فصل ( بروز السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ) .
 
فلما تمهدت البلاد ولم يبق بها رأس من الدولة العبيدية برز السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف في الجيوش التركية قاصدا البلاد الشامية وذلك حين مات سلطانها نور الدين محمود بن زنكي وأخيف سكانها وتضعضعت اركانها واختلف حكامها وفسد نقضها وإبرامها وقصده جمع شملها والإحسان إلى أهلها وأمن سهلها وجبلها ونصرة الإسلام ودفع الطغام وإظهار القرآن وإخفاء سائر الأديان وتكسير الصلبان في رضى الرحمن وإرغام الشيطان فنزل البركة في مستهل صفر وأقام بها حتى اجتمع عليه العسكر واستناب على مصر أخاه أبا بكر ثم سار إلى بلبيس في الثالث عشر من ربيع الأول فدخل مدينة دمشق في يوم الإثنين سلخ ربيع الأول ولم ينتطح فيها عنزان ولا اختلف عليه سيفان وذلك أن نائبها شمس الدين بن مقدم كان قد كتب إليه أولا فأغلظ له في الكتاب فلما رأى أمره متوجها جعل يكاتبه ويستحثه على القدوم إلى دمشق ويعده بتسليم البلد فلما رأى الجد لم يمكنه المخالفة فسلم البلد إليه بلا مدافعة فنزل السلطان أولا في دار والده دار العقيلي التي بناها الملك الظاهر بيبرس مدرسة وجاء أعيان البلد للسلام عليه فرأوا منه غاية الإحسان وكان نائب القلعة إذ ذاك الطواشي ريحان فكاتبه وأجزل نواله حتى سلمها إليه ثم نزل إليه فأكرمه واحترمه ثم أظهر السلطان أنه أحق الناس بتربية ولد نور الدين لما لنور الدين عليهم من الإحسان المتين وذكر أنه خطب لنور الدين بالديار المصرية ثم إن السلطان عامل الناس بالإحسان وأمر بإبطال ما أحدث بعد نور الدين من المكوس والضرائب وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولله عاقبة الأمور

الموضوع التالي


فصل