أهل البغي وهم الخارجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه فعلى المسلمين معونة إمامهم في دفعهم بأسهل ما يندفعون به
(وهم الخارجون على الإمام يريدون إزالته عن منصبه) ، وهم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام لتأويل سائغ، وفيهم منعة يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش، فهؤلاء هم البغاة، (فعلى المسلمين معونة إمامهم في دفعهم) عنه، واجتمعت الصحابة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - على قتال البغاة، وقاتل أبو بكر مانعي الزكاة، وعلي قاتل أهل البصرة يوم الجمل وأهل الشام يوم صفين وأهل النهروان، وروى عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «من أعطى إماما صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» رواه مسلم، وفي حديث أبي سعيد: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» (رواه مسلم) ، وفي حديث عرفجة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ستكون هنات وهنات - فرفع صوته - ألا من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان» (رواه مسلم) ، فمن اتفق المسلمون على إمامته، وبيعته إمامته، ثبتت ووجبت معونته لما ذكرنا من الحديث وإجماع الصحابة، وكذلك من ثبتت إمامته بعهد الذي قبله، فإن أبا بكر عهد إلى عمر فأقرت به الصحابة وأجمعوا على قبوله فصار إجماعا، ولو خرج رجل بسيفه على الناس حتى أقروا له بالطاعة وبايعوه صار إماما يحرم قتاله والخروج عليه لما في ذلك من
ص : 613
شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم، ويدخل الخارج عليه في عموم قوله: «من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان» ، وينبغي أن لا يقاتل البغاة حتى يراسلوا فيبعث إليهم من يكشف لهم الصواب، فإن لجوا قاتلهم؛ لأن الله سبحانه بدأ بالإصلاح فقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] ، وقد روي أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - راسل أهل البصرة قبل وقعة الجمل، وأمر أصحابه أن لا يبدأوهم بالقتال، ثم قال: إن هذا يوم من فلج فيه فلج يوم القيامة، ثم سمعهم يقولون: الله أكبر يا ثارات عثمان، فقال: اللهم أكب قتلة عثمان على وجوههم، وروى عبد الله بن شداد أن عليا بعث إلى الحرورية عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله عز وجل ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف، فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال، فإن أبوا وأمكن دفعهم بدون القتال بما هو أسهل لم يجز قتلهم؛ لأن المقصود دفعهم لا قتلهم.
(58) فإن آل إلى قتالهم أو تلف مالهم فلا شيء على الدافع
(59) وإن قتل الدافع كان شهيدا
(60) ولا يتبع لهم مدبر ولا يجهز على جريح
ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيئهم» (رواه الحاكم) ؛ ولأن المقصود كفهم ودفعهم - وقد حصل - فلم يجز قتلهم كالصائل.
ص : 614
(61) ولا يغنم لهم مال، ولا تسبى لهم ذرية
(62) ومن قتل منم غسل وكفن وصلي عليه
(63) ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفس أو مال
(64) وما أخذ البغاة حال امتناعهم من زكاة أو جزية أو خراج لم يعد عليهم ولا على الدافع إليهم
(65) ولا ينقض من حكم حاكمهم إلا ما ينقض من حكم غيره
ص : 615
453594
93331
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 11/02/2017