اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الخميس 10 شوال 1445 هجرية
? ?? ?????? ?????? ???? ????? ????????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ??????? ???? ?????? . ????? ?????? ????? ?????? ???? ?????? ? ????? ?????? ????? ?????? ???? ??????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????????????????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

ما دام

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :

1 : 1509 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا سرية، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهداة، بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه، لجأوا إلى موضع، فأحاط بهم القوم، فقالوا: انزلوا، فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا. فقال عاصم بن ثابت: أيها القوم، أما أنا فلا أنزل على ذمة كافر. اللهم أخبر عنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصمًا، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، منهم خبيب، وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم، فربطوهم بها، قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى فجروه وعالجوه، فأبى أن يصحبهم، فقتلوه، وانطلقوا بخبيب، وزيد بن الدثنة، حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبًا، وكان خبيب هو قتل الحارث يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها فأعارته، فدرج بني لها وهي غافلة حتى أتاه، فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب، فقال: أتخشين أن أقتله، ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيراً خيراً من خبيب، فوالله لقد وجدته يوماً يأكل قطفاً من عنب في يده، وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيباً، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه، فركع ركعتين، فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت: اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تبق منهم أحداً. وقال: فلست أبالي حين أقتل مسلماً ... على أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع وكان خبيب هو سن لكل مسلم صبراً الصلاة وأخبر - يعني النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيء منه يعرف وكان قتل رجلاً من عظمائهم، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئاً رواه البخاري. قوله: الهداة: موضع، والظلة: السحاب، والدبر: النحل. وقوله: اقتلهم بددا بكسر الباء وفتحها، فمن كسر، قال: هو جمع بدة بكسر الباء وهو النصيب، ومعناه اقتلهم حصصاً منقسمة لكل واحد منهم نصيب، ومن فتح، فقال: معناه: متفرقين في القتل واحدًا بعد واحد من التبديد. وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة سبقت في مواضعها من هذا الكتاب، منها حديث الغلام الذي كان يأتي الراهب والساحر، ومنها حديث جريج، وحديث أصحاب الغار الذين أطبقت عليهم الصخرة، وحديث الرجل الذي سمع صوتًا في السحاب يقول: اسق حديقة فلان، وغير ذلك والدلائل في الباب كثيرة مشورة، وبالله التوفيق.

Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
العقيدة
شرح العقيدة الطحاوية للإمام ابن أبي العز الحنفـي
وقوله : ( والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان ، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلاً ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، وكل يعمل لما [قد] فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ، والخير والشر مقدران على العباد )
الكتب العلمية


الكتب العلمية
ش : أما قوله : إن الجنة والنار مخلوقتان ، فاتفق أهل السنة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن ، ولم يزل أهل السنة على ذلك ، حتى نبغت نابغة من المعتزلة والقدرية ، فأنكرت ذلك ، وقالت : بل ينشئهما الله يوم القيامة ! ! وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله ، وأنه ينبغي أن يفعل كذا ، ولا ينبغي له أن يفعل كذا ! ! وقاسوه على خلقه في أفعالهم ، فهم مشبهة في الأفعال ، ودخل التجهم فيهم ، فصاروا مع ذلك معطلة ! وقالوا : خلق الجنة قبل الجراء عبث ! لأنها تصير معطلة مدداً متطاولة ! ! فردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة الباطلة التي وضعوها للرب تعالى ، وحرفوا النصوص عن مواضعها ، وضللوا وبدعوا من خالف شريعتهم .
فمن نصوص الكتاب : قوله تعالى عن الجنة : أعدت للمتقين . أعدت للذين آمنوا بالله ورسله . وعن النار : أعدت للكافرين . إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا . وقال تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى . وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى ، ورأى عندها جنة المأوى . كما في الصحيحين ، من حديث أنس رضي الله عنه ، في قصة الإسراء ، وفي آخره : ثم انطلق بي جبرائيل ، حتى أتى سدرة المنتهى ، فغشيها ألوان لا أدري ما هي ، قال : ثم دخلت الجنة ، فإذا هي جنابذ اللؤلؤ ، واذا ترابها المسك وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة . وتقدم حديث البراء بن عازب ، وفيه : ينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وافتحوا له باباً إلى الجنة ، قال : فيأتيه من روحها وطيبها . وتقدم حديث أنس بمعنى حديث البراء . وفي صحيح مسلم ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت الحديث ، وفيه : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم به ، حتى لقد رأيتني آخذ قطفاً من الجنة حين رأيتموني تقدمت ولقد رأيت النار يحطم بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرت . وفي الصحيحين ، واللفظ للبخاري ، عن عبد الله ابن عباس ، قال : انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر الحديث ، وفيه : فقالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك ، ثم رأيناك تكعكعت ؟ فقال : إني رأيت الجنة ، وتناولت عنقوداً ، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ، ورأيت النار ، فلم أر منظراً كاليوم قط أفظع ، ورأيت أكثر أهلها النساء ، قالوا : بم ، يا رسول الله ؟ قال : بكفرهن ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت خيراً قط ! ! وفي صحيح مسلم من حديث أنس : وايم الذي نفسي بيده ، لو رأيتم ما رأيت ، لضحكتم قليلاً وبكيتم كثيراً . قالوا : وما رأيت يا رسول الله ؟ قال : رأيت الجنة والنار وفي الموطأ والسنن ، من حديث كعب ابن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما نسمة المؤمن طير تعلق في شجر الجنة ، حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة . وهذا صريح في دخول الروح الجنة قبل يوم القيامة . وفي صحيح مسلم و السنن و المسند . من حديث أبي هريرة رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما خلق الله الجنة والنار ، أرسل جبرائيل إلى الجنة ، فقال : اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، فذهب فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها ، فرجع فقال : وعزتك ، لا يسمع بها أحد إلا دخلها ، فأمر بالجنة ، فحفت بالمكاره ، فقال : ارجع فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، قال : فنظر إليها ، ثم رجع فقال : وعزتك ، لقد خشيت أن لا يدخلها أحد ، قال : ثم أرسله إلى النار ، قال : اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها ، قال : فنظر إليها ، فإذا هي يركب بعضها بعضاً ، ثم رجع فقال : وعزتك ، لا يدخلها أحد سمع بها ، فأمر بها فحفت بالشهوات ، ثم قال : اذهب فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها ، فذهب فنظر إليها ، فرجع فقال : وعزتك ، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها .
ونظائر ذلك في السنة كثيرة .
وأما على قول من قال : إن الجنة الموعود بها هي الجنة التي كان فيها آدم ثم أخرج منها ، فالقول بوجودها الآن ظاهر ، والخلاف في ذلك معروف .
وأما شبهة من قال : إنها لم تخلق بعد ، وهي : أنها لو كانت مخلوقة الآن لوجب اضطراراً أن تفنى يوم القيامة وأن يهلك كل من فيها ويموت ، لقوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه . و كل نفس ذائقة الموت ، وقد روى الترمذي في جامعه ، من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقيت إبراهيم ليلة أسري بي ، فقال : يا محمد ، أقرىء أمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبة الماء ، وأنها قيعان ، وأن غراسها سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، قال : هذا حديث حسن غريب . وفيه أيضاً من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : من قال سبحان الله وبحمده ، غرست له نخلة في الجنة ، قال : هذا حديث حسن صحيح ، قالوا : فلو كانت مخلوقة مفروغاً منها لم تكن قيعاناً ، ولم يكن لهذا الغراس معنى . قالوا : وكذا قوله تعالى عن امرأة فرعون أنها قالت : رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة فالجواب : إنكم إن أردتم بقولكم إنها الآن معدومة بمنزلة النفخ في الصور وقيام الناس من القبور ، فهذا باطل ، يرده ما تقدم من الأدلة وأمثالها مما لم يذكر ، وإن أردتم أنها لم يكمل خلق جميع ما أعد الله فيها لأهلها ، وأنها لا يزال الله يحدث فيها شيئاً بعد شيء ، وإذا دخلها المؤمنون أحدث الله فيها عند دخولهم أموراً أخر- فهذا حق لا يمكن رده ، وأدلتكم هذه إنما تدل على هذا القدر . وأما احتجاجكم بقوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه ، فأتيتم من سوء فهمكم معنى الآية، واحتجاجكم بها على عدم وجود الجنة والنار الآن - نظير احتجاج إخوانكم على فنائهما وخرابهما وموت أهلهما ! ! فلم توفقوا أنتم لا إخوانكم لفهم معنى الآية ، وإنما وفق لذلك أئمة الاسلام . فمن كلامهم : أن المراد كل شيء مما كتب [الله] عليه الفناء والهلاك هالك ، والجنة والنار خلقتا للبقاء لا للفناء ، وكذلك العرش ، فإنه سقف الجنة . وقيل : المراد إلا ملكه . وقيل : إلا ما أريد به وجهه . وقيل : إن الله تعالى أنزل : كل من عليها فان ، فقالت الملائكة : هلك أهل الأرض ، وطمعوا في البقاء ، فأخبر تعالى عن أهل السماء والأرض أنهم يموتون ، فقال : كل شيء هالك إلا وجهه ، لأنه حي لا يموت ، فأيقنت الملائكة عند ذلك بالموت . وإنما قالوا ذلك توفيقاً بينها وبين النصوص المحكمة ، الدالة على بقاء الجنة ، وعلى بقاء النار أيضاً ، على ما يذكر عن قريب ، إن شاء الله تعالى .
وقوله : لا تفنيان أبدا ولا تبيدان - هذا قول جمهور الأئمة من السلف والخلف . وقال ببقاء الجنة وبفناء النار جماعة من السلف والخلف ، والقولان مذكوران في كثير من كتب التفسير وغيرها . قال بفناء الجنة والنار الجهم بن صفوان إمام المعطلة ، وليس له سلف قط ، لا من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ، ولا من أئمة المسلمين ، ولا من أهل السنة . وأنكره عليه عامة أهل السنة ، وكفروه به ، وصاحوا به وبأتباعه من أقطار الأرض . وهذا قاله لأصله الفاسد الذي اعتقده ، وهو امتناع وجود [ما] لا يتناهى من الحوادث ! وهو عمدة أهل الكلام المذموم ، التي استدلوا بها على حدوث الأجسام ، وحدوث ما لم يخل من الحوادث ، وجعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم . فرأى جهم أن ما يمنع من حوادث لا أول لها في الماضي ، يمنعه في المستقبل ! ! فدوام الفعل عنده على الرب في المستقبل ممتنع ، كما هو ممتنع عنده عليه في الماضي! ! وأبو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة ، وافقه على هذا الأصل ، لكن قال : إن هذا يقتضي فناء الحركات ، فقال بفناء حركات أهل الجنة والنار ، حتى يصيروا في سكون دائم ، لا يقدر أحد منهم على حركة ! ! وقد تقدم الإشارة إلى اختلاف النار في تسلسل الحوادث في الماضي والمستقبل ، وهي مسألة دوام فاعلية الرب تعالى ، وهو لم يزل رباً قادراً فعالاً لما يريد ، فإنه لم يزل حياً عليماً قديراً . ومن المحال أن يكون الفعل ممتنعا عليه لذاته ، ثم ينقلب فيصير ممكناً لذاته ، من غير تجدد [شيء] ، وليس للأول حد محدود حتى يصير الفعل ممكناً له عند ذلك الحد، ويكون قبله ممتنعاً عليه . فهذا القول تصوره كاف في الجزم بفساده .
فأما أبدية الجنة ، وأنها لا تفنى ولا تبيد ، فهذا مما يعلم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر به ، قال تعالى : وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ، أي غير مقطوع ، ولا ينافي [ذلك] قوله : إلا ما شاء ربك . واختلف السلف في هذا الإستثناء : فقيل : معناه إلا مدة مكثهم في النار ، وهذا يكون لمن دخل منهم إلى النار ثم أخرج منها ، لا لكلهم . وقيل : إلا مده مقامهم في الموقف . وقيل : إلا مدة مقامهم في القبور والموقف. وقيل : هو استثناء الرب ولا يفعله ، كما تقول : والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك ، وأنت لا تراه ، بل تجزم بضربه . وقيل : إلا بمعنى الواو ، وهذا على قول بعض النحاة ، وهو ضعيف . وسيبويه يجعل إلا بمعنى لكن ، فيكون الاستثناء منقطعاً ، ورجحه ابن جرير وقال : إن الله تعالى لا خلف لوعده ، وقد وصل الاستثناء بقوله : عطاء غير مجذوذ . قالوا : ونظيره أن تقول : أسكنتك داري حولاً إلا ما شئت ، أي سوى ما شئت ، ولكن ما شئت من الزيادة عليه . وقيل : الاستثناء لإعلامهم ، بأنهم مع خلودهم في مشيئة الله ، لأنهم يخرجون عن مشيئته ، ولا ينافي ذلك عزيمته وجزمه لهم بالخلود ، كما في قوله تعالى : ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلًا ، وقوله تعالى : فإن يشإ الله يختم على قلبك ، وقوله : قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به . ونظائره كثيرة ، يخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته ، ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن . وقيل : إن ما بمعنى من أي : إلا من شاء الله دخوله النار بذنوبه من السعداء . وقيل غير ذلك . وعلى كل تقدير ، فهذا الاستثناء من المتشابه ، وقوله : عطاء غير مجذوذ ، محكم . وكذلك قوله تعالى : إن هذا لرزقنا ما له من نفاد . وقوله : أكلها دائم وظلها . وقوله : وما هم منها بمخرجين . وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن ، وأخبر أنهم : لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ، وهذا الاستثناء منقطع ، وإذا ضممته إلى الإستثناء في قوله تعالى : إلا ما شاء ربك - تبين أن المراد من الآيتين استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود ، كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت ، فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية ، وذلك مفارقة للجنة تقدمت على خلودهم فيها .
والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيره : كقوله صلى الله عليه وسلم : من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت . وقوله : ينادي مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً ، وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً ، وأن تحيوا فلا تموتوا أبداً . وتقدم ذكر ذبح الموت بين الجنة والنار ، ويقال : يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار ، خلود فلا موت .
وأما أبدية النار ودوامها ، فللناس في ذلك ثمانية أقوال : أحدها : أن من دخلها لا يخرج منها أبد الآباد ، وهذا قول الخوارج والمعتزلة . والثاني : أن أهلها يعذبون فيها ، ثم تنقلب طبيعتهم وتبقى طبيعة النارية يتلذذون بها لموافقتها لطبعهم ! وهذا قول إمام الاتحادية ابن عربي الطائي ! ! الثالث : أن أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود ، ثم يخرجون منها ، ويخلفهم فيها قوم آخرون ، وهذا القول حكاه اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأكذبهم فيه ، وقد أكذبهم الله تعالى ، فقال عز من قائل : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون * بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . الرابع : يخرجون منها ، وتبقى على حالها ليس فيها أحد . الخامس : أنها تفنى بنفسها ، لأنها حادثة وما ثبت حدوثه استحال بقاؤه !! وهذا قول الجهم وشيعته ، ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والنار ، كما تقدم . السادس : تفنى حركات أهلها ويصيرون جماداً ، لا يحسون بألم ، وهذا قول أبي الهذيل العلاف كما تقدم . السابع : أن الله يخرج منها من يشاء ، كما ورد في الحديث ، ثم يبقيها شيئاً ، ثم يفنيها ، فإنه جعل لها أمداً تنتهي إليه . الثامن : أن الله تعالى يخرج منها من شاء ، كما ورد في السنة ، ويبقى فيها الكفار، بقاء لا انقضاء له ، كما قال الشيخ رحمه الله . وما عدا هذين القولين الأخيرين ظاهر البطلان .
وهذان القولان لأهل السنة ينظر في أدلتهما . فمن أدلة القول الأول منهما : قوله تعالى : قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم . وقوله تعالى . فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد . ولم يأت بعد هذين الاستثناءين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة ، وهو قوله : عطاء غير مجذوذ . وقوله تعالى : لابثين فيها أحقابا . وهذا القول ، أعني القول بفناء النار دون الجنة - منقول عن عمر ، و ابن مسعود ، و أبي هريرة ، و أبي سعيد ، وغيرهم . وقد روى عبد بن حميد في تفسيره المشهور ، بسنده إلى عمر رضي الله عنه ، أنه قال : لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج ، لكان لهم على ذلك وقت يخرجون فيه ، ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : لابثين فيها أحقاباً . قالوا : والنار موجب غضبه ، والجنة موجب رحمته . وقد قال صلى الله عليه وسلم : لما قضى الله الخلق ، كتب كتاباً ، فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي . وفي رواية : تغلب غضبي . رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . قالوا : والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه : عذاب يوم عظيم . و أليم . و عقيم . [ ولم يخبر ولا في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم . وقد قال تعالى : عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء . وقال تعالى حكاية عن الملائكة : ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً . فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين ، فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته . وقد ثبت في الصحيح تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة ، والمعذبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم ، وليس في حكمة أحكم الحاكيمن ورحمة أرحم الراحمين أن يخلق خلقاً يعذبهم أبد الآباد عذاباً سرمداً لا نهاية له . وأما أنه يخلق خلقاً ينعم عليهم ويحسن إليهم نعيماً سرمداً ، فمن مقتضى الحكمة . والإحسان مراد لذاته ، والانتقام مراد بالعرض . قالوا : وما ورد من الخلود فيها ، والتأبيد ، وعدم الخروج ، وأن عذابها مقيم ، وأنه غرام - : كله حق مسلم ، لا نزاع فيه ، وذلك يقتضي الخلود في دار العذاب ما دامت باقية ، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد . ففرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله ، وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه .
ومن أدلة القائلين ببقائها وعدم فنائها : قوله : ولهم عذاب مقيم . لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون . فلن نزيدكم إلا عذاباً . خالدين فيها أبداً . وما هم منها بمخرجين . وما هم بخارجين من النار . لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط . لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها . إن عذابها كان غراماً ، أي مقيماً لازماً . وقد دلت السنة المستفيضة أنه يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله : وأحاديث الشفاعة صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار، وأن هذا حكم مختص بهم ، فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم ، ولم يختص الخروج بأهل الإيمان . وبقاء الجنة والنار ليس لذاتهما ، بل بإبقاء الله لهما .
وقوله : وخلق لهما أهلاً - قال تعالى : ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس ، الآية . وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار ، فقلت : يا رسول الله ، طوبى لهذا ، عصفور من عصافير الجنة ، لم يعمل سوءاً ولم يدركه ، فقال : أو غير ذلك يا عائشة ، إن الله خلق للجنة أهلاً ، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلاً ، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم . رواه مسلم و أبو داود و النسائي . وقال تعالى : إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً . والمراد الهداية العامة ، وأعم منها الهداية المذكورة في قوله تعالى : الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . فالموجودات نوعان : أحدهما مسخر بطبعه ، والثاني متحرك بإرادته فهدى الأول لما سخره له طبيعة ، وهدى الثاني هداية إرادية تابعة لشعوره وعلمه بما ينفعه ويضره . ثم قسم هذا النوع إلى ثلاثة أنواع : نوع لا يريد إلا الخير ولا يتأتى منه إرادة سواه ، كالملائكة ، ونوع لا يريد إلا الشر ولا يتأتى منه إرادة سواه ، كالشياطين ، ونوع يتأتى منه إرادة القسمين ، كالإنسان . ثم جعله ثلاثة أصناف : صنفاً يغلب إيمانه ومعرفته وعقله هواه وشهوته ، فيلتحق بالملائكة . وصنفاً عكسه ، فيلتحق بالشياطين . وصنفاً تغلب شهوته البهيمية عقله ، فيلتحق بالبهائم . والمقصود : أنه سبحانه أعطى الوجودين : العيني والعلمي ، فكما أنه لا موجود إلا بإيجاده ، فلا هداية إلا بتعليمه ، وذلك كله من الأدلة على كمال قدرته ، وثبوت وحدانيته ، وتحقيق ربوبيته ، سبحانه وتعالى .
وقوله : فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، إلخ - مما يجب أن يعلم : أن الله تعالى لا يمنع الثواب إلا إذا منع سببه ، وهو العمل الصالح ، فإنه : من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما . وكذلك لا يعاقب أحداً إلا بعد حصول سبب العقاب ، فإن الله تعالى يقول : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير . وهو سبحانه المعطي المانع ، لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع .
لكن إذا من على الإنسان بالإيمان [والعمل] الصالح ، فلا يمنعه موجب ذلك أصلاً ، بل يعطيه من الثواب والقرب ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . وحيث منعه ذلك فلانتفاء سببه ، وهو العمل الصالح . ولا ريب أنه يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، لكن ذلك كله حكمة منه وعدل ، فمنعه للأسباب التي هي الأعمال الصالحة من حكمته وعدله . وأما المسببات بعد وجود أسبابها ، فلا يمنعها بحال ، إذا لم تكن أسباباً غير صالحة ، إما لفساد في العمل ، وإما لسبب يعارض موجبه ومقتضاه ، فيكون ذلك لعدم المقتضي ، أو لوجود المانع . وإذا كان منعه وعقوبته من عدم الإيمان والعمل الصالح ، وهو لم يعط ذلك [ ابتلاء ] وابتداء [ إلا ] حكمة منه وعدلاً . فله الحمد في الحالين ، وهو المحمود على كل حال ، كل عطاء منه فضل ، وكل عقوبة منه عدل ، فإن الله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها التي تصلح لها ، كما قال تعالى : وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته . وكما قال تعالى : وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين . ونحو ذلك . وسيأتي [ لذلك ] زيادة ، إن شاء الله تعالى

عدد المشاهدات *:
465935
عدد مرات التنزيل *:
94266
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 25/12/2012 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 25/12/2012

الكتب العلمية

روابط تنزيل : وقوله : ( والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان ، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلاً ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، وكل يعمل لما [قد] فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ، والخير والشر مقدران على العباد )
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
انسخ ترميز المادة  وقوله : ( والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان ، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلاً ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، وكل يعمل لما [قد] فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ، والخير والشر مقدران على العباد ) : swf امتداد
اضغط هنا لتنزيل البرنامج / المادةاضغط هنا لتنزيل  وقوله : ( والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان ، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلاً ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، وكل يعمل لما [قد] فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ، والخير والشر مقدران على العباد )
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  وقوله : ( والجنة والنار مخلوقتان ، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان ، فإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق ، وخلق لهما أهلاً ، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه ، ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه ، وكل يعمل لما [قد] فرغ له ، وصائر إلى ما خلق له ، والخير والشر مقدران على العباد ) لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1