ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وستمائة
 
في يوم الاثنين ثاني المحرم منها درس الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني بدار الحديث السكرية التي بالقصاعين وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي الشافعي والشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية والشيخ زين الدين ابن المرحل وزين الدين بن المنجا الحنبلي وكان درسا هائلا وقدكتبه الشيخ تاج الدين الفزاري بخطه لكثرة فوائده وكثرة ما استحسنه الحاضرون وقد أطنب الحاضرون في شكره على حداثة سنه وصغره فإنه كان عمره إذ ذاك عشرين سنة وسنتين ثم جلس الشيخ تقي الدين المذكور أيضا يوم الجمعة عاشر صفر بالجامع الاموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هيء له لتفسير القرآن العزيز فابتدأ من أوله في تفسيره وكان يجتمع عنده الخلق الكثير والجم الغفير من كثرة ما كان يورد من العلوم المتنوعة المحررة مع الديانة والزهادة والعبادة سارت بذكره الركبان في سائر الاقاليم والبلدان واستمر على ذلك مدة سنين متطاولة
وفيها قدم السلطان إلى دمشق من مصر يوم السبت ثاني عشر جمادي الاخرة فجاء صاحب حماة الملك المنصور إلى خدمته فتلقاه السلطان في موكبه وأكرمه فلما كان ليلة الاربعاء الرابع والعشرين من شعبان وقع مطر عظيم بدمشق ورعد وبرق وجاء سيل عظيم جدا حتى كسر أقفال باب الفراديس وارتفع الماء ارتفاعا كثيرا بحيث اغرق خلقا كثيرا وأخذ جمال الجيش المصري واثقالهم فخرج السلطان إلى الديار المصرية بعد ثلاثة أيام وتولى مشد الدواوين الامير شمس الدين سنقر عوضا عن الدويدراي علم الدين سنجر وفيها اختلف التتار فيما بينهم على ملكهم
السلطان أحمد فعزلوه عنهم وقتلوه وملكوا عليهم السلطان أرغون بن أبغا ونادوا بذلك في جيشهم وتأطدت أحوالهم ومشت أمورهم على ذلك وبادت دولة السلطان أحمد وقامت دولة أرغون بن أبغا وممن توفي فيها من الاعيان