قوله : باب
( التسمى بقاضي القضاة ونحوه )
ذكر المصنف رحمه الله هذه الترجمة إشارة إلى النهى عن التسمى بقاضي القضاة قياساً على ما في حديث الباب . لكونه شبهه في المعنى فينهى عنه .
قوله : في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك ، لا مالك إلا الله - .
لأن هذا اللفظ إنما يصدق على الله تعالى . فهو ملك الأملاك لا ملك أعظم ولا أكبر منه . مالك الملك ذو الجلال والإكرام . وكل ملك يؤتيه الله من يشاء من عباده فهو عارية يسرع ردها إلى المعير . وهو الله تعالى ، ينزع الملك من ملكه تارة وينزع الملك منه تارة فيصير لا حقيقة له سوى اسم زال مسماه . وأما رب العالمين فملكه دائم كامل لا انتهاء له بيده القسط يخفضه ويرفعه ، ويحفظ على عباده أعمالهم بعلمه سبحانه وتعالى ، وما تكتبه الحفظة عليهم . فيجازى كل عامل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر . كما ورد في الحديث : - اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله . وإليك يرجع الأمر كله . أسألك من الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله - .
قوله : قال سفيان يعني ابن عيينة مثل شاهنشاه عند العجم عبارة عن ملك الأملاك . ولهذا مثل به سفيان لأنه عبارة عنه بلغة العجم .
قوله : وفي رواية : أغيظ رجل على الله وأخبثه .
قوله : أغيظ من الغيظ وهو مثل الغضب والبغض . فيكون بغيضا إلى الله مغضوباً عليه . والله أعلم .
قوله : وأخبثه وهو يدل أيضاً على أن هذا خبيث عند الله فاجتمعت في حقه هذه الأمور لتعاظمه في نفسه وتعظيم الناس له بهذه الكلمة التي هي من أعظم التعظيم ، فتعظمه في نفسه وتعظيم الناس له بما ليس له بأهل ، وضعه عند الله يوم القيامة . فصار أخبث الخلق وأبغضهم إلى الله وأحقرهم ، لأن الخبيث البغيض عند الله يكون يوم القيامة أحقر الخلق وأخبثهم ، لتعاظمه في نفسه على خلق الله بنعم الله .
قوله : أخنع : يعني أوضع هذا هو معنى أخنع فيفيد ما ذكرنا في معنى أغيظ أنه يكون حقيراً بغيضاً عند الله .
وفيه التحذير من كل ما فيه تعاظم . كما أخرج أبو داود عن أبي مجلذ قال : خرج معاوية رضي الله عنه على ابن الزبير وابن عامر . فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير . فقال معاوية لابن عامر : اجلس ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : - من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار - وأخرجه الترمذي أيضاً ، وقال حسن . وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : - خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على عصا ، فقمنا إليه . فقال : لا تقوموا كما تقوم الأعاجم ، يعظم بعضهم بعضاً - رواه أبو داود .
قوله : أغيظ رجل هذا من الصفات التي تمر كما جاءت ، وليس شئ مما ورد في الكتاب والسنة إلا ويجب اتباع الكتاب والسنة في ذلك وإثباته على وجه يليق بجلال الله وعظمته تعالى ، إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل كما تقدم ، والباب كله واحد . وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من الفرق الناجية من الثلاث والسبعين فرقة. وهذا التفرق والاختلاف إنما حدث في أواخر القرن الثالث وما بعده كما لا يخفى على من له معرفة بما وقع في الأمة من التفرق والاختلاف والخروج عن الصراط المستقيم ، والله المستعان .
عدد المشاهدات *:
594118
594118
عدد مرات التنزيل *:
107259
107259
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 01/03/2015