اه
كلام الاصمعي.
37
- البيت
لرشيد بن شهاب اليشكري، وزعم التوزي - نقلا
عن بعضهم - أنه
مصنوع لا يحتج به، وليس كذلك، لان العلماء
عرفوا قائله ونسبوه إليه.
اللغة
:
" رأيتك
"
الخطاب
لقيس بن مسعود بن قيس بن خالد اليشكري،
وهو المذكور في آخر البيت "
وجوهنا
"
أراد
بالوجوه ذواتهم، ويروى "
لما
أن عرفت جلادنا "
أي:
ثباتنا
في الحرب وشدة وقع سيوفنا "
صددت
"
أعرضت
ونأيت "
طبت
النفس "
يريد
أنك رضيت "
عمرو
"
كان
صديقا حميما لقيس، وكان قوم الشاعر قد
قتلوه.
المعنى:
يندد
بقيس، لانه فر عن صديقه لما رأى وقع
أسيافهم، ورضي من الغنيمة بالاياب، فلم
يدافع عنه، ولم يتقدم للاخذ بثأره بعد أن
قتل.
الاعراب
:
" رأيتك
"
فعل
وفاعل ومفعول، وليس بحاجة لمفعول ثان،
لان "
رأى
"
هنا
بصرية "
لما
"
ظرفية
بمعنى حين تتعلق برأى "
أن
"
زائدة
"
عرفت
"
فعل
وفاعل "
وجوهنا
"
وجوه:
مفعول
به لعرف، ووجوه مضاف والضمير مضاف إليه
"
صددت
"
فعل
وفاعل، وهو جواب "
لما
"
و"
طبت
"
فعل
وفاعل، والجملة معطوفة على جملة صددت "
النفس
"
تمييز
نسبة "
يا
قيس "
يا:
حرف
نداء، و"
قيس
"
منادى،
وجملة النداء لا محل لها معترضة بين العامل
ومعموله "
عن
عمرو "
جار
ومجرور متعلق بصددت، أو بطبت على أنه ضمنه
معنى تسليت.
=
والأصل
وطبت نفسا فزاد الألف واللام وهذا بناء
على أن التمييز لا يكون إلا نكرة وهو مذهب
البصريين وذهب الكوفيون إلى جواز كونه
معرفة فالألف واللام عندهم غير زائدة
وإلى هذين البيتين اللذين أنشدناهما أشار
المصنف بقوله كبنات الأوبر وقوله وطبت
النفس يا قيس السري .
وبعض
الأعلام عليه دخلا للمح
ما قد كان عنه نقلا (1)
__________
=
الشاهد
فيه:
قوله
"
طبت
النفس "
حيث
أدخل الالف واللام على التمييز الذي يجب
له التنكير - ضرورة،
وذلك في اعتبار البصريين، وقد ذكر الشارح
أن الكوفيين لا يوجبون تنكير التمييز،
بل يجوز عندهم أن يكون معرفة وأن يكون
نكرة، وعلى ذلك لا تكون "
أل
"
زائدة،
بل تكون معرفة.
ومن
العلماء من قال
:
" النفس
"
مفعول
به لصددت، وتمييز طبت محذوف، والتقدير
على هذا:
صددت
النفس وطبت نفسا يا قيس عن عمرو، وعلى هذا
لا يكون في البيت شاهد، ولكن في هذا التقدير
من التكلف مالا يخفى.
(1)
" وبعض
"
مبتدأ،
وبعض مضاف و"
الاعلام
"
مضاف
إليه "
عليه
"
جار
ومجرور متعلق بدخل الآتي "
دخلا
"
دخل
فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو يعود على أل، والالف للاطلاق،
والجملة في محل رفع خبر المبتدأ "
للمح
"
جار
ومجرور متعلق بدخل، ولمح مضاف و"
ما
"
اسم
موصول مضاف إليه "
قد
"
حرف
تحقيق "
كان
"
فعل
ماض، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو يعود على بعض الاعلام "
عنه
"
جار
ومجرور متعلق بقوله نقل الآتي "
نقلا
"
نقل:
فعل
ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على بعض
الاعلام، والالف للاطلاق، والجملة في
محل نصب خبر كان، والجملة من كان ومعموليها
لا محل لها صلة الموصول.
كالفضل
والحارث والنعمان فذكر
ذا وحذفه سيان (1)
ذكر
المصنف فيما تقدم أن الألف واللام تكون
معرفة وتكون زائدة وقد تقدم الكلام عليهما
ثم ذكر في هذين البيتين أنها تكون للمح
الصفة والمراد بها الداخلة على ما سمي به
من الأعلام المنقولة مما يصلح دخول أل
عليه كقولك في حسن الحسن وأكثر ما تدخل
على المنقول من صفة كقولك في حارث الحارث
وقد تدخل على المنقول من مصدر كقولك في
فضل الفضل وعلى المنقول من اسم جنس غير
مصدر كقولك في نعمان النعمان وهو في الأصل
من أسماء الدم (2)
فيجوز
دخول أل في هذه الثلاثة نظرا إلى الأصل
وحذفها نظرا إلى الحال وأشار بقوله للمح
ما قد كان عنه نقلا إلى أن فائدة دخول
الألف واللام الدلالة على الالتفات إلى
ما نقلت عنه من صفة أو ما في معناها.
__________
(1)
" كالفضل
"
جار
ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف،
أي:
وذلك
كائن كالفضل "
والحارث
والنعمان "
معطوفان
على الفضل "
فذكر
"
مبتدأ،
وذكر مضاف و"
ذا
"
اسم
إشارة مضاف إليه "
وحذفه
"
الواو
حرف عطف، حذف:
معطوف
على المبتدأ، وحذف مضاف والضمير مضاف
إليه "
سيان
"
خبر
المبتدأ وما عطف عليه، مرفوع بالالف نيابة
عن الضمة لانه مثنى، والنون عوض عن التنوين
في الاسم المفرد:
(2) هنا
شيئان:
الاول
أن الذي تلمحه حين تدخل "
أل
"
على
نعمان هو وصف الحمرة التي يدل عليها لفظه
بحسب الاصل الاول التزاما، لان الحمره
لازمة للدم.
والثاني:
أن
الناظم في كتاب التسهيل جعل
"
نعمان
"
من
أمثلة العلم الذي قارنت "
أل
"
وضعه
كاللات والعزى والسموأل، وهذه لازمة،
بدليل قوله هناك "
وقد
تزاد لازما "
وهنا
مثل به لما زيدت عليه
"
أل
"
بعد
وضعه للمح الاصل، وهذه ليست بلازمة على
ما قال "
فذكر
ذا وحذفه سيان "
والخطب
في هذا سهل، لانه يحمل على أن العرب سمت
"
النعمان
"
أحيانا
مقرونا بأل، فيكون من النوع الاول، وسمت
أحيانا أخرى "
نعمان
"
بدون
أل، فيكون من النوع الثاني.
وحاصله
أنك إذا أردت بالمنقول من صفة (1)
ونحوه
أنه إنما سمي به تفاؤلا بمعناه أتيت بالألف
واللام للدلالة على ذلك كقولك الحارث
نظرا إلى أنه إنما سمي به للتفاؤل وهو أنه
يعيش ويحرث وكذا كل ما دل على معنى وهو
مما يوصف به في الجملة كفضل ونحوه وإن لم
تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل
الألف واللام بل تقول فضل وحارث ونعمان
فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد
بدونهما فليستا بزائدتين خلافا لمن زعم
ذلك وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على
السواء كما هو ظاهر كلام المصنف بل الحذف
والإثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق
ذكرهما وهو أنه إذا لمح الأصل جيء بالألف
واللام وإن لم يلمح لم يؤت بهما .
وقد
يصير علما بالغلبه مضاف
أو مصحوب أل كالعقه (2)
وحذف
أل ذي إن تناد أو تضف أوجب
وفي غيرهما قد تنحذف (3)
__________
(1)
" وقد
"
الواو
للاستئناف، قد:
حرف
تقليل "
يصير
"
فعل
مضارع ناقص "
علما
"
خبر
يصير مقدم على اسمه "
بالغلبة
"
جار
ومجرور متعلق بيصير "
مضاف
"
اسم
يصير مؤخر عن خبره "
أو
مصحوب "
أو:
حرف
عطف، مصحوب معطوف على مضاف، ومصحوب مضاف،
و"
أل
"
قصد
لفظه:
مضاف
إليه "
كالعقبة
"
جار
ومجرور
متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وتقدير
الكلام:
وذلك
كائن كالعقبة.
(2)
" وحذف
"
الواو
للاستئناف، حذف:
مفعول
به مقدم على عامله وهو "
أوجب
"
الآتي،
وحذف مضاف، و"
أل
"
قصد
لفظه:
مضاف
إليه "
ذي
"
اسم
إشارة نعت لال "
إن
"
شرطية
"
تناد
"
فعل
مضارع فعل الشرط، مجزوم بحذف الياء،
وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت
"
أو
"
عاطفة
"
تضف
"
معطوف
على "
تناد
"
مجزوم
=
من
أقسام الألف واللام أنها تكون للغلبة نحو
المدينة والكتاب فإن حقهما الصدق على كل
مدينة وكل كتاب لكن غلبت المدينة على
مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ والكتاب على كتاب سيبويه رحمه
الله تعالى حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر
إلى الفهم غيرهما.
وحكم
هذه الألف واللام أنها لا تحذف إلا في
النداء أو الإضافة نحو يا صعق في الصعق
(1)
وهذه
مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
وقد
تحذف في غيرهما شذوذا سمع من كلامهم هذا
عيوق طالعا (2)
والأصل
العيوق (3)
وهو
اسم نجم وقد يكون العلم بالغلبة أيضا
مضافا كابن عمر وابن عباس وابن مسعود
__________
=
بالسكون،
وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت
"
أوجب
"
فعل
أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير
أنت، وجواب الشرط محذوف لدلالة هذا عليه،
أو جملة أوجب وفاعله في محل جزم جواب
الشرط، وحذف الفاء منها -
مع
أنها جملة طلبية -
ضرورة
"
وفي
"
الواو
حرف عطف، في:
حرف
جر "
غيرهما
"
غير:
مجرور
بفي، وغير مضاف والضمير -
الذي
يعود على النداء والاضافة -
مضاف
إليه، والجار والمجرور متعلق بتنحذف
الآتي "
قد
"
حرف
تقليل "
تنحذف
"
فعل
مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هي يعود على "
أل
"
وتقدير
البيت:
إن
تناد أو تضف فأوجب حذف أل هذه، وقد تنحذف
أل في غير النداء والاضافة.
(1)
الصعق
- في
أصل اللغة - اسم
يطلق على كل من رمى بصاعقة، ثم اختص بعد
ذلك بخويلد بن نفيل، وكان من شأنه أنه كان
يطعم الناس بتهامة، فعصفت الربح التراب
في جفانه، فسبها، فرمى بصاعقة، فقال الناس
عنه:
الصعق.
(2)
العيوق
- في
أصل الوضع - كلمة
على زنة فيعول من قولهم:
عاق
فلان فلانا يعوقه، إذا حال بينه وبين
غرضه، ومعناه عائق، وهو بهذا صالح للاطلاق
على كل معوق لغيره، وخصوا به نجما كبيرا
قريبا من نجم الثريا ونجم الدبران، زعموا
أنهم سموه بذلك لان الدبران يطلب الثريا
والعيوق يحول بينه وبين إدراكها.
فإنه
غلب على العبادلة (1)
دون
غيرهم من أولادهم وإن كان حقه الصدق عليهم
لكن غلب على هؤلاء حتى إنه إذا أطلق ابن
عمر لا يفهم منه غير عبد الله وكذا ابن
عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين
وهذه الإضافة لا تفارقه لا في نداء ولا
في غيره نحو يا ابن عمر.
__________
(1)
العبادلة:
جمع
عبدل، بزنة جعفر، وعبدل يحتمل أمرين:
أولهما
أن يكون أصله "
عبد
"
فزيدت
لام في آخره، كما زيدت في "
زيد
"
حتى
صار زيدلا، والثاني أن يكونوا قد نحتوه
من "
عبد
الله "
فاللام
هي لام لفظ الجلالة، والنحت باب واسع،
فقد قالوا:
عبشم،
من عبد شمس، وعبدر، من عبد الدار، ومرقس،
من امرئ القيس، وقالوا:
حمدلة،
من الحمد لله، وسبحلة، من سبحان الله،
وجعفده، من قولهم:
جعلت
فداءك، وطلبقة، من قولهم:
أطال
الله بقاءك - وأشباه
لهذا كثيرة.
وقال
الشاعر، وينسب لعمر بن أبي ربيعة، فجاء
بالفعل واسم فاعله على طريق النحت:
لقد
بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك
الحبيب المبسمل ولكثرة ما ورد من هذا
النحو نرى أنه يجوز لك أن تقيس عليه، فتقول
"
مشأل
مشألة "
إذا
قال:
ما
شاء الله، وتقول "
سبحر
سبحرة "
إذا
قال:
سبحان
ربي، وتقول "
نعمص
نعمصة "
إذا
قال:
نعم
صباحك، وتقول "
نعمس
نعمسة "
إذا
قال:
نعم
مساؤك، وهكذا، وقدامي العلماء يرون باب
النحت مقصورا على ما سمع منه عن العرب وهو
من تحجير الواسع، فتدبر هذا، ولا تكن أسير
التقليد، وانظر القسم الاول من كتابنا
دروس التصريف (ص
22
طبعة
ثانية).