/فصـل
وأما حال [أهل الصفة] هم وغيرهم من فقراء المسلمين الذين لم يكونوا في الصفة، أو كانوا يكونون بها بعض الأوقات، فكما وصفهم اللّه تعالى في كتابه، حيث بين مستحقي الصدقة منهم، ومستحقي الفيء منهم. فقال: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} إلى قوله: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 271: 273]. وقال في أهل الفيء: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8].
وكان فقراء المسلمين من أهل الصفة وغيرهم يكتسبون عند إمكان الاكتساب الذي لا يصدهم عما هو أوجب أو أحب إلى اللّه ورسوله من الكسب، وأما إذا أحصروا في سبيل اللّه عن الكسب، فكانوايقدمون ما هو أقرب إلى اللّه ورسوله، وكان أهل الصفة ضيوف /الإسلام، يبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون عنده، فإن الغالب كان عليهم الحاجة لا يقوم ما يقدرون عليه من الكسب بما يحتاجون إليه من الرزق.
وأما [المسألة] فكانوا فيها كما أدبهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث حرمها على المستغنى عنها، وأباح منها أن يسأل الرجل حقه، مثل أن يسأل ذا السلطان أن يعطيه حقه من مال اللّه،أو يسأل إذا كان لابد سائلًا الصاحلين الموسرين إذا احتاج إلى ذلك، ونهى خواص أصحابه عن المسألة مطلقًا، حتى كان السوط يسقط من يد أحدهم فلايقول لأحد: ناولني إياه.
وهذا الباب فيه أحاديث وتفصيل. وكلام العلماء لا يسعه هذا المكان. مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك) ومثل قوله: (من يستغن يغنه اللّّه ومن يستعفف يعفه اللّه، ومن يتصبر يصبره اللّه، وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) ومثل قوله: (من سأل الناس وله ما يغنيه جاءت مسألته خدوشا [خدوشا: خدش الجلد: قشره بعود أو نحوه. خدشه، يخدشه خدشا والجمع خُدُوش. اننظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/14]، أو خموشا [خموشا: هو بمعنى الخدوش. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لا بن الأثير 2/80]، أو كدوشا [كدوشا: الكدش: الجرح. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 4/155] (في وجهه) ومثل قوله: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) إلى غير ذلك من الأحاديث.
/وأما الجائز منها فمثل ما أخبر اللّه تعالى عن موسى والخضر: أنهما أتيا أهل قرية فاستطعما أهلها. ومثل قوله: (لا تحل المسألة إلا لذي دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع [مدقع: أى: شديد يفضى بصاحبه إلى الدقعاء. وقيل: هو سوء احتمال الفقر. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر 2/127]) ومثل قوله لقبيصة بن مخارق الهلالي: (يا قبيصة! لا تحل المسألة إلا لثلاثة: رجل أصابته جائحه [جائحة: الجائحة هى الآفة التى تهلك الثمار والأموال وتستأصلها. انظر: اللسان، مادة [جوح] ] اجتاحت ماله: فسأل حتى يجد سدادا [السداد: هو مايفى من الشىء وماتسد بها الحاجة انظر: النهاية 2/353] من عيش، أو قواما [قواما من عيش: أى يجد ماتقوم به حاجته من معيشة. انظر: النهاية 4/124] من عيش، ثم يمسك. ورجل أصابته فاقة [ فاقة: فقر وحاجة. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 3/480]، حتي يقوم ثلاثة من ذوي الحجا [الحجا: العقل. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/348 ] من قومه فيقولون: لقد أصابت فلانًا فاقة، فسأل حتى يجد سدادا من عيش، أو قوامًا من عيش، ثم يمسك، ورجل تحمل حمالة فسأل حتي يجد حمالته، ثم يمسك. وما سوى ذلك من المسألة فإنما هي سحت يأكله صاحبه سحتًا [السحت: الحرام. الذى لايحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/345]).
ولم يكن في الصحابة - لا أهل الصفة ولا غيرهم - من يتخذ مسألة الناس، ولا الإلحاف في المسألة بالكدية، والشحاذة لا بالزنبيل ولا غيره صناعة وحرفة، بحيث لا يبتغي الرزق إلا بذلك، كما لم يكن في الصحابة أيضا أهل فضول من الأموال يتركون، لا يؤدون الزكاة ولا ينفقون أموالهم في سبيل الله، ولا يعطون في النوائب. بل هذان الصنفان الظالمان المصران على الظلم الظاهر، من مانعي الزكاة، والحقوق الواجبة، والمتعدين حدود اللّه تعالى في أخذ أموال الناس كانا معدومين في الصحابة المثنى عليهم.
وأما حال [أهل الصفة] هم وغيرهم من فقراء المسلمين الذين لم يكونوا في الصفة، أو كانوا يكونون بها بعض الأوقات، فكما وصفهم اللّه تعالى في كتابه، حيث بين مستحقي الصدقة منهم، ومستحقي الفيء منهم. فقال: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} إلى قوله: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 271: 273]. وقال في أهل الفيء: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8].
وكان فقراء المسلمين من أهل الصفة وغيرهم يكتسبون عند إمكان الاكتساب الذي لا يصدهم عما هو أوجب أو أحب إلى اللّه ورسوله من الكسب، وأما إذا أحصروا في سبيل اللّه عن الكسب، فكانوايقدمون ما هو أقرب إلى اللّه ورسوله، وكان أهل الصفة ضيوف /الإسلام، يبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون عنده، فإن الغالب كان عليهم الحاجة لا يقوم ما يقدرون عليه من الكسب بما يحتاجون إليه من الرزق.
وأما [المسألة] فكانوا فيها كما أدبهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث حرمها على المستغنى عنها، وأباح منها أن يسأل الرجل حقه، مثل أن يسأل ذا السلطان أن يعطيه حقه من مال اللّه،أو يسأل إذا كان لابد سائلًا الصاحلين الموسرين إذا احتاج إلى ذلك، ونهى خواص أصحابه عن المسألة مطلقًا، حتى كان السوط يسقط من يد أحدهم فلايقول لأحد: ناولني إياه.
وهذا الباب فيه أحاديث وتفصيل. وكلام العلماء لا يسعه هذا المكان. مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك) ومثل قوله: (من يستغن يغنه اللّّه ومن يستعفف يعفه اللّه، ومن يتصبر يصبره اللّه، وما أعطى أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) ومثل قوله: (من سأل الناس وله ما يغنيه جاءت مسألته خدوشا [خدوشا: خدش الجلد: قشره بعود أو نحوه. خدشه، يخدشه خدشا والجمع خُدُوش. اننظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/14]، أو خموشا [خموشا: هو بمعنى الخدوش. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لا بن الأثير 2/80]، أو كدوشا [كدوشا: الكدش: الجرح. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 4/155] (في وجهه) ومثل قوله: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه) إلى غير ذلك من الأحاديث.
/وأما الجائز منها فمثل ما أخبر اللّه تعالى عن موسى والخضر: أنهما أتيا أهل قرية فاستطعما أهلها. ومثل قوله: (لا تحل المسألة إلا لذي دم موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع [مدقع: أى: شديد يفضى بصاحبه إلى الدقعاء. وقيل: هو سوء احتمال الفقر. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر 2/127]) ومثل قوله لقبيصة بن مخارق الهلالي: (يا قبيصة! لا تحل المسألة إلا لثلاثة: رجل أصابته جائحه [جائحة: الجائحة هى الآفة التى تهلك الثمار والأموال وتستأصلها. انظر: اللسان، مادة [جوح] ] اجتاحت ماله: فسأل حتى يجد سدادا [السداد: هو مايفى من الشىء وماتسد بها الحاجة انظر: النهاية 2/353] من عيش، أو قواما [قواما من عيش: أى يجد ماتقوم به حاجته من معيشة. انظر: النهاية 4/124] من عيش، ثم يمسك. ورجل أصابته فاقة [ فاقة: فقر وحاجة. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 3/480]، حتي يقوم ثلاثة من ذوي الحجا [الحجا: العقل. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/348 ] من قومه فيقولون: لقد أصابت فلانًا فاقة، فسأل حتى يجد سدادا من عيش، أو قوامًا من عيش، ثم يمسك، ورجل تحمل حمالة فسأل حتي يجد حمالته، ثم يمسك. وما سوى ذلك من المسألة فإنما هي سحت يأكله صاحبه سحتًا [السحت: الحرام. الذى لايحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير 2/345]).
ولم يكن في الصحابة - لا أهل الصفة ولا غيرهم - من يتخذ مسألة الناس، ولا الإلحاف في المسألة بالكدية، والشحاذة لا بالزنبيل ولا غيره صناعة وحرفة، بحيث لا يبتغي الرزق إلا بذلك، كما لم يكن في الصحابة أيضا أهل فضول من الأموال يتركون، لا يؤدون الزكاة ولا ينفقون أموالهم في سبيل الله، ولا يعطون في النوائب. بل هذان الصنفان الظالمان المصران على الظلم الظاهر، من مانعي الزكاة، والحقوق الواجبة، والمتعدين حدود اللّه تعالى في أخذ أموال الناس كانا معدومين في الصحابة المثنى عليهم.
عدد المشاهدات *:
464980
464980
عدد مرات التنزيل *:
263408
263408
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 18/04/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 18/04/2013