باب ما جاء في صفة جهنم و حرها و شدة عذابها
 
الترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة قال أبو عيسى و حديث أبي هريرة في هذا الباب موقوف أصح و لا أعلم أحداً رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن أبي شريك .
ابن المبارك ، عن أبي هريرة قال : إن النار أوقدت ألف سنة فابيضت ثم أوقدت ألف سنة فاحمرت ، ثم أقوقدت ألف سنة فاسودت فهي مظلمة كسواد الليل .
مالك ، عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنه قال ترونها كناركم لهي أشد سواداً من القار و القار : هو الزفت .
ابن المبارك قال : أخبرنا سفيان ، عن سليمان عن أبي ظبيان ، عن سلمان قال : النار سوداء لا يضيء لهبها و لا جمرها ثم قرأ كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها .
مالك ، و عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أصح ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم . قالوا يا رسول الله : و إن كانت لكافية . قال : فإنها فضلت بتسعة و ستين جزءا أخرجه مسلم و زاد : كلها مثل حرها .
ابن ماجه ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم و لولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما كان لأحد فيها منفعة .
و في خبر آخر ، عن ابن عباس ، و هذه النار قد ضربت بماء البحر سبع مرات و لولا ذلك ما انتفع بها . ذكره أبو عمر رحمه الله ، و قال عبد الله بن مسعود : ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، و لولا أنه ضرب بها البحر عشر مرات ما انتفعتم منها بشيء ] .
و سئل ابن عباس عن نار الدنيا مم خلقت ؟ قال : من نار جهنم غير أنها أطفئت بالماء سبعين مرة و لولا ذلك ما قربت لأنها من نار جهنم .
مسلم عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يؤتى بأنعم أهل الدنيا يوم القيامة من أهل النار فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ، هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا . و الله يا رب ، و يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : هل رأيت بؤساً قط ، هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا و الله يا رب ما مر بي بؤس قط ، و لا رأيت شدة قط .
أخرجه ابن ماجه أيضاً من حديث محمد بن إسحاق ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من الكفار فيقول : اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ثم يخرج فيقال له : أي فلان هل أصابك نعيم قط ؟ فيقول : لا ما أصابني نعيم قط ، و يؤتى بأشد المؤمنين ضراً و بلاء فيقال : اغمسوه في الجنة فيغمس غمسة ثم يخرج ، فيقال له : أي فلان هل أصابك ضر قط أو بلاء ؟ فيقول ما أصابني ضر قط و لا بلاء .
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال ، حدثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو أن جهنمياً من أهل جهنم أخرج كفه إلى أهل الدنيا حتى يبصروها لأحرقت الدنيا من حرها ، و لو أن خازناً من خزنة جهنم أخرج إلى أهل الدنيا حتى يبصروه لمات أهل الدنيا حين يبصرونه من غضب الله تعالى .
و قال كعب الأحبار : و الذي نفس كعب بيده ، لو كنت بالمشرق و النار بالمغرب ، ثم كشف عنها لخرج دماغك من منخريك من شدة حرها . يا قوم هل لكم بهذا قرار ؟ أم لكم على هذا صبر ؟ يا قوم طاعة الله أهون عليكم من هذا العذاب فأطيعوه .
و خرج البزار في مسنده ، عن أبي هريرة قال في مسنده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم .
فصل : قوله : ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزء من نار جهنم يعني أنه لو جمع كل ما في الوجود من النار التي يوقدها ابن آدم لكانت جزءاً من جزءاً من أجزاء جهنم المذكور : بيانه ، أنه لو جمع حطب الدنيا فأوقد كله حتى صار ناراً لكان الجزء الواحد من أجزاء نار جهنم الذي هو من سبعين جزءاً أشد من حر نار الدنيا ، كما بينه في آخر الحديث .
و قوله : و إن كانت لكافية إن هنا مخففة من الثقيلة عن البصريين نظيره و إن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله أي إنها كانت كافية فأجابهم النبي صلى الله عليه و سلم : بأنها كما فضلت عليها في المقدار و العدد بتسعة و ستين فضلت عليها أيضاً في شدة الحر بتسعة و ستين ضعفاً .