة " وأكن من الصالحين " أي " أحج " ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون

  قيل فيم تجب الزكاة قال: بمائتي درهم وقيمتها من الذهب قيل فما يوجب الحج؟ قال الزاد والراحلة.

  وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: مات لي جار موسر لم يحج فلم أصل عليه.
  فمن ملك من المال ما ينفقه ذهابا و إيابا و في مقامه بالبلد الحرام و ترك لمن يعول من الأهل و الولد ما يكفيهم وقت غيابه عنهم وجب عليه الحج إن لم يكن به عذر مرض لا يرجى شفاؤه فإن ألم به مرض مزمن لا يرجى زواله أو كان شيخا أو عجوزا أنهك الدهر و كان له مال أمكنه أن يكلف من يحج عنه مقابل أجر و يسمي الفقهاءالعاجز عن الحج بنفسه للأعذار السابقة معضوبا
  و دليل رخصة الإنابة في الحج قول عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله ، إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً ، لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه؟ قال:" نعم". وذلك في حجة الوداع. رواه البخاري ومسلم.
  وحديث أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي صلى الله علـيه وسلم فقال: "إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن"، قال: "حج عن أبيك واعتمر"
  و قد عارض بعض العلماء بقوله تعالى : و أن ليس للإنسان إلا ما سعى
  و قد رد عليهم الحافظ ابن حجر بحديث الخثعمية فقال : "وتعقب بأن في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم لها على ذلك حجة ظاهرة".
  و قد اشترط الشافعية و الحنابلة أن يكون النائب قد حج عن نفسه قبل الحج عن غيره لحديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عـلـيـه وسـلـم ســــمـــع رجلاً يقــول: "لبيك عــن شبرمــة" قال: مَنْ شبرمة؟. قال: أخ لي، أو قريب. قــال: حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: "حـجَّ عن نفسك، ثم حج عن شبرمة".
  و أجاز ذلك الحنفية مع كراهية التحريم و استدلوا بحديث الخثعمية إذ ليس فيه ما يدل على الشرط
  و يجوز الحج عن من توفي من الأباء و الأمهات لحديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:
   "إن أمي نذرتْ أن تحـج فـلـــم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي عنها! أرأيت لو كان على أمكِ دين أكـنـتِ قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله؛ أحق بالوفاء"

   

خير الناس أنفعهم للناس