بَاب التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ
 
6218- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ وَمَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْفِتَنِ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ يُرِيدُ بِهِ أَزْوَاجَهُ حَتَّى يُصَلِّينَ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الْآخِرَةِ" وَقَالَ ابْنُ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لاَ قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ" .
6219- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح وحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنْ الْعِشَاءِ ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ مَعَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْلِبُهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ مَسْكَنِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلاَنِ مِنْ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَفَذَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا مَا قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَبْلَغَ الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا" .
قوله: "باب التكبير والتسبيح عند التعجب" قال ابن بطال: التسبيح والتكبير معناه تعظيم الله وتنزيهه من السوء، واستعمال ذلك عند التعجب واستعظام الأمر حسن، وفيه تمرين اللسان على ذكر الله تعالى، وهذا توجيه حيد، كأن البخاري رمز إلى الرد على من منع من ذلك. وذكر المصنف فيه حديث صفية بنت حيي في قصة الرجلين اللذين قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: " على رسلكما إنها صفية، فقالا: سبحان الله" أورده من طريق شعيب بن أبي حمزة ومن طريق ابن أبي عتيق، وساقه على لفظ ابن أبي عتيق، وقد تقدم شرحه في الاعتكاف، وقوله: "العشر الغوابر" بالغين المعجمة ثم الموحدة المراد بها هنا البواقي، وقد تطلق أيضا على المواضي وهو من الأضداد، وهو مطابق لما ترجم له لأن الظاهر أن مرادهما بقولهما "سبحان الله" التعجب من القول المذكور بقرينة قوله: "وكبر عليهما" أي عظم وشق. وقوله: "يقذف في قلوبكما" كذا هنا بحذف المفعول، وقد سبق في الاعتكاف بلفظ: "في قلوبكما شرا" وحديث أم سلمة "استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا أنزل من الفتن" وقد تقدم بعض شرحه في العلم. وتأتي بقيته في الفتن، وقوله من الخزائن قيل عبر بها عن الرحمة كقوله: "خزائن رحمة ربي" كما عبر بالفتن عن العذاب لأنها أسباب مؤدية إليه، أن المراد بالخزائن إعلامه بما سيفتح على أمته من الأموال بالغنائم من البلاد التي يفتحونها
(10/598)

وأن الفتن تنشأ عن ذلك، فهو من جملة ما أخبر به مما وقع قبل وقوعه. وقد تعرض له البيهقي في "دلائل النبوة". قوله: "وقال ابن أبي ثور" هو عبيد الله بن عبد الله فذكر حديث عمر حيث قال: "أطلقت نساءك؟ قال: لا، قلت: الله أكبر" وهو طرف من حديث طويل تقدم موصولا في كتاب العلم، وتقدم شرحه في كتاب النكاح، وقد وردت عدة أحاديث صحيحة في قول "سبحان الله" عند التعجب كحديث أبي هريرة "لقيني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا جنب" وفيه فقال: "سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس" متفق عليه. وحديث عائشة "أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض" وفيه: "قال تطهري بها، قالت: كيف؟ قال: سبحان الله" الحديث متفق عليه. وعند مسلم من حديث عمران بن حصين في قصة المرأة التي نذرت أن تنحر ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "سبحان الله بئسما جزيتها" وكلاهما من قول النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيحين أيضا من قول جماعة من الصحابة كحديث عبد الله بن سلام لما قيل له إنك من أهل الجنة قال: سبحان الله. ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم.
" تنبيه ": وقع في حديث صفية في رواية غير أبي ذر مؤخرا آخر هذا الباب والخطب فيه سهل، ووقع في شرح ابن بطال إيراد حديث صفية المذكور عقب حديث علي في الباب الذي قبله متصلا به، ثم استشكل مطابقته للترجمة وقال: سألت المهلب عنه فقال إنما أورده لحديث علي حيث قال فيه: "ليس منكم أحد إلا وقد فرغ من مقعده من الجنة والنار" فقواه بحديث أم سلمة، أشار إلى أن أقوى أسباب النار الفتن والعصبية فيها والتقاتل على المال وما يفتح من الخزائن. اهـ. ولم أقف في شيء من نسخ البخاري على وفق ما نقل ابن بطال، وإنما وقع حديث أم سلمة في باب التسبيح والتكبير للتعجب وهو ظاهر فيما ترجم له مستغن عن التكلف، والجواب المذكور لا يفيد مطابقة الحديث للترجمة، وإنما هو مطابق لحديث الترجمة فيما لا يتعلق بالترجمة.
(10/599)