ثم دخلت سنة ست وثمانين وستمائة
 
في أول المحرم ركبت العساكر صحبة نائب الشام حسام الدين لاحين إلى معصارة صهيون وحصن برزية فما نعمهم الامير سيف الدين سنقر الاشقر فلم يزالوا به حتى استنزلوه وسلمهم البلاد وسار إلى خدمة السلطان الملك المنصور فتلقاه بالإكرام والاحترام وأعطاه تقدمة ألف فارس ولم يزل معظما في الدولة المنصورية إلى آخرها وانقضت تلك الاحوال وفي النصف من المحرم حكم القاضي جلال الدين الحنفي نيابة عن أبيه حسام الدين الرازي وفي الثالث عشر من ربيع الاول قدم القاضي شهاب الدين محمد بن القاضي شمس الدين بن الخليل الخوي من القاهرة على قضاء قضاة دمشق وقرئ تقليده يوم الجمعة مستهل ربيع الاخر واستمر بنيابة شرف الدين المقدسي وفي يوم الاحد ثالث شوال درس بالرواحية الشيخ صفي الدين الهندي وحضر عنده القضاة والشيخ تاج الدين الفزاري وعلم الدين الدويداري وتولى قضاء قضاة القاهرة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الاعز عوضا عن برهان الدين الخضر السنجاري وقد كان وليها شهرا بعد ابن الخوي
فاجتمع حينئذ إلى ابن بنت الاعز بين القضاءكله بالديار المصرية وذلك في أوائل صفر منها
وفيها استدعى سيف الدين السامري من دمشق إلى الديار المصرية ليشترى منه ربع جزر ماء الذي اشتراه من بنت الملك الاشرف موسى فذكر لهم أنه وقفة وكان المتكلم في ذلك علم الدين الشجاعي وكان ظالما وكان قد استنابه الملك المنصور بديار مصر وجعل يتقرب إليه بتحصيل الاموال ففتق لهم ناصر الدين محمد بن عبد الرحمن المقدسي أن السامري اشترى هذا من بنت الاشرف وهي غير رشيدة وأثبت سفهها على زين الدين بن مخلوف الجائر الجاهل وأبطل البيع من أصله واسترجع على السامري بمغل مدة عشرين سنة مائتي ألف درهم وأخذوا منه حصة من الزنبقية قيمتها سبعين ألفا وعشرة آلاف مكملة وتركوه فقيرا على بردا لديار ثم أثبتوا رشدها واشتروا منها تلك الحصص بما أرادوه ثم أرادوا أن يستدعوا بالدماشقة واحدا بعد واحد ويصادرونهم وذلك أنه بلغهم أن من ظلم بالشام لا يفلح وأن من ظلم بمصر أفلح وطالت مدته وكانوا يطلبونهم إلى مصر أرض الفراعنة والظلم فيفعلون معهم ما أرادوا وممن توفي فيها من الاعيان