البَيَّانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ
 
الإِمَامُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، عَالِمُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ، القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ، مَوْلَى الخَلِيْفَةِ؛ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، الأُمَوِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، البيَّانِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
غَطَّى مَعْرِفَتَهُ بِالحَدِيْثِ بَرَاعَتُهُ فِي الفِقْهِ وَالمَسَائِلِ، وَفَاقَ أَهْلَ العَصْرِ، وَضُرِبَ بِإِمَامَتِهِ المَثَلُ، وَصَارَ إِمَاماً مُجْتَهِداً، لاَ يُقَلِّدُ أَحَداً، مَعَ قُوَّةِ مَيْلِهِ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَبَصَرِهِ بِهِ، فَإِنَّهُ لاَزَمَ التَّفَقُّهَ عَلَى الإِمَامِيْنِ: أَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِيمَا أُرَى.
وَرَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالمُزَنِيِّ، وَالرَّبِيْعِ، وَابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَخَلْقٍ.
وَأَدْرَكَ بَقَايَا أَصْحَابِ اللَّيْثِ، وَمَالِكٍ.
تَفَقَّهَ بِهِ عُلَمَاءُ قُرْطُبَةَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدِ بنِ الجَبَّابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَابْنُهُ؛ مُحَمَّدُ بنُ قَاسِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَيْمَنَ، وَآخَرُوْنَ.
(25/330)

قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ فِي (تَارِيْخِهِ): لَزِمَ قَاسِمُ البيَّانِيُّ ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ، لِلتَّفَقُّهِ وَالمُنَاظَرَةِ، وَتَحَقَّقَ بِهِ وَبِالمُزَنِيِّ، وَكَانَ يَذْهَبُ مَذْهَبَ الحُجَّةِ وَالنَّظَرِ، وَتَرَكَ التَّقْلِيْدَ، وَيَمِيْلُ إِلَى فَقْهِ الشَّافِعِيِّ... لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ أَحَدٌ مِثْلَهُ فِي حُسْنِ النَّظَرِ، وَالبَصَرِ بِالحُجَّةِ. (13/329)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ الجَبَّابِ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ قَاسِمٍ فِي الفِقْهِ مِمَّن دَخَلَ الأَنْدَلُسَ مِنْ أَهْلِ الرِّحَلِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قَاسِمٍ الزَّاهِدُ: سَمِعْتُ بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ يَقُوْلُ:
قَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ أَعِلْمُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
قَالَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدُ العَزِيْزِ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ:
لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا مِن الأَنْدَلُسِ أَحَدٌ أَعِلْمَ مِنْ قَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَلَقَدْ عَاتَبْتُهُ حِيْنَ رُجُوْعِهِ إِلَى الأَنْدَلُسِ قُلْتُ: أَقِمْ عِنْدَنَا فَإِنَّكَ تَعْتَقِدُ هُنَا رِئاسَةً، وَيَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْكَ.
فَقَالَ: لاَبُدَّ مِنَ الوَطَنِ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: أَلَّفَ قَاسِمٌ فِي الرَّدِ عَلَى يَحْيَى بنِ مُزين، وَالعَتَبِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ كِتَاباً نَبِيْلاً، يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ.
قَالَ: وَلَهُ كِتَابٌ شَرِيْفٌ فِي خَبَرِ الوَاحِدِ، وَكَانَ يَلِي وَثَائِقَ الأَمِيْرِ مُحَمَّدٍ -يَعْنِي: مَلِكَ الأَنْدَلُسِ- طُوْلَ أَيَّامِهِ.
قُلْتُ: وَصَنَّفَ كِتَابَ (الإِيضَاحِ) فِي الرَّدِ عَلَى المُقَلِّدِيْنَ، وَكَانَ مَيَّالاً إِلَى الآثَارِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ البَرِّ يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِبَلَدِنَا أَفْقَهَ مِنْ قَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ الجَبَّابِ.
مَاتَ: فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، هُوَ وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ فِي عَامٍ، وَمَا خَلَّفَا مِثْلَهُمَا. (13/330)
(25/331)