3433- حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى
(6/471)
الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ".
3434- وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ". تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث 3434 – طرفاه في: 5082، 5365]
قوله: "باب قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} وقع في رواية أبي ذر بزيادة واو في أول هذه الآية وهو غلط، وإنما وقعت الواو في أول الآية التي قبلها وأما هذه فبغير واو. قوله: "يبشرك ويبشرك واحد" يعني بفتح أوله وسكون الموحدة وضم المعجمة، وبضم أوله وفتح الموحدة وتشديد المعجمة، والأولى وهي بالتخفيف قراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي، والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير، وقد يطلق في الشر مجازا. قوله: "وجيها" أي "شريفا" قال أبو عبيدة: الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي تشرفه، وانتصب قوله: "وجيها على الحال. قوله: "وقال إبراهيم: المسيح الصديق" وصله سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال: المسيح الصديق. قال الطبري: مراد إبراهيم بذلك أن الله مسحه فطهره من الذنوب، فهو فعيل بمعنى مفعول. قلت: وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فعيل بمعنى فاعل يقال إنه سمي بذلك لكونه يمسح الأرض وقيل: سمي بذلك لأنه ممسوح العين فهو بمعنى مفعول، قيل في المسيح عيسى أيضا أنه مشتق من مسح الأرض لأنه لم يكن يستقر في مكان، ويقال سمي بذلك لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا بريء، وقيل: لأنه مسح بدهن البركة مسحه زكريا وقيل: يحيى، وقيل: لأنه كان ممسوح الأخمصين، وقيل: لأنه كان جميلا يقال: مسحه الله أي خلقه خلقا حسنا ومنه قولهم به مسحة من جمال. وأغرب الداودي فقال لأنه كان يلبس المسوح. قوله: "وقال مجاهد: الكهل الحليم" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} قال: الكهل الحليم انتهى، وقد قال أبو جعفر النحاس: إن هذا لا يعرف في اللغة، وإنما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها، وقيل: من جاوز الثلاثين وقيل ابن ثلاث وثلاثين انتهى. والذي يظهر أن مجاهدا فسره بلازمه الغالب، لأن الكهل غالبا يكون فيه وقار وسكينة، وقد اختلف أهل العربية في قوله: "وكهلا" هل هو معطوف على قوله: "وجيها" أو هو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم صغيرا وكهلا، وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد. قوله: "الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. وقال غيره من يولد أعمى" أما قول مجاهد فوصله الفريابي أيضا، وهو قول شاذ تفرد به مجاهد، والمعروف أن ذلك هو الأعشى. وأما قول غيره فهو قول الجمهور وبه جزم أبو عبيدة وأخرجه
(6/472)
الطبري عن ابن عباس، وروى عبد بن حميد من طريق سعيد عن قتادة: كنا نتحدث أن الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين. ومن طريق عكرمة: الأكمه الأعمى. وكذا رواه الطبري عن السدي، وعن ابن عباس أيضا، وعن الحسن ونحوهم، قال الطبري: الأشبه بتفسير الآية قول قتادة، لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد، والآية سيقت لبيان معجزة عيسى عليه السلام، فالأشبه أن يحمل المراد عليها ويكون أبلغ في إثبات المعجزة والله أعلم. حديث أبي موسى الأشعري في فضل مريم وآسية، وقد تقدم شرحه في آخر قصة موسى عليه السلام. وحديث أبي هريرة في فضل نساء قريش. قوله: "وقال ابن وهب إلخ" وصله مسلم عن حرملة عن ابن وهب، وكذلك أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن حرملة، وسيأتي للمصنف موصولا من وجه آخر عن ابن وهب في النكاح، قال القرطبي: هذا تفضيل لنساء قريش على نساء العرب خاصة، لأنهم أصحاب الإبل غالبا، وسيأتي بقية شرحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.
قوله: "أحناه" أشفقه، حنى يحنو ويحنى من الثلاثي، وأحنى يحني من الرباعي: أشفق عليه وعطف، والحانية التي تقوم بولدها بعد موت الأب، قال: وحنت المرأة على ولدها إذا لم تتزوج بعد موت الأب. قال ابن التين: فإن تزوجت فليست بحانية. قال الحسن في الحانية التي لها ولد ولا تتزوج. وفي بعض الكتب: أحنى بتشديد النون والتنوين حكاه ابن التين وقال: لعله مأخوذ من الحنان بفتح وتخفيف وهو الرحمة، وحنت المرأة إلى ولدها وإلى زوجها سواء كان بصوت أم لا، ومن الذي بالصوت حنين الجذع وأصله ترجيع صوت الناقة على أثر ولدها، وكان القياس أحناهن لكن جرى لسان العرب بالإفراد، وقوله: "ولم تركب مريم بعيرا قط" إشارة إلى أن مريم لم تدخل في هذا التفضيل بل هو خاص بمن يركب الإبل، والفضل الوارد في خديجة وفاطمة وعائشة هو بالنسبة إلى جميع النساء إلا من قيل إنها نبية، فإن ثبت في حق امرأة أنها نبية فهي خارجة بالشرع لأن درجة النبوة لا شيء بعدها، وإن لم يثبت فيحتاج من يخرجهن إلى دليل خاص لكل منهن، فأشار أبو هريرة إلى أن مريم لم تدخل في هذا العموم، لأنه قيد أصل الفضل بمن يركب الإبل ومريم لم تركب بعيرا قط. وقد اعترض بعضهم فقال: كأن أبا هريرة ظن أن البعير لا يكون إلا من الإبل، وليس كما ظن بل يطلق البعير على الحمار. وقال ابن خالويه: لم تكن إخوة يوسف ركبانا إلا على أحمرة، ولم يكن عندهم إبل، وإنما كانت تحملهم في أسفارهم وغيرها الأحمرة، وكذا قال مجاهد هنا: البعير الحمار، وهي لغة حكاها الكواشي(1)، واستدل بقوله: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} على أنها كانت نبية، ويؤيد ذكرها في سورة مريم بمثل ما ذكر به الأنبياء، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فإن يوسف وصف بذلك مع كونه نبيا، وقد نقل عن الأشعري أن في النساء نبيات. وجزم ابن حزم بست: حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم، ولم يذكر القرطبي سارة ولا هاجر، ونقله السهيلي في آخر "الروض" عن أكثر الفقهاء. وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية. وقال عياض: الجمهور على خلافه. وذكر النووي في "الأذكار" عن إمام الحرمين أنه نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، ونسبه في "شرح المهذب" لجماعة، وجاء عن الحسن البصري ليس في النساء نبية
ـــــــ
(1) ما بعد هذا تقدم في أول الباب الذي قبل هذا. قال مصحح طبعة بولاق: والنسخ التي بأيدينا متفقة على إثباته في المحلين مع تفاوت يسير جدا، وإنما أعادها هنا لمناسبة المقام لها.
(6/473)
ولا في الجن. وقال السبكي: اختلف في هذه المسألة ولم يصح عندي في ذلك شيء. قوله: "يقول أبو هريرة على أثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط" في رواية لأحمد وأبي يعلى "وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مريم لم تركب بعيرا قط" أراد أبو هريرة بذلك أن مريم لم تدخل في النساء المذكورات بالخيرية لأنه قيدهن بركوب الإبل ومريم لم تكن ممن يركب الإبل، وكأنه كان يرى أنها أفضل النساء مطلقا. قوله: "تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري" أما متابعة ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم فوصلها أبو أحمد بن عدي في الكامل من طريق الدراوردي عنه، وأما متابعة إسحاق الكلبي فوصلها الزهري في "الزهريات" عن يحيى بن صالح عنه.
(6/474)
باب قوله { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق ، إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه ، فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم
...
(6/471)
الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ".
3434- وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "نِسَاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ أَحْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ". تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ.
[الحديث 3434 – طرفاه في: 5082، 5365]
قوله: "باب قول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} وقع في رواية أبي ذر بزيادة واو في أول هذه الآية وهو غلط، وإنما وقعت الواو في أول الآية التي قبلها وأما هذه فبغير واو. قوله: "يبشرك ويبشرك واحد" يعني بفتح أوله وسكون الموحدة وضم المعجمة، وبضم أوله وفتح الموحدة وتشديد المعجمة، والأولى وهي بالتخفيف قراءة يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي، والبشير هو الذي يخبر المرء بما يسره من خير، وقد يطلق في الشر مجازا. قوله: "وجيها" أي "شريفا" قال أبو عبيدة: الوجيه الذي يشرف وتوجهه الملوك أي تشرفه، وانتصب قوله: "وجيها على الحال. قوله: "وقال إبراهيم: المسيح الصديق" وصله سفيان الثوري في تفسيره رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عنه عن منصور عن إبراهيم هو النخعي قال: المسيح الصديق. قال الطبري: مراد إبراهيم بذلك أن الله مسحه فطهره من الذنوب، فهو فعيل بمعنى مفعول. قلت: وهذا بخلاف تسمية الدجال المسيح فإنه فعيل بمعنى فاعل يقال إنه سمي بذلك لكونه يمسح الأرض وقيل: سمي بذلك لأنه ممسوح العين فهو بمعنى مفعول، قيل في المسيح عيسى أيضا أنه مشتق من مسح الأرض لأنه لم يكن يستقر في مكان، ويقال سمي بذلك لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا بريء، وقيل: لأنه مسح بدهن البركة مسحه زكريا وقيل: يحيى، وقيل: لأنه كان ممسوح الأخمصين، وقيل: لأنه كان جميلا يقال: مسحه الله أي خلقه خلقا حسنا ومنه قولهم به مسحة من جمال. وأغرب الداودي فقال لأنه كان يلبس المسوح. قوله: "وقال مجاهد: الكهل الحليم" وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} قال: الكهل الحليم انتهى، وقد قال أبو جعفر النحاس: إن هذا لا يعرف في اللغة، وإنما الكهل عندهم من ناهز الأربعين أو قاربها، وقيل: من جاوز الثلاثين وقيل ابن ثلاث وثلاثين انتهى. والذي يظهر أن مجاهدا فسره بلازمه الغالب، لأن الكهل غالبا يكون فيه وقار وسكينة، وقد اختلف أهل العربية في قوله: "وكهلا" هل هو معطوف على قوله: "وجيها" أو هو حال من الضمير في يكلم أي يكلمهم صغيرا وكهلا، وعلى الأول يتجه تفسير مجاهد. قوله: "الأكمه من يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل. وقال غيره من يولد أعمى" أما قول مجاهد فوصله الفريابي أيضا، وهو قول شاذ تفرد به مجاهد، والمعروف أن ذلك هو الأعشى. وأما قول غيره فهو قول الجمهور وبه جزم أبو عبيدة وأخرجه
(6/472)
الطبري عن ابن عباس، وروى عبد بن حميد من طريق سعيد عن قتادة: كنا نتحدث أن الأكمه الذي يولد وهو مضموم العين. ومن طريق عكرمة: الأكمه الأعمى. وكذا رواه الطبري عن السدي، وعن ابن عباس أيضا، وعن الحسن ونحوهم، قال الطبري: الأشبه بتفسير الآية قول قتادة، لأن علاج مثل ذلك لا يدعيه أحد، والآية سيقت لبيان معجزة عيسى عليه السلام، فالأشبه أن يحمل المراد عليها ويكون أبلغ في إثبات المعجزة والله أعلم. حديث أبي موسى الأشعري في فضل مريم وآسية، وقد تقدم شرحه في آخر قصة موسى عليه السلام. وحديث أبي هريرة في فضل نساء قريش. قوله: "وقال ابن وهب إلخ" وصله مسلم عن حرملة عن ابن وهب، وكذلك أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن حرملة، وسيأتي للمصنف موصولا من وجه آخر عن ابن وهب في النكاح، قال القرطبي: هذا تفضيل لنساء قريش على نساء العرب خاصة، لأنهم أصحاب الإبل غالبا، وسيأتي بقية شرحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.
قوله: "أحناه" أشفقه، حنى يحنو ويحنى من الثلاثي، وأحنى يحني من الرباعي: أشفق عليه وعطف، والحانية التي تقوم بولدها بعد موت الأب، قال: وحنت المرأة على ولدها إذا لم تتزوج بعد موت الأب. قال ابن التين: فإن تزوجت فليست بحانية. قال الحسن في الحانية التي لها ولد ولا تتزوج. وفي بعض الكتب: أحنى بتشديد النون والتنوين حكاه ابن التين وقال: لعله مأخوذ من الحنان بفتح وتخفيف وهو الرحمة، وحنت المرأة إلى ولدها وإلى زوجها سواء كان بصوت أم لا، ومن الذي بالصوت حنين الجذع وأصله ترجيع صوت الناقة على أثر ولدها، وكان القياس أحناهن لكن جرى لسان العرب بالإفراد، وقوله: "ولم تركب مريم بعيرا قط" إشارة إلى أن مريم لم تدخل في هذا التفضيل بل هو خاص بمن يركب الإبل، والفضل الوارد في خديجة وفاطمة وعائشة هو بالنسبة إلى جميع النساء إلا من قيل إنها نبية، فإن ثبت في حق امرأة أنها نبية فهي خارجة بالشرع لأن درجة النبوة لا شيء بعدها، وإن لم يثبت فيحتاج من يخرجهن إلى دليل خاص لكل منهن، فأشار أبو هريرة إلى أن مريم لم تدخل في هذا العموم، لأنه قيد أصل الفضل بمن يركب الإبل ومريم لم تركب بعيرا قط. وقد اعترض بعضهم فقال: كأن أبا هريرة ظن أن البعير لا يكون إلا من الإبل، وليس كما ظن بل يطلق البعير على الحمار. وقال ابن خالويه: لم تكن إخوة يوسف ركبانا إلا على أحمرة، ولم يكن عندهم إبل، وإنما كانت تحملهم في أسفارهم وغيرها الأحمرة، وكذا قال مجاهد هنا: البعير الحمار، وهي لغة حكاها الكواشي(1)، واستدل بقوله: {وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} على أنها كانت نبية، ويؤيد ذكرها في سورة مريم بمثل ما ذكر به الأنبياء، ولا يمنع وصفها بأنها صديقة فإن يوسف وصف بذلك مع كونه نبيا، وقد نقل عن الأشعري أن في النساء نبيات. وجزم ابن حزم بست: حواء وسارة وهاجر وأم موسى وآسية ومريم، ولم يذكر القرطبي سارة ولا هاجر، ونقله السهيلي في آخر "الروض" عن أكثر الفقهاء. وقال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية. وقال عياض: الجمهور على خلافه. وذكر النووي في "الأذكار" عن إمام الحرمين أنه نقل الإجماع على أن مريم ليست نبية، ونسبه في "شرح المهذب" لجماعة، وجاء عن الحسن البصري ليس في النساء نبية
ـــــــ
(1) ما بعد هذا تقدم في أول الباب الذي قبل هذا. قال مصحح طبعة بولاق: والنسخ التي بأيدينا متفقة على إثباته في المحلين مع تفاوت يسير جدا، وإنما أعادها هنا لمناسبة المقام لها.
(6/473)
ولا في الجن. وقال السبكي: اختلف في هذه المسألة ولم يصح عندي في ذلك شيء. قوله: "يقول أبو هريرة على أثر ذلك: ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط" في رواية لأحمد وأبي يعلى "وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مريم لم تركب بعيرا قط" أراد أبو هريرة بذلك أن مريم لم تدخل في النساء المذكورات بالخيرية لأنه قيدهن بركوب الإبل ومريم لم تكن ممن يركب الإبل، وكأنه كان يرى أنها أفضل النساء مطلقا. قوله: "تابعه ابن أخي الزهري وإسحاق الكلبي عن الزهري" أما متابعة ابن أخي الزهري وهو محمد بن عبد الله بن مسلم فوصلها أبو أحمد بن عدي في الكامل من طريق الدراوردي عنه، وأما متابعة إسحاق الكلبي فوصلها الزهري في "الزهريات" عن يحيى بن صالح عنه.
(6/474)
باب قوله { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق ، إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه ، فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم
...
عدد المشاهدات *:
477157
477157
عدد مرات التنزيل *:
152015
152015
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 15/07/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 15/07/2013