النوع الأول في معرفة المكي والمدني
 
النوع الأول أفرده بالتصنيف جماعة منهم مكي والعز الديريني ،ومن فوائد معرفة ذلك العلم بالمتأخر فيكون ناسخاً أومخصصاً على رأي من يرى تأخير المخصص‏.‏
قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري في كتاب التنبيه على فضل علوم القرآن‏:‏ من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة والمدينة وما نزل بمكة وحكمه مدني وما نزل بالمدينة وحكمه مكي وما نزل بمكة في أهل المدينة وما نزل بالمدينة في أهل مكة وما يشبه نزول المكي في المدني وما يشبه نزول المدني في المكي وما نزل بالجحفة وما نزل ببيت أهل المقدس وما نزل بالطائف وما نزل بالحديبية وما نزل ليلاً وما نزل نهاراً وما نزل مشيعاً وما نزل مفرداً والآيات المدنيات في السور المكية والآيات المكيات في السور المدنية وما حمل من مكة إلى المدينة وما حمل من المدينة إلى مكة وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة وما نزل مجملاً وما نزل مفسراً وما اختلفوا فيه فقال بعضهم مدني وبعضهم مكي‏.‏ فهذه خمسة وعشرون وجهاً من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى انتهى‏.‏قلت‏:‏ وقد أشبعت الكلام على هذه الأوجه‏.‏فمنها ما أفردته بنوع ومنها ما تكلمت عليه في ضمن بعض الأنواع‏.‏
وقال ابن العربي في كتابه الناسخ والمنسوخ‏:‏ الذي علمناه على الجملة من القرآن أن منه مكياً ومدنياً وسفرياً وحضرياً وليلياً ونهارياً وسمائياً وأرضياً وما نزل بين السماء والأرض وما نزل تحت الأرض في الغار‏.‏ وقال ابن النقيب في مقدمة تفسيره‏:‏ المنزل من القرآن على أربعة أقسام‏:‏ مكي ومدني وما بعضه مكي وبعضه مدني وما ليس بمكي ولا مدني‏.‏
اعلم أن للناس في المكي والمدني اصطلاحات ثلاثة‏:‏ أشهرها أن المكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعدها سواء نزل بمكة أم بالمدينة عام الفتح أوعام حجة الوداع أم بسفر من الأسفار‏.‏
أخرج عثمان بن سعيد الرازي بسنده إلى يحيى بن سلام قال‏:‏ ما نزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فهومن المكي‏.‏
وما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره بعد ما قدم المدينة فهومن المدني‏.‏ وهذا أثر لطيف يؤخذ منه أن ما نزل في سفر الهجرة مكي اصطلاحاً‏.‏
الثاني‏:‏ أن المكي ما نزل بمكة ولوبعد الهجرة والمدني ما نزل بالمدينة وعلى هذا نثبت الواسطة فما نزل بالأسفار لا يطلق عليه مكي ولا مدني‏.‏
وقد أخرج الطبراني في الكبير من طريق الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة‏:‏ مكة والمدينة والشام قال الوليد‏:‏ يعني بيت المقدس‏.‏ وقال الشيخ عماد الدين بن كثير‏:‏ بل تفسيره بتبوك أحسن‏.‏قلت‏:‏ ويدخل في مكة ضواحيها كالمنزل بمنى وعرفات والحديبية وفي المدينة ضواحيها كالمنزل ببدر وأحد وسلع‏.‏
الثالث‏:‏ أن المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة والمدني ما وقع خطاباً لأهل المدينة وحمل على هذا قول ابن مسعود الآني‏.‏
قال القاضي أبو بكر في الانتصار‏:‏ إنما يرجع في معرفة المكي والمدني لحفظ الصحابة والتابعين ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قول لأنه لم يؤمر به ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ فقد يعرف ذلك بغير نص الرسول انتهى‏.‏
وقد أخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال‏:‏ والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله تعالى إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت‏.‏
وقال أيوب‏:‏ سأل رجل عكرمة عن آية في القرآن فقال‏:‏ نزلت في سفح ذلك الجبل وأشار إلى سلع‏.‏
أخرجه أبو نعيم في الحلية وقد ورد عن ابن عباس وغيره عدا المكي والمدني وأنا أسوق ما وقع لي من ذلك ثم أعقبه بتحرير ما اختلف فيه‏.‏
قال ابن سعد في الطبقات‏:‏ أنبأنا الواقدي حدثني قدامة بن موسى عن أبي سلمة الحضرمي سمعت ابن عباس قال‏:‏ سألت أبيّ بن كعب عما نزل في القرآن بالمدينة فقال‏:‏ نزل بها سبع وعشرون سورة وسائرها بمكة‏.‏
وقال أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ‏:‏ حدثني يموت بن المزرع حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني أنبأنا أبو عبيدة معمر بن المثنى ثنا يونس بن حبيب سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول‏:‏ سألت مجاهداً عن تلخيص آي القرآن المدني من المكي فقال‏:‏ سألت ابن عباس عن ذلك فقال‏:‏ سورة الأنعام نزلت بمكة جملة واحدة فهي مكية إلا ثلاث آيات منها نزلن بالمدينة ‏{‏قل تعالوا أتل‏}‏ إلى تمام الآيات الثلاث وما تقدم من السور مدنيات‏.‏
ونزلت بمكة سورة الأعراف ويونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل سوى ثلاث آيات من آخرها فإنهن نزلن بيم مكة والمدينة في منصرفه من أحد‏.‏
وسورة بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء والحج سوى ثلاث آيات ‏{‏هذان خصمان‏}‏ إلى تمام لآيات الثلاث فإنهن نزلن بالمدينة‏.‏
وسورة المؤمنين والفرقان وسورة الشعراء سوى خمس آيات من آخرها نزلن بالمدينة‏.‏
والشعراء يتبعهم الغاوون إلى آخرها وسورة النمل والقصص والعنكبوت والروم ونقمان سوى ثلاث آيات منها نزلن بالمدينة ‏{‏ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام‏}‏ إلى تمام الآيات‏.‏
وسورة السجدة سوى ثلاث آيات ‏{‏أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً‏}‏ إلى تمام الآيات الثلاث‏.‏وسورة سبأ وفاطر ويس والصافات وص والزمر سوى ثلاث آيات نزلن بالمدينة في وحشي قاتل حمزة ‏{‏يا عبادي الذين أسرفوا‏}‏ إلى تمام الآيات الثلاث‏.‏ والحواميم السبع وق والذاريات والطور والنجم والقمر والرحمن والواقعة والصف والتغابن إلا آيات من آخرها نزلن بالمدينة والملك ون والحاقة وسأل وسورة نوح والجن والمزمل إلا آيتين ‏{‏إن ربك يعلم أنك تقوم‏}‏ والمدثر إلى آخر القرآن إلا إذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فإنهن مدنيات‏.‏ ونزل بالمدينة سورة الأنفال وبراءة والنور والأحزاب وسورة محمد والفتح والحجرات والحديد وما بعدها إلى التحريم‏.‏
هكذا أخرجه بطوله وإسناده جيد رجاله كلهم ثقات من علماء العربية المشهورين‏.‏
وقال البيهقي في دلائل النبوة‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد بن زياد العدل‏.‏
حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي حدثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه حدثني يزيد النحوي عن عكرمة والحسين بن أبي الحسن قالا‏:‏ أنزل الله من القرآن بمكة‏:‏ اقرأ باسم ربك ون والمدثر وتبت يدا أبي لهب وإذا الشمس كورت وسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والفجر والضحى وألم نشرح والعصر والعاديات والكوثر وألهاكم التكاثر وأرأيت وقل يا أيها الكافرون وأصحاب الفيل والفلق وقل أعوذ برب الناس وقل هو الله أحد والنجم وعبس وإنا نزلناه والشمس وضحاها والسماء ذات البروج والتين والزيتون ولإيلاف قريش والقارعة ولا أقسم بيوم القيامة والهمزة والمرسلات وق ولا أقسم بهذا البلد والسماء والطارق واقتربت الساعة وص والجن ويس والفرقان والملائكة وطه والواقعة وطسم وطس وطسم وبني إسرائيل والتاسعة وهود ويوسف وأصحاب الحجر والأنعام والصافات ولقمان وسبأ والزمر وحم المؤمن وحم الدخان وحم السجدة وحمعسق وحم الزخرف والجاثية والأحقاف والذاريات والغاشية وأصحاب الكهف والنحل ونوح وإبراهيم والأنبياء والمؤمنون وألم السجدة والطور وتبارك والحاقة وسأل وعم يتساءلون والنازعات وإذا السماء انشقت وإذا السماء انفطرت والروم والعنكبوت‏.‏
وما نزل بالمدينة‏:‏ ويل للمطففين والبقرة وآل عمران والأنفال والأحزاب والمائدة والممتحنة والنساء وإذا زلزلت والحديد ومحمد والرعد والرحمن وهل أتى على الإنسان والطلاق ولم يكن والحشر وإذا جاء نصر الله والنور والحج والمنافقون والمجادلة والحجرات ويا أيها النبي لم تحرم والصف والجمعة والغابن والفتح وبراءة‏.‏
قال البيهقي‏:‏ والتاسعة يريد بها سورة ابن أحمد بن سبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار وحدثنا محمد بن الفضل حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي حدثنا خصيف عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال‏:‏ إن أول ما أنزل الله على نبيه من القرآن اقرأ باسم ربك‏.‏
فذكر معنى هذا الحديث وذكر السور التي سقطت من الرواية الأولى في ذكر ما نزل بمكة وقال‏:‏ والحديث شاهد في تفسير مقاتل وغيره مع المرسل الصحيح الذي تقدم وقال ابن الضريس في فضائل القرآن‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي أنبأنا عمر بن هارون حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه ابن عباس قال‏:‏ كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ما شاء‏.‏
وكان أول ما أنزل من القرآن اقرأ باسم ربك ثم ن ثم يا أيها المزمل ثم يا أيها المدثر ثم تبت يدا أبي لهب ثم إذا الشمس كورت ثم سبح اسم ربك الأعلى ثم والليل إذا يغشى ثم والفجر ثم والضحى ثم ألم نشرح ثم والعصر ثم والعاديات ثم إنا أعطيناك ثم ألهاكم التكاثر ثم أرأيت الذي يكذب ثم قل يا أيها الكافرون ثم ألم تر كيف فعل ربك ثم قل أعوذ برب الفلق ثم قل أعوذ برب الناس ثم قل هو الله أحد ثم والنجم ثم عبس ثم إنا أنزلناه في ليلة القدر ثم والشمس وضحاها ثم والسماء ذات البروج ثم والتين ثم لإيلاف قريش ثم القارعة ثم لا أقسم بيوم القيامة ثم ويل لكل همزة ثم والمرسلات ثم ق ثم لا أقسم بهذا البلد ثم والسماء والطارق ثم اقتربت الساعة ثم ص ثم الأعراف ثم قل أوحى ثم يس ثم الفرقان ثم الملائكة ثم كهيعص ثم طه ثم الواقعة ثم طسم الشعراء ثم طس ثم القصص ثم بني إسرائيل ثم يونس ثم هود ثم يوسف ثم الحجر ثم الأنعام ثم الصافات ثم لقمان ثم سبأ ثم الزمر ثم حم المؤمن ثم حم السجدة ثم حمعسق ثم حم الزخرف ثم الدخان ثم الجاثية ثم الأحقاف ثم الذاريات ثم الغاشية ثم الكهف ثم النحل ثم إنا أرسلنا نوحاً ثم سورة الأنبياء ثم المؤمنين ثم تنزيل السجدة ثم الطور ثم تبارك الملك ثم الحاقة ثم عم يتساءلون ثم النازعات ثم إذا السماء انفطرت ثم إذا السماء انشقت ثم الروم ثم العنكبوت ثم ويل للمطففين فهذا ما أنزل الله بمكة‏.‏
ثم أنزل بالمدينة سورة البقرة ثم الأنفال ثم آل عمران ثم الأحزاب ثم الممتحنة ثم النساء ثم إذا زلزلت ثم الحديد ثم القتال ثم الرعد ثم الرحمن ثم الإنسان ثم الطلاق ثم لم يكن ثم الحشر ثم إذا جاء نصر الله ثم النور ثم الحج ثم المنافقون ثم المجادلة ثم الحجرات ثم التحريم ثم الجمعة ثم التغابن ثم الصف ثم الفتح ثم المائدة ثم براءة‏.‏
وقال أبو عبيد في فضائل القرآن‏:‏ حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة قال‏:‏ نزلت بالمدينة سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والحج والنور والأحزاب والذين كفروا والفتح والحديد والمجادلة والحشر والممتحنة والحواريين يريد الصف والتغابن ويا أيها النبي إذا طلقتم النساء ويا أيها النبي لم تحرم والفجر والليل وإنا أنزلناه في ليلة القدر ولم يكن وإذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وسائر ذلك بمكة‏.‏
وقال أبو بكر الأنباري‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي نبأنا حجاج بن منهال نبأنا همام عن قتادة قال‏:‏ نزل في المدينة من القرآن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وبراءة والرعد والنحل والحج والنور والأحزاب ومحمد والفتح والحجات والحديد والرحمن والمجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة والمنافقون والتغابن والطلاق ويا أيها النبي لم تحرم إلى رأس العشر وإذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وسائر القرآن نزل بمكة‏.‏
قال أبو الحسن بن الحصار في كتابه الناسخ والمنسوخ‏:‏ المدني باتفاق عشرون سورة والمختلف فيها اثنتا عشر سورة وما عدا ذلك مكي باتفاق‏.‏
ثم يا سائلي عن كتاب الله مجتهداً وعن ترتيب ما يتلى من السور وكيف جاء بها المختار من مضر صلى الإله على المختار من مضر وما تقدم منها قبل هجرته وما تأخر في بدووفي حضر ليعلم النسخ والتخصيص مجتهد يؤيد الحكم بالتاريخ والنظر تعارض النقل في أم الكتاب وقد تؤولت الحجر تنبيها لمعتبر أم القرآن وفي أم القرى نزلت ما كان للخمس قبل الحمد من أثر وبعد هجرة خير الناس قد نزلت عشرون من سور القرآن في عشر فأربع من طوال السبع أولها وخامس الخمس في الأنفال ذي العبر وتوبة الله إن عدت فسادسة وسورة النور والأحزاب الغر في غرر ثم الحديد ويتلوها مجادلة والحشر ثم امتحان الله للبشر وسورة فضح الله النفاق بها وسورة الجمع تذكاراً لمدكر وللطلاق وللتحريم حكمهما والنصر والفتح تنبيها على العمر وسورة للحواريين قد علمت ثم التغابن والتطفيف ذوالنذر وليلة القدر قد خصت بملتنا ولم يكن بعدها الزلزال فاعتبر وقل هو الله من أوصاف خالقنا وعوذتان ترد الباس بالقدر وذا الذي اختلفت فيه الرواة له وربما استثنيت آي من السور وما سوى ذاك مكي تنزله فلا تكن من خلاف الناس في صر فليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلاف له حظ من النظر فصل في تحرير السور المختلف فيها سورة الفاتحة الأكثرون على أنها مكية بل ورد أنها أول ما نزل كما سيأتي في النوع الثاني‏.‏
وسورة الحجر مكية باتفاق وقد امتن على رسوله فيها بها فدل على تقدم نزول الفاتحة عليها إذ يبعد أن يمتن عليهما لم ينزل بعد وبأنه لا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة ولم يحفظ أنه كان في الإسلام صلاة بغير الفاتحة ذكره ابن عطية وغيره‏.‏
وقد روى الواحدي والثعلبي من طريق العلاء بن المسيب عن الفضل بن عمروعن علي ابن أبي طالب قال‏:‏ نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش‏.‏واشتهر عن مجاهد القول بأنها مدنية أخرجه الفرياني في تفسيره وأبو عبيد في الفضائل بسند صحيح عنه‏.‏ قال الحسين بن الفضل‏:‏ هذه هفوة من مجاهد لأن العلماء على خلاف قوله‏.‏
وقد نقل ابن عطية القول بذلك عن الزهري وعطاء وسوادة بن زياد وعبد الله بن عبيد بن عمير وورد عن أبي هريرة بإسناد جيد‏.‏
قال الطبراني في الأوسط‏:‏ حدثنا عبيد بن غنام أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة أنبأنا أبو الأحوص عن منصور عن مجاهد عن أبي هريرة‏:‏ أن إبليس رن حين أنزلت فاتحة الكتاب وأنزلت بالمدينة ويحتمل أن الجملة الأخيرة مدرجة من قول مجاهد وذهب بعضهم إلى أنها أنزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة مبالغة في تشريفها‏.‏
وفيها قول رابع أنها نزلت نصفين نصفها بمكة ونصفها بالمدينة حكاه أبو ليث السمرقندي‏.‏
سورة النساء زعم النحاس أنها مكية مستنداً إلى أن قوله‏:‏ ‏{‏إن الله يأمركم‏}‏ الآية نزلت بمكة اتفاقاً في شأن مفتاح الكعبة وذلك مستند واه لأنه لا يلزم من نزول آية أو آيات من سورة طويلة نزل معظمها بالمدينة أن تكون مكية خصوصاً أن الأرجح أن ما نزل بعد الهجرة مدني ومن راجع أسباب نزول آياتها عرف الرد عليه‏.‏
ومما يرد عليه أيضاً ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت‏:‏ ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده ودخولها عليه كان بعد الهجرة اتفاقاً‏.‏ وقيل نزلت عند الهجرة‏.‏
سورة يونس المشهور أنها مكية‏.‏ وعن ابن عباس روايتان‏:‏ فتقدم في الآثار السابقة عنها أنها مكية‏.‏
وأخرجه ابن مردويه من طريق العوفي عنه ومن طريق ابن جريج عن عطاء عنه ومن طريق خصيف عن مجاهد عن ابن الزبير‏.‏
وأخرج من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس أنها مدنية ويؤيد المشهور ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال‏:‏ لما بعث الله محمداً رسولاً أنكرت العرب ذلك أومن أنكر ذلك منهم فقالوا‏:‏ الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏{‏أكان للناس عجباً‏}‏ الآية‏.‏
سورة الرعد تقدم من طريق مجاهد عن ابن عباس وعن علي بن أبي طلحة أنها مكية وفي بقية الآثار أنها مدنية‏.‏
وأخرج ابن مردويه الثاني من طريق العوفي عن ابن عباس ومن طريق ابن جريج عن عثمان بن عطاء عن ابن عباس ومن طريق مجاهد عن ابن الزبير‏.‏
وأخرج أبو الشيخ مثله عن قتادة‏.‏ وأخرج الأول عن سعيد بن جبير‏.‏
وقال سعيد بن منصور في سننه‏:‏ حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر قال‏:‏ سألت سعيد ابن جبير عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن عنده علم الكتاب‏}‏ أهوعبد الله بن سلام فقال‏:‏ كيف وهذه السورة مكية ويؤيد القول بأنها مدنية ما أخرجه الطبراني وغيره عن أنس أن قوله‏:‏ ‏{‏الله يعلم ما تحمل كل أنثى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وهو شديد المحال‏}‏ نزل في قصة أربد بن قيس وعامر بن الطفيل حين قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يجمع به بين الاختلاف أنها مكية إلا آيات منها‏.‏
سورة الحج تقدم من طريق مجاهد عن ابن عباس أنها مكية إلا آيات التي استثناها وفي الآثار الباقية أنها مدنية‏.‏
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس ومن طريق ابن جريج عن عطاء إن ابن عباس ومن طريق مجاهد عن ابن الزبير أنها مدنية‏.‏
قال ابن الغرس في أحكام القرآن‏:‏ وقيل إنها مكية إلا ‏{‏هذان خصمان‏}‏ الآيات وقيل إلا عشر آيات‏.‏
وقيل مدنية إلا أربع آيات ‏{‏وما أرسلنا من قبلك من رسول‏}‏ إلى ‏}‏عقيم‏}‏ قال قتادة وغيره‏:‏ وقيل كلها مدنية قاله الضحاك وغيره وقيل هي مختلطة فيها مدني ومكي وهوقول الجمهور انتهى‏.‏ ويؤيد ما نسبه إلى الجمهور أنه ورد في آيات كثيرة منها أنه نزل بالمدينة كما حررناه في أسباب النزول‏.‏
سورة الفرقان قال ابن الغرس‏:‏ الجمهور على أنها مكية‏.‏ وقال الضحاك‏:‏ مدنية‏.‏
سورة يس حكى أبو سليمان الدمشقي قولاً أنها مدنية‏.‏ قال‏:‏ وليس بالمشهور‏.‏
سورة ص حكى الجعبري قولاً أنها مدنية خلاف حكاية جماعة الإجماع على أنها مكية‏.‏ سورة محمد حكى النسفي قولاً غريباً أنها مكية‏.‏
سورة الحجرات حكى قول شاذ أنها مكية‏.‏
سورة الرحمن الجمهور على أنها مكية وهوالصواب ويدل ما رواه الترمذي والحاكم عن جابر قال لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه سورة الرحمن حتى فرغ قال‏:‏ ما لي أراكم سكوتاً للجن كانوا أحسن منكم رداً ما قرأت عليهم من مرة فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالوا‏:‏ ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد قال الحاكم‏:‏ صحيح على شرط الشيخين وقصة الجن كانت بمكة وأصرح منه في الدلالة ما أخرجه أحمد في مسنده بسند جيد عن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهويصلي نحوالركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يسمعون فبأي آلاء ربكما تكذبان‏.‏ وفي هذا دليل على تقدم نزولها على سورة الحجر‏.‏
سورة الحديد قال ابن الغرس‏:‏ الجمهور على أنها مدنية‏.‏وقال قوم إنها مكية‏.‏ ولا خلاف أن فيها قرآناً مدنياً لكن يشبه صدرها أن يكون مكياً‏.‏
قلت‏:‏ الأمر كما قال ففي مسند البزار وغيره عن عمر أنه دخل على أخته قبل أن يسلم فإذا صحيفة فيها أول سورة الحديد فقرأها وكان سبب إسلامه‏.‏
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال‏:‏ لم يكن شيء بين إسلامه وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين ‏{‏ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد‏}‏ الآية‏.‏
سورة الصف المختار أنها مدنية ونسبه ابن الغرس إلى الجمهور ورجحه ويدل له ما أخرجه الحاكم وغيره عن عبد الله بن سلام قال‏:‏ قعدنا نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا فقلنا‏:‏ لونعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله سبحانه‏:‏ ‏{‏سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون‏}‏ حتى ختمها قال عبد الله‏:‏ فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها‏.‏
سورة الجمعة الصحيح أنها مدنية لما روى البخاري عن أبي هريرة قال كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه في سورة الجمعة‏:‏ ‏{‏وآخرين منهم لما يلحقوا بهم‏}‏ قلت‏:‏ من هم يا رسول الله الحديث‏.‏ ومعلوم أن إسلام أبي هريرة بعد الهجرة بمدة‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏قل يا أيها الذين هادوا‏}‏ خطاب لليهود وكانوا بالمدينة وآخر السورة نزل فيمن انقض منهم حال الخطبة لما قدمت العير كما في الأحاديث الصحيحة فثبت أنها مدنية كلها‏.‏
سورة التغابن قيل مدنية وقيل مكية إلا آخرها‏.‏ سورة الملك فيها قول غريب أنها مدنية‏.‏ سورة الإنسان قيل مدنية وقيل مكية إلا آية واحدة‏:‏ ‏{‏ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً‏}‏‏.‏
سورة المطففين قال ابن الغرس‏:‏ قيل إنها مكية لذكر الأساطير فيها‏.‏ وقيل مدنية لان أهل المدينة كانوا أشد الناس فساداً في الكيل‏.‏ وقيل نزلت بمكة إلا قصة التطفيف‏.‏
وقال قوم‏:‏ نزلت بين مكة والمدينة انتهى‏.‏
قلت‏:‏ أخرج النسائي وغيره بسند صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله‏:‏ ‏{‏ويل للمطففين‏}‏ فأحسنوا الكيل سورة الأعلى الجمهور على أنها مكية‏.‏ قال ابن الغرس‏:‏ وقيل إنها مدنية لذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها‏.‏
قلت‏:‏ ويرده ما أخرجه البخاري عن البراء بن عازب قال‏:‏ أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب ابن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن‏.‏
ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به فما جاء حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سورة مثلها‏.‏
سورة الفجر فيها قولان حكاهما ابن الغرس‏.‏ قال ابن الغرس‏:‏ قال أبو حيان‏:‏ والجمهور أنها مكية‏.‏
سورة البلد حكى ابن الغرس فيها أيضاً قولين‏.‏ وقوله بهذا البلد يرد القول بأنها مدنية‏.‏
سورة الليل الأشهر أنها مكية‏.‏ وقيل مدنية لما ورد في سبب نزولها من قصة النخلة كما أخرجناه في سبب النزول‏.‏وقيل فيها مكي ومدني‏.‏
سورة القدر فيها قولان والأكثر أنها مكية‏.‏ ويستدل لكونها مدنية بما أخرجه الترمذي والحاكم عن الحسن بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرى بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت‏:‏ ‏{‏إنا أعطيناك الكوثر‏}‏ ونزلت ‏{‏إنا أنزلناه في ليلة القدر‏}‏ الحديث قال المزي‏:‏ وهوحديث منكر‏.‏
سورة لم يكن قال ابن الغرس‏:‏ الأشهر أنها مكية‏.‏ قلت‏:‏ ويدل لمقابله ما أخرجه أحمد عن أبي حية البدري قال لما نزلت‏:‏ ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب‏}‏ إلى آخرها قال لي جبريل‏:‏ يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبياً الحديث‏.‏ وقد جزم ابن كثير أنها مدنية واستدل به‏.‏
سورة الزلزلة فيها قولان‏.‏ ويستدل لكونها مدنية بما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره‏}‏ الآية‏.‏
قلت‏:‏ يا رسول الله إني لراء عملي الحديث وأبو سعيد لم يكن إلا بالمدينة ولم يبلغ إلا بعد أحد‏.‏
سورة والعاديات فيها قولان‏.‏ ويستدل لكونها مدنية بما أخرجه الحاكم وغيره عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً فلبثت شهراً لا يأتيه منها خير فنزلت والعاديات الحديث‏.‏
سورة ألهاكم الأشهر أنها مكية‏.‏ ويدل لكونها مدنية وهوالمختار ما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن بريدة أنها نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار تفاخروا‏.‏
الحديث‏.‏ وأخرج عن قتادة أنها نزلت في اليهود‏.‏
وأخرج البخاري عن أبيّ بن كعب قال‏:‏ كنا نرى هذا من القرآن‏:‏ يعني لوكان لابن آدم واد من ذهب حتى نزلت ألهاكم التكاثر‏.‏
وأخرج الترمذي عن علي قال‏:‏ ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت وعذاب القبر لم يذكر إلا بالمدينة كما في الصحيح في قصة اليهودية‏.‏
سورة أرأيت فيها قولان حكاهما ابن الغرس‏.‏
سورة الكوثر الصواب أنها مدنية ورجحه النووي في شرح مسلم لما أخرجه مسلم عن أنس قال‏:‏ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة فرفع رأسه مبتسماً فقال‏:‏ أنزلت على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر حتى ختمها الحديث‏.‏
سورة الإخلاص فيها قولان لحديثين في سبب نزولهما متعارضين وجمع بعضهم بينهما بتكرر نزولها ثم ظهر إلى ترجيح أنها مدنية كما بينته في أسباب النزول‏.‏
المعوذتان المختار أنهما مدنيتان لأنهما نزلتا في قصة سحر لبيد بن الأعصم كما أخرجه البيهقي في الدلائل‏.‏
فصل في السور التي نزلت بمكة وبها آيات مدنية
قال البيهقي في الدلائل في بعض السور التي نزلت بمكة آيات نزلت بالمدينة فألحقت بها وكذا قال ابن الحصار‏:‏ كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة‏.‏
قال‏:‏ إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل‏.‏
وقال ابن حجر في شرح البخاري‏:‏ قد اعتنى بعض الأئمة ببيان ما نزل من الآيات بالمدينة في السور المكية‏.‏
قال‏:‏ وأما عكس ذلك فهونزول شيء من سورة بمكة تأخر نزول تلك السورة إلى المدينة فلم أره إلا نادراً‏.‏
قلت‏:‏ وها أنا ذا أذكر ما وقفت على استثنائه من النوعين مستوعباً ما رأيته من ذلك على الاصطلاح الأول دون الثاني وأشير إلى أدلة الاستثناء لأجل قول ابن الحصار السابق ولا أذكر الأدلة بلفظها اختصاراً وإحالة على كتابنا أسباب النزول‏.‏
الفاتحة تقدم قول أن نصفها نزل بالمدينة والظاهر أنها لنصف الثاني ولا دليل لهذا القول‏.‏
البقرة استثنى منها آيتان ‏{‏فاعفوا واصفحوا‏}‏ ‏{‏ليس عليك هداهم‏}‏‏.‏
الأنعام قال ابن الحصار‏:‏ استثنى منها تسع آيات ولا يصح به نقل خصوصاً مع ما قد ورد أنها نزلت جملة‏.‏ قلت‏:‏ قد صح النقل عن ابن عباس باستثناء ‏{‏قل تعالوا‏}‏ الآيات الثلاث كما تقدم والبواقي ‏{‏وما قدروا الله حق قدره‏}‏ لما أخرجه ابن أبي حاتم أنها نزلت في مالك بن الصيف‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً‏}‏ الآيتين نزلتا في مسيلمة‏.‏ وقوله ‏{‏الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق‏}‏ وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال‏:‏ نزلت الأنعام كلها بمكة‏.‏ إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود وهوالذي قال‏:‏ ما أنزل الله على بشر من شيء‏.‏
وقال الفرياني‏:‏ حدثنا سفيان عن ليث بن بشر قال‏:‏ الأنعام مكية إلا ‏{‏قل تعالوا أتل‏}‏ والآية التي بعدها‏.‏
الأعراف أخرج أبو الشيخ ابن حبان عن قتادة قال‏:‏ الأعراف مكية إلا آية ‏{‏واسألهم عن القرية‏}‏ وقال غيره‏:‏ من المدني ‏{‏وإذ أخذ ربك من بني آدم‏}‏ مدني الأنفال استثنى منها ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا‏}‏ الآية‏.‏ قال مقاتل‏:‏ نزلت بمكة‏.‏
قلت‏:‏ يرده ما صح عن ابن عباس أن هذه الآية بعينها نزلت بالمدينة كما أخرجناه في أسباب النزول واستثنى بعضهم قوله‏:‏ ‏{‏يا أيها النبي حسبك الله‏}‏ الآية وصححه ابن العربي وغيره‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده ما أخرجه البزار عن ابن عباس أنها نزلت لما أسلم عمر‏.‏
براءة قال ابن الغرس‏:‏ مدنية إلا آيتين ‏{‏لقد جاءكم رسول‏}‏ إلى آخرها‏.‏ قلت‏:‏ غريب كيف وقد ورد أنها آخر ما نزل‏.‏
واستثنى بعضهم ‏{‏ما كان للنبي‏}‏ الآية لما ورد أنها نزلت في قوله عليه الصلاة والسلام لأبي طالب لأستغفرن لك ما لم أنه عنك‏.‏
يونس استثنى منها ‏{‏فإن كنت في شك‏}‏ الآيتين‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏ومنهم من يؤمن به‏}‏ الآية قيل نزلت في اليهود وقيل من أولها إلى رأس أربعين مكي والباقي مدني حكاها ابن الغرس والسخاوي في جمال القراء‏.‏
هود استثنى منها ثلاث آيات ‏{‏فلعلك تارك‏}‏ ‏{‏أفمن كان على بينة من ربه‏}‏ ‏{‏وأقم الصلاة طرفي النهار‏}‏ قلت‏:‏ دليل الثالثة ما صح عن عدة طرق أنها نزلت بالمدينة في حق أبي اليسر‏.‏
يوسف استثنى منها ثلاث آيات من أولها حكاه أبو حيان وهو واه جداً لا يلتفت إليه‏.‏
الرعد أخرج أبو الشيخ عن قتادة قال‏:‏ سورة الرعد مدنية إلا آية قوله‏:‏ ‏{‏ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة‏}‏ وعلى القول بأنها مكية يستثنى قوله‏:‏ ‏{‏الله يعلم‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏شديد المحال‏}‏‏.‏ كما تقدم والآية آخرها‏.‏
فقد أخرج أبن مردويه عن جندب قال‏:‏ جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد قال‏:‏ أنشدكم بالله أي قوم تعلمون أني الذي أنزلت فيه ‏{‏ومن عنده علم الكتاب‏}‏ قالوا‏:‏ اللهم نعم‏.‏
إبراهيم أخرج أبو الشيخ عن قتادة قال‏:‏ سورة إبراهيم مكية غير آيتين مدنيتين ‏{‏ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً‏}‏ إلى ‏{‏فبئس القرار‏}‏‏.‏
الحجر استثنى بعضهم منها ‏{‏ولقد آتيناك سبعاً‏}‏ الآية‏.‏
قلت‏:‏ وينبغي استثناء قوله‏:‏ ‏{‏ولقد علمنا المستقدمين‏}‏ الآية لما أخرجه الترمذي وغيره في سبب نزولها وأنها في صفوف الصلاة‏.‏
النحل تقدم عن ابن عباس أنه استثنى آخرها وسيأتي في السفر ما يؤيده‏.‏
وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي قال‏:‏ نزلت النحل كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات ‏{‏وإن عاقبتم‏}‏ إلى آخرها‏.‏
وأخرج عن قتادة قال‏:‏ سورة النحل من قوله ‏{‏والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا‏}‏ إلى آخرها مدني وما قبلها إلى آخر السورة مكي‏.‏
وسيأتي في أوله ما نزل عن جابر بن زيد أن النحل نزل منها بمكة أربعون وباقيها بالمدينة ويرد ذلك ما أخرجه أحمد عن عثمان بن أبي العاص في نزول ‏{‏إن الله يأمر بالعدل والإحسان‏}‏ وسيأتي في نوع الترتيب‏.‏
الإسراء استثنى منها ‏{‏ويسألونك عن الروح‏}‏ الآية لما أخرج البخاري عن ابن مسعود أنها نزلت بالمدينة في جواب سؤال اليهود عن الروح‏.‏
واستثنى منها أيضاً ‏{‏وإن كادوا ليفتنونك‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏إن الباطل كان زهوقاً‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏قل لئن اجتمعت الإنس والجن‏}‏ الآية وقوله‏:‏ ‏{‏وما جعلنا الرؤيا‏}‏ الآية وقوله‏:‏ ‏{‏إن الذين أوتوا العلم من قبله‏}‏ لما أخرجناه في أسباب النزول‏.‏
الكهف استثنى من أولها إلى ‏{‏جزراً‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏واصبر نفسك‏}‏ الآية ‏{‏وإن الذين آمنوا‏}‏ إلى آخر السورة‏.‏
مريم استثنى منها آية السجدة وقوله‏:‏ ‏{‏وإن منكم إلا واردها‏}‏ طه استثنى منها ‏{‏فاصبر على ما يقولون‏}‏ الآية‏.‏ قلت‏:‏ ينبغي أن يستثني آية أخرى‏.‏
فقد أخرج البزار وأبو يعلي عن أبي رافع قال أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيف فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقاً إلى هلال رجب فقال‏:‏ لا إلا برهن فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته‏.‏
فقال‏:‏ أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية ‏{‏لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم‏}‏ الأنبياء استثنى منها ‏{‏أفلا يرون أنا نأتي الأرض‏}‏ الآية‏.‏
الحج تقدم ما يستثنى منها‏.‏
المؤمنون استثنى منها ‏{‏حتى إذا أخذنا مترفيهم‏}‏ إلى قوله ‏{‏مبلسون‏}‏‏.‏
الفرقان استثنى منها ‏{‏والذين لا يدعون‏}‏ إلى ‏{‏رحيماً‏}‏‏.‏
الشعراء استثنى ابن عباس منها ‏{‏والشعراء‏}‏ إلى آخرها كما تقدم‏.‏ زاد غيره‏.‏وقوله‏:‏ ‏{‏أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل‏}‏ حكاه ابن الغرس‏.‏
القصص استثنى منها ‏{‏الذين آتيناهم الكتاب‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏الجاهلين‏}‏ فقد أخرج الطبراني عن ابن عباس أنها نزلت هي وآخر الحديد في أصحاب النجاشي الذين قدموا وشهدوا وقعة أحد‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إن الذي فرض عليك القرآن‏}‏ الآية لما سيأتي‏.‏
العنكبوت استثنى من أولها إلى ‏{‏وليعلمن المنافقين‏}‏ لما أخرجه ابن جرير في سبب نزولها‏.‏ قلت‏:‏ ويضم إليه ‏{‏وكأين من دابة‏}‏ الآية لما أخرجه ابن أبي حاتم في سبب نزولها‏.‏
لقمان استثنى منها ابن عباس ‏{‏ولو أنما في الأرض‏}‏ الآيات الثلاث كما تقدم‏.‏
السجدة استثنى منها ابن عباس ‏{‏أفمن كان مؤمناً‏}‏ الآيات الثلاث كما تقدم وزاد غيره ‏{‏تتجافى جنوبهم‏}‏ ويدل له ما أخرجه البزار عن بلال قال‏:‏ كنا نجلس في المسجد وناس من الصحابة يصلون بعد المغرب إلى العشاء فنزلت‏.‏سبأ استثنى منها ‏{‏ويرى الذين أوتوا العلم‏}‏ الآية‏.‏
وروى الترمذي عن فروة بن نسيك المرادي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي الحديث وفيه ز أنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل‏:‏ يا رسول الله وما سبأ الحديث‏.‏ قال ابن الحصار‏:‏ هذا يدل على أن هذه القصة مدنية لأن مهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع‏.قال‏:‏ ويحتمل أن يكون قوله وأنزل حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرته‏.‏
يس استثنى منها ‏{‏إنا نحيي الموتى‏}‏ الآية لما أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي سعيد قال‏:‏ كانت بنوسلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقلة إلى قريب المسجد فنزلت هذه الآية‏.‏
قال النبي صلى الله عليه وسلم إن آثاركم تكتب فلم ينتقلوا واستثنى بعضهم ‏{‏وإذا قيل لهم أنفقوا‏}‏ الآية قيل نزلت في المنافقين‏.‏
الزمر استثنى منها ‏{‏قل يا عبادي‏}‏ الآيات الثلاث كما تقدم عن ابن عباس‏.‏ وأخرج الطبراني من وجه آخر عنه أنها نزلت في وحشي قاتل حمزة‏.وزاد بعضهم ‏{‏قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم‏}‏ الآية وذكره السخاوي في جمال القراء‏.‏وزاد غيره ‏{‏الله نزل أحسن الحديث‏}‏ الآية وحكاه ابن الجزري‏.‏
غافر استثنى منها ‏{‏إن الذين يجادلون‏}‏ إلى قوله ‏{‏لا يعلمون‏}‏‏.‏ فقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية وغيره أنها نزلت في اليهود لما ذكروا الدجال وأوضحته في أسباب النزول‏.‏
شورى استثنى منها ‏{‏أم يقولون افترى‏}‏ إلى قوله ‏{‏بصير‏}‏ قلت‏:‏ بدلالة ما أخرجه الطبراني والحاكم في سبب نزولها فإنها نزلت في الأنصار‏.‏ وقوله ‏{‏ولو بسط‏}‏ الآية نزلت في أصحاب الصفة واستثنى بعضهم ‏{‏والذين إذا أصابهم البغي‏}‏ إلى قوله ‏{‏من سبيل‏}‏ حكاه ابن الغرس‏.‏
الزخرف استثنى منها ‏{‏واسأل من أرسلنا‏}‏ الآية‏.‏ قيل نزلت بالمدينة وقيل في السماء‏.‏
الجاثية استثنى منها ‏{‏قل للذين آمنوا‏}‏‏.‏ الآية حكاه في جمال القراء عن قتادة‏.‏
الأحقاف استثنى منها ‏{‏قل أرايتم إن كان من عند الله‏}‏ الآية فقد أخرج الطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي أنها نزلت بالمدينة في قصة إسلام عبد الله بن سلام وله طرق أخر لكن أخرج ابن أبي حاتم عن مسروق قال‏:‏ أنزلت هذه الآية بمكة وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة وإنما كانت خصومة خاصم بها محمداً صلى الله عليه وسلم‏.‏
وأخرج عن الشعبي قال‏:‏ ليس بعبد الله بن سلام وهذه الآية مكية‏.‏ واستثنى بعضهم ‏{‏ووصينا الإنسان‏}‏ الآيات الأربع‏.‏ وقوله ‏{‏فاصبر كما صبر أولوالعزم‏}‏ الآية‏.‏حكاه في جمال القراء‏.‏
ق استثنى منها ‏{‏ولقد خلقنا السموات‏}‏ إلى ‏{‏لغوب‏}‏ فقد أخرج الحاكم وغيره أنها نزلت في اليهود‏.‏
النجم استثنى منها ‏{‏الذين يجتنبون‏}‏ إلى أبقى وقيل ‏{‏أفرأيت الذي تولى‏}‏ الآيات التسع‏.‏
القمر استثنى منها ‏{‏سيهزم الجمع‏}‏ الآية وهومردود لما سيأتي في النوع الثاني عشر‏.‏ وقيل ‏{‏إن المتقين‏}‏ الآيتين‏.‏
الرحمن استثنى منها ‏{‏يسأله‏}‏ الآية حكاه في جمال القراء‏.‏
الواقعة استثنى منها ‏{‏ثلة من الأولين وثلة من الآخرين‏}‏ وقوله ‏{‏فلا أقسم بواقع النجوم‏}‏ إلى ‏{‏يكذبون‏}‏ لما أخرجه مسلم في سبب نزولها‏.‏
الحديد يستثنى منها على القول بأنها مكية آخرها‏.‏
المجادلة استثنى منها ‏{‏ما يكون من نجوى ثلاثة‏}‏ الآية حكاه ابن الغرس وغيره‏.‏
التغابن يستثنى منها على أنها مكية آخرها لما أخرجه الترمذي والحاكم في سبب نزولها‏.‏
التحريم تقدم عن قتادة أن المدني منها إلى رأس العشر والباقي مكي‏.‏
تبارك أخرج جبيرة في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال‏:‏ ‏{‏فاصبر‏}‏ إلى ‏{‏الصالحين‏}‏ فإنه مدني حكاه السخاوي في جمال القراء‏.‏
المزمل استثنى منها ‏{‏واصبر على ما يقولون‏}‏ الآيتين حكاه الأصبهاني وقوله ‏{‏إن ربك يعلم‏}‏ إلى آخر السورة حكاه ابن الغرس‏.‏ ويرده ما أخرجه الحاكم عن عائشة أنه نزل بعد نزول صدر السورة بسنة وذلك حين فرض قيام الليل في أول الإسلام قبل فرض الصلوات الخمس‏.‏
الإنسان استثنى منها ‏{‏فاصبر لحكم ربك‏}‏‏.‏
المرسلات استثنى منها ‏{‏وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون‏}‏ حكاه ابن الغرس‏.‏
المطففين قيل مكية إلا ست آيات من أولها البلد قيل مدنية إلا أربع آيات من أولها‏.‏
الليل قيل مكية إلا أولها‏.‏
أرأيت قيل نزل ثلاث آيات من أولها بمكة والباقي بالمدينة‏.‏ ضوابط أخرج الحاكم في مستدركه والبيهقي في الدلائل والبزار في مسنده من طريق الأعمش عن إبراهيم بن علقمة بن عبد الله قال‏:‏ ما كان يا أيها الذين آمنوا أنزل بالمدينة وما كان يا أيها الناس فبمكة وأخرجه أبو عبيد في الفضائل عن علقمة مرسلاً‏.‏
وأخرج عن ميمون بن مهران قال‏:‏ ما كان في القرآن يا أيها الناس أويا بني آدم فإنه مكي وما كان يا أيها الذين آمنوا فإنه مدني‏.‏
قال ابن عطية وابن الغرس وغيرهما‏:‏ هوفي يا أيها الذين آمنوا صحيح وأما يا أيها الناس فقد يأتي في المدني‏.‏
وقال ابن الحصار‏:‏ وقد اعتنى المتشاغلون بالنسخ بهذا الحديث واعتمدوه على ضعفه وقد اتفق الناس على أن النساء مدنية وأولها يا أيها الناس وعلى أن الحج مكية وفيها ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا‏}‏ وقال غيره‏:‏ هذا القول إن أخذ على إطلاقه فيه نظر فإن سورة البقرة مدنية وفيها يا أيها الناس اعبدوا ربكم ‏{‏يا أيها الناس كلوا مما في الأرض‏}‏ وسورة النساء مدنية وأولها‏:‏ يا أيها الناس‏.‏ وقال مكي‏:‏ هذا إنما هوفي الأكثر وليس بعام وفي كثير من السور المكية يا أيها الذين آمنوا‏.‏
وقال غيره‏:‏ الأقرب حمله على أنه خطاب المقصود به أوجمل المقصود به أهل مكة أوالمدينة‏.‏
وقال القاضي‏:‏ إن كان الرجوع في هذا إلى النقل فمسلم وإن كان السبب فيه حصول المؤمنين بالمدينة على الكثرة دون مكة فضعيف إذ يجوز خطاب المؤمنين بصفتهم وباسمهم وجنسهم ويؤمر غير المؤمنين بالعبادة كما يؤمر المؤمنين بالاستمرار عليها والازدياد منها نقله الإمام فخر الدين في تفسيره‏.‏وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ كل شيء نزل من القرآن فيه ذكر الأمم والقرون فإنما نزل بمكة وما كان من الفرائض والسني فإنما نزل بالمدينة‏.‏
وقال الجعبري‏:‏ لمعرفة المكي والمدني طريقان‏:‏ سماعي وقياسي‏.‏
فالسماعي ما وصل إلينا نزوله بأحدهما والقياسي كل سورة فيها يا أيها الناس فقط أوكلا أوأولها حرف تهج سوى الزهراوين والرعد وفيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة فهي مكية وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكية وكل سورة فيها فريضة أوحد فهي مدنية اه‏.‏ وقال مكي‏:‏ كل سورة فيها ذكر المنافقين فمدنية‏.‏ وزاد غيره‏:‏ سوى العنكبوت‏.‏
وفي كامل الهذلي‏:‏ كل سورة فيها سجدة فهي مكية‏.‏ وقال الديريني رحمه الله‏:‏ وما نزلت كلا بيثرب فاعلمن ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى وحكمة ذلك أن نصفه الأخير نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة فتكررت فيه على وجه التهديد والتعنيف لهم والإنكار عليهم بخلاف النصف الأول وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذاتهم وضعفهم ذكره العماني‏.‏
فائدة أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال‏:‏ نزل المفصل بمكة فمكثنا حججاً نقرؤه ولا ينزل غيره‏.‏
تنبيه قد تبين بما ذكرناه من الأوجه التي ذكرها ابن حبيب المكي والمدني وما اختلف فيه وترتيب نزول ذلك والآيات المدنيات في السور المكية والآيات المكيات في السور المدنية‏.‏
وبقي أوجه تتعلق بهذا النوع فنذكرها وأمثلتها‏.‏
مثال ما نزل بمكة وحكمه مدني ‏{‏يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى‏}‏ الآية نزلت بمكة يوم الفتح وهي مدنية لأنها نزلت بعد الهجرة‏.‏
وقوله ‏{‏اليوم أكملت لكم دينكم‏}‏ كذلك‏.‏
قلت‏:‏ وكذا قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ في آيات أخر‏.‏
ومثال ما نزل بالمدينة وحكمه مكي‏:‏ سورة الممتحنة فإنها نزلت بالمدينة مخاطبة لأهل مكة‏.‏
وقوله في النحل ‏{‏والذين هاجروا‏}‏ إلى آخرها نزل بالمدينة مخاطباً به أهل مكة‏.‏
وصدر براءة نزل بالمدينة خطاباً لمشركي أهل مكة‏.‏
ومثال ما يشبه تنزيل المدني في السور المكية قوله في النجم ‏{‏الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم‏}‏ فإن الفواحش كل ذنب فيه حد والكبائر كل ذنب عاقبته النار واللمم ما بين الحد من الذنوب ولم يكن بمكة حد ولا نحوه‏.‏
ومثال ما يشبه تنزيل مكة في السور المدنية قوله ‏{‏والعاديات ضبحاً‏}‏ وقوله في الأنفال ‏{‏وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق‏}‏ الآية‏.‏
ومثال ما حمل من مكة إلى المدينة سورة يوسف والإخلاص‏.‏
قلت‏:‏ وسبح لما تقدم في حديث البخاري‏.‏
ومثال ما حمل من المدينة إلى مكة ‏{‏يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه‏}‏ وآية الربا وصدر براءة وقوله تعالى ‏{‏إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم‏}‏ الآيات‏.‏
ومثال ما حمل إلى الحبشة ‏{‏قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء‏}‏ الآيات‏.‏
قلت‏:‏ صح حملها إلى الروم وينبغي أن يمثل لما حمل إلى الحبشة بسورة مريم فقد صح أن جعفر بن أبي طالب قرأها على النجاشي‏.‏
وأخرجه أحمد في مسنده‏.‏
وأما ما أنزل بالجحفة والطائف وبيت المقدس والحديبية فسيأتي في النوع الذي يلي هذا ويضم إليه ما نزل بمنى وعرفات وعسفان وتبوك وبدر وأحد وحراء وحمراء الأسد‏