المعرف بأداة التعريف
 
أل حرف تعريف أو اللام فقط   فنمط عرفت قل فيه النمط (1)

اختلف النحويون في حرف التعريف في الرجل ونحوه فقال الخليل المعرف هو أل وقال سيبويه هو اللام وحدها فالهمزة عند الخليل همزة قطع وعند سيبويه همزة وصل اجتلبت للنطق بالساكن (2)

__________

(1) " أل " مبتدأ " حرف " خبر المبتدأ، وحرف مضاف و" تعريف " مضاف إليه " أو " عاطفة " اللام " مبتدأ، وخبره محذوف يدل عليه ما قبله، والتقدير:
أو اللام حرف تعريف
" فقط " الفاء حرف زائد (لتزيين) ؟ اللفظ، وقط:
اسم بمعنى حسب - أي كاف - حال من
" اللام " وتقدير الكلام:
أو اللام حال كونه كافيك، أو الفاء داخلة في جواب شرط محذوف و
" قط " على هذا إما اسم فعل أمر بمعنى انته، وتقدير الكلام " إذا عرفت ذلك فانته " وإما اسم بمعنى كاف خبر لمبتدأ محذوف، أي إذا عرفت ذلك فهو كافيك، وقوله " نمط " مبتدأ " عرفت " فعل وفاعل، والجملة في محل رفع نعت لنمط " قل " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " فيه " جار ومجرور متعلق بقل " النمط " مفعول به لقل، لانه مقصود لفظه، وقيل:
إن
" عرفت " فعل شرط حذفت أداته، وجملة " قل " جواب الشرط حذفت منه الفاء، والتقدير:
نمط إن عرفته فقل فيه النمط، أي إن أردت تعريفه، وجملة الشرط وجوابه على هذا خبر المبتدأ، وهو تكلف لا داعي له.

(2) ذهب الخليل إلى أن أداة التعريف هي " أل " برمتها، وأن الهمزة همزة أصلية، وأنها همزة قطع، بدليل أنها مفتوحة، إذ لو كانت همزة وصل لكسرت، لان الاصل في همزة الوصل الكسر، ولا تفتح أو تضم إلا لعارض، وليس هنا عارض يقتضي ضمها أو فتحها، وبقي عليه أن يجيب عما دعا إلى جعلها في الاستعمال همزة وصل، = (12 - شرح ابن عقيل 1)

والألف واللام المعرفة تكون للعهد كقولك لقيت رجلا فأكرمت الرجل وقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ولاستغراق الجنس نحو إن الإنسان لفي خسر وعلامتها أن يصلح موضعها كل ولتعريف الحقيقة نحو الرجل خير من المرأة أي هذه الحقيقة خير من هذه الحقيقة.
والنمط ضرب من البسط والجمع أنماط مثل سبب وأسباب والنمط أيضا الجماعة من الناس الذين أمرهم واحد كذا قاله الجوهري .
وقد تزاد لازما
: كاللات   والآن والذين ثم اللات (1)
ولاضطرار: كبنات الأوبر   كذا وطبت النفس يا قيس السري (2)

__________

= والجواب عنده أنها إنما صارت همزة وصل في الاستعمال، لقصد التخفيف الذي اقتضاه كثرة استعمال هذا اللفظ.

وذهب سيبويه رحمه الله إلى أن أداة التعريف هي اللام وحدها، وأن الهمزة زائدة، وأنها همزة وصل أتى بها توصلا إلى النطق بالساكن، فإن قيل:
فلماذا أتى بالهمزة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن ولم تتحرك اللام ؟ أجيب عن ذلك بأنها لو حركت لكانت إما أن تحرك بالكسر فتلتبس بلام الجر، أو بالفتح فتلتبس بلام الابتداء، أو بالضم فتكون مما لا نظير له في العربية، فلاجل ذلك عدل عن تحريك اللام، وأبقيت على أصل وضعها، وجئ بهمزة الوصل قبلها.

(1) " قد " حرف تقليل " تزاد " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى " أل " " لازما " حال من مصدر الفعل السابق، وتقديره:
تزاد حال كون الزيد لازما، وقيل:
هو مفعول مطلق، وهو

وصف لمصدر محذوف:
أي زيدا لازما، وأنكر هذا ابن هشام على المعربين " كاللات " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير:
وذلك كائن كاللات
" والآن، والذين، ثم اللات " معطوفات على اللات.

(2) " لاضطرار " جار ومجرور متعلق بتزاد " كبنات " الكاف جارة لقول =
ذكر المصنف في هذين البيتين أن الألف واللام تأتي زائدة وهي في زيادتها على قسمين لازمة وغير لازمة.
ثم مثل الزائدة اللازمة ب اللات
(1) وهو اسم صنم كان بمكة وب الآن وهو ظرف زمان مبني على الفتح (2) واختلف في الألف واللام الداخلة عليه

__________

= محذوف، وهي ومجرورها يتعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي:
وذلك كائن كقولك إلخ، وبنات مضاف و
" الاوبر " مضاف إليه " كذا " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ من مادة القول محذوف أيضا " طبت " فعل وفاعل " النفس " تمييز " يا " حرف نداء " قيس " منادى مبني على الضم في محل نصب " السري " نعت له، وتقدير الكلام:
وقولك
: " طبت النفس يا قيس " كذلك.

(1) مثل اللات كل علم قارنت " أل " وضعه لمعناه العلمي، سواء أكان مرتجلا أم كان منقولا، فمثال المرتجل من الاعلام التي فيها " أل " وقد قارنت وضعه:
السموأل، وهو اسم شاعر جاهلي مشهور يضرب به المثل في الوفاء، ومثال المنقول من الاعلام التي فيها
" أل " وقد قارنت وضعه للعلمية أيضا:
العزى، وهو في الاصل مؤنث الاعز وصف من العزة، ثم سمى به صنم أو شجرة كانت غطفان تعبدها، ومنه اللات، وهو في الاصل اسم فاعل من لت السويق بلته، ثم سمى به صنم، وأصله بتشديد التاء، فلما سمى به خففت تاؤه، لان الاعلام كثيرا ما يغير فيها، ومنه
" اليسع " فإن أصله فعل مضارع ماضيه وسع ثم سمى به.

(2) أكثر النحاة على أن " الآن " مبني على الفتح، ثم اختلفوا في سبب بنائه ؟ فذهب قوم إلى أن علة بنائه تضمنه معنى " أل " الحضورية، وهذا الرأي هو الذي نقله الشارح عن المصنف وجماعة، وهؤلاء يقولون:
إن
" أل " الموجودة فيه زائدة، وبناؤه لتضمنه معنى " أل " أخرى غير موجودة، ونظير ذلك بناء " الامس " في قول نصيب بن رباح:
وإني وقفت اليوم والامس قبله ببابك حتى كادت الشمس تغرب فإنهم جعلوا بناءه في هذا وما أشبهه لتضمنه معنى
" أل " غير الموجودة فيه، وهذا =
فذهب قوم إلى أنها لتعريف الحضور كما في قولك مررت بهذا الرجل لأن قولك الآن بمعنى هذا الوقت وعلى هذا لا تكون زائدة وذهب قوم منهم المصنف إلى أنها زائدة وهو مبني لتضمنه معنى الحرف وهو لام الحضور.
ومثل أيضا ب الذين واللات والمراد بهما ما دخل عليه أل من الموصولات وهو مبني على أن تعريف الموصول بالصلة فتكون الألف واللام زائدة وهو مذهب قوم واختاره المصنف وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول ب أل إن كانت فيه نحو الذي فإن لم تكن فيه فبنيتها نحو من وما إلا أيا فإنها تتعرف بالإضافة فعلى هذا المذهب لا تكون الألف واللام زائدة وأما حذفها في قراءة من قرأ صراط لذين أنعمت عليهم فلا يدل على أنها زائدة إذ يحتمل أن تكون حذفت شذوذا وإن كانت معرفة كما حذفت من قولهم سلام عليكم من غير تنوين يريدون السلام عليكم.
وأما الزائدة غير اللازمة فهي الداخلة اضطرارا على العلم كقولهم في بنات أوبر علم لضرب من الكمأة بنات الأوبر ومنه قوله:

__________

= عجيب منهم، لانهم ألغوا الموجود، واعتبروا المعدوم، وقال قوم:
بني
" الآن " لضمنه معنى الاشارة، فإنه بمعنى هذا الوقت، وهذا قول الزجاج، وقيل:
بني
" الآن " لشبهه بالحرف شبها جموديا، ألا ترى أنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر ؟ بخلاف غيره من أسماء الزمان كحين ووقت وزمن وساعة، ومن الناس من يقول:
الآن اسم إشارة إلى الزمان، كما أن هنا اسم إشارة إلى المكان، فبناؤه على هذا لتضمنه معنى كان حقه أن يؤدى بالحرف، ومن النحاة من ذهب إلى أنه معرب، وأنه ملازم للنصب على الظرفية وقد يخرج عنها إلى الجر بمن، فيقال:
سأحالفك من الآن، بالجر، ويقول صاحب النكت
: " وهذا قول لا يمكن القدح فيه، وهو الراجح عندي، والقول ببنائه لا توجد له علة صحيحة " اهـ.

181 - ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا   ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

__________

36 - هذا البيت من الشواهد التي لم يعرفوا لها قائلا، وممن استشهد به أبو زيد في النوادر.

اللغة: " جنيتك " معناه جنيت لك، ومثله - في حذف اللام وإيصال الفعل إلى ما كان مجرورا - قوله تعالى: (وإذا كالوهم أو وزنوهم) و(يبغونها عوجا) و(والقمر قدرناه منازل) " أكمؤا " جمع كم ء - بزنة فلس - ويجمع الكم ء على كمأة، أيضا، فيكون المفرد خاليا من التاء وهي في جمعه، على عكس تمرة وتمر، وهذا من نوادر اللغة، " وعساقلا " جمع عسقول - بزنة عصفور - وهو نوع من الكمأة، وكان أصله عساقيل، فحذفت الياء كما حذفت في قوله تعالى: (وعنده

مفاتح الغيب) فإنه جمع مفتاح، وكان قياسه مفاتيح، فحذفت الياء، ويقال:
المفاتح جمع مفتح، وليس جمع مفتاح، فلا حذف، وكذا يقال:
العساقل جمع عسقل بزنة منبر و
" بنات الاوبر " كمأة صغار مزغبة كلون التراب، وقال أبو حنيفة الدينوري:
بنات أوبر كمأة كأمثال الحصي صغار، وهي رديئة الطعم.

الاعراب: " ولقد " الواو للقسم، واللام للتأكيد، وقد:
حرف تحقيق
" جنيتك " فعل وفاعل ومفعول أول " أكمؤا " مفعول ثان " وعساقلا " معطوف على قوله أكمؤا " ولقد " الواو عاطفة، واللام موطئة للقسم، و" قد " حرف تحقيق " نهيتك " فعل وفاعل ومفعول " عن " حرف جر " بنات " مجرور بعن، وبنات مضاف و" الاوبر " مضاف إليه.

الشاهد فيه:
قوله " بنات الاوبر " حيث زاد " أل " في العلم مضطرا، لان " بنات أوبر " علم على نوع من الكمأة ردئ، والعلم لا تدخله " أل "، فرارا من اجتماع معرفين، وهما حينئذ العلمية وأل، فزادها هنا ضرورة، قال الاصمعي: " وأما قول الشاعر:
ولقد نهيتك عن بنات الاوبر فإنه زاد الالف واللام للضرورة، وكقول الراجز:
باعد أم العمرو من أسيرها حراس أبواب لدى قصورها =
والأصل بنات أوبر فزيدت الألف واللام وزعم المبرد أن بنات أوبر ليس بعلم فالألف واللام عنده غير زائدة ومنه الداخلة اضطرارا على التمييز كقوله:

37 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا ...

صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

__________

(وقد سبق لنا ذكر هذا البيت في باب العلم، ونسبناه هناك لابي النجم العجلي) وقول آخر:
يا ليت أم العمرو كانت صاحبي مكان من أشتى على الركائب قال:
وقد يجوز أن أوبر نكرة فعرفه باللام، كما حكى سيبويه أن عرسا من ابن عرس قد نكره بعضهم فقال:
هذا ابن عرس مقبل
" اه كلام الاصمعي.

37 - البيت لرشيد بن شهاب اليشكري، وزعم التوزي - نقلا عن بعضهم - أنه مصنوع لا يحتج به، وليس كذلك، لان العلماء عرفوا قائله ونسبوه إليه.

اللغة: " رأيتك " الخطاب لقيس بن مسعود بن قيس بن خالد اليشكري، وهو المذكور في آخر البيت " وجوهنا " أراد بالوجوه ذواتهم، ويروى " لما أن عرفت جلادنا " أي:
ثباتنا في الحرب وشدة وقع سيوفنا
" صددت " أعرضت ونأيت " طبت النفس " يريد أنك رضيت " عمرو " كان صديقا حميما لقيس، وكان قوم الشاعر قد قتلوه.

المعنى:
يندد بقيس، لانه فر عن صديقه لما رأى وقع أسيافهم، ورضي من الغنيمة بالاياب، فلم يدافع عنه، ولم يتقدم للاخذ بثأره بعد أن قتل.

الاعراب: " رأيتك " فعل وفاعل ومفعول، وليس بحاجة لمفعول ثان، لان " رأى " هنا بصرية " لما " ظرفية بمعنى حين تتعلق برأى " أن " زائدة " عرفت " فعل وفاعل " وجوهنا " وجوه:
مفعول به لعرف، ووجوه مضاف والضمير مضاف إليه
" صددت " فعل وفاعل، وهو جواب " لما " و" طبت " فعل وفاعل، والجملة معطوفة على جملة صددت " النفس " تمييز نسبة " يا قيس " يا:
حرف نداء، و
" قيس " منادى، وجملة النداء لا محل لها معترضة بين العامل ومعموله " عن عمرو " جار ومجرور متعلق بصددت، أو بطبت على أنه ضمنه معنى تسليت.

=

والأصل وطبت نفسا فزاد الألف واللام وهذا بناء على أن التمييز لا يكون إلا نكرة وهو مذهب البصريين وذهب الكوفيون إلى جواز كونه معرفة فالألف واللام عندهم غير زائدة وإلى هذين البيتين اللذين أنشدناهما أشار المصنف بقوله كبنات الأوبر وقوله وطبت النفس يا قيس السري .
وبعض الأعلام عليه دخلا   للمح ما قد كان عنه نقلا (1)

__________

= الشاهد فيه:
قوله
" طبت النفس " حيث أدخل الالف واللام على التمييز الذي يجب له التنكير - ضرورة، وذلك في اعتبار البصريين، وقد ذكر الشارح أن الكوفيين لا يوجبون تنكير التمييز، بل يجوز عندهم أن يكون معرفة وأن يكون نكرة، وعلى ذلك لا تكون " أل " زائدة، بل تكون معرفة.

ومن العلماء من قال: " النفس " مفعول به لصددت، وتمييز طبت محذوف، والتقدير على هذا:
صددت النفس وطبت نفسا يا قيس عن عمرو، وعلى هذا لا يكون في البيت شاهد، ولكن في هذا التقدير من التكلف مالا يخفى.

(1) " وبعض " مبتدأ، وبعض مضاف و" الاعلام " مضاف إليه " عليه " جار ومجرور متعلق بدخل الآتي " دخلا " دخل فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على أل، والالف للاطلاق، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " للمح " جار ومجرور متعلق بدخل، ولمح مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " كان " فعل ماض، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على بعض الاعلام " عنه " جار ومجرور متعلق بقوله نقل الآتي " نقلا " نقل:
فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على بعض الاعلام، والالف للاطلاق، والجملة في محل نصب خبر كان، والجملة من كان ومعموليها لا محل لها صلة الموصول.
كالفضل والحارث والنعمان   فذكر ذا وحذفه سيان
(1)

ذكر المصنف فيما تقدم أن الألف واللام تكون معرفة وتكون زائدة وقد تقدم الكلام عليهما ثم ذكر في هذين البيتين أنها تكون للمح الصفة والمراد بها الداخلة على ما سمي به من الأعلام المنقولة مما يصلح دخول أل عليه كقولك في حسن الحسن وأكثر ما تدخل على المنقول من صفة كقولك في حارث الحارث وقد تدخل على المنقول من مصدر كقولك في فضل الفضل وعلى المنقول من اسم جنس غير مصدر كقولك في نعمان النعمان وهو في الأصل من أسماء الدم (2) فيجوز دخول أل في هذه الثلاثة نظرا إلى الأصل وحذفها نظرا إلى الحال وأشار بقوله للمح ما قد كان عنه نقلا إلى أن فائدة دخول الألف واللام الدلالة على الالتفات إلى ما نقلت عنه من صفة أو ما في معناها.

__________

(1) " كالفضل " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي:
وذلك كائن كالفضل
" والحارث والنعمان " معطوفان على الفضل " فذكر " مبتدأ، وذكر مضاف و" ذا " اسم إشارة مضاف إليه " وحذفه " الواو حرف عطف، حذف:
معطوف على المبتدأ، وحذف مضاف والضمير مضاف إليه
" سيان " خبر المبتدأ وما عطف عليه، مرفوع بالالف نيابة عن الضمة لانه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد: (2) هنا شيئان:
الاول أن الذي تلمحه حين تدخل
" أل " على نعمان هو وصف الحمرة التي يدل عليها لفظه بحسب الاصل الاول التزاما، لان الحمره لازمة للدم.

والثاني:
أن الناظم في كتاب التسهيل جعل " نعمان " من أمثلة العلم الذي قارنت " أل " وضعه كاللات والعزى والسموأل، وهذه لازمة، بدليل قوله هناك " وقد تزاد لازما "

وهنا مثل به لما زيدت عليه " أل " بعد وضعه للمح الاصل، وهذه ليست بلازمة على ما قال " فذكر ذا وحذفه سيان " والخطب في هذا سهل، لانه يحمل على أن العرب سمت " النعمان " أحيانا مقرونا بأل، فيكون من النوع الاول، وسمت أحيانا أخرى " نعمان " بدون أل، فيكون من النوع الثاني.
وحاصله أنك إذا أردت بالمنقول من صفة
(1) ونحوه أنه إنما سمي به تفاؤلا بمعناه أتيت بالألف واللام للدلالة على ذلك كقولك الحارث نظرا إلى أنه إنما سمي به للتفاؤل وهو أنه يعيش ويحرث وكذا كل ما دل على معنى وهو مما يوصف به في الجملة كفضل ونحوه وإن لم تنظر إلى هذا ونظرت إلى كونه علما لم تدخل الألف واللام بل تقول فضل وحارث ونعمان فدخول الألف واللام أفاد معنى لا يستفاد بدونهما فليستا بزائدتين خلافا لمن زعم ذلك وكذلك أيضا ليس حذفهما وإثباتهما على السواء كما هو ظاهر كلام المصنف بل الحذف والإثبات ينزل على الحالتين اللتين سبق ذكرهما وهو أنه إذا لمح الأصل جيء بالألف واللام وإن لم يلمح لم يؤت بهما .
وقد يصير علما بالغلبه   مضاف أو مصحوب أل كالعقه (2)
وحذف أل ذي إن تناد أو تضف   أوجب وفي غيرهما قد تنحذف
(3)

__________

(1) " وقد " الواو للاستئناف، قد:
حرف تقليل
" يصير " فعل مضارع ناقص " علما " خبر يصير مقدم على اسمه " بالغلبة " جار ومجرور متعلق بيصير " مضاف " اسم يصير مؤخر عن خبره " أو مصحوب " أو:
حرف عطف، مصحوب معطوف على مضاف، ومصحوب مضاف، و
" أل " قصد لفظه:
مضاف إليه
" كالعقبة " جار

ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وتقدير الكلام:
وذلك كائن كالعقبة.

(2) " وحذف " الواو للاستئناف، حذف:
مفعول به مقدم على عامله وهو
" أوجب " الآتي، وحذف مضاف، و" أل " قصد لفظه:
مضاف إليه
" ذي " اسم إشارة نعت لال " إن " شرطية " تناد " فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بحذف الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أو " عاطفة " تضف " معطوف على " تناد " مجزوم =
من أقسام الألف واللام أنها تكون للغلبة نحو المدينة والكتاب فإن حقهما الصدق على كل مدينة وكل كتاب لكن غلبت المدينة على مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والكتاب على كتاب سيبويه رحمه الله تعالى حتى إنهما إذا أطلقا لم يتبادر إلى الفهم غيرهما.
وحكم هذه الألف واللام أنها لا تحذف إلا في النداء أو الإضافة نحو يا صعق في الصعق
(1) وهذه مدينة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد تحذف في غيرهما شذوذا سمع من كلامهم هذا عيوق طالعا
(2) والأصل العيوق (3) وهو اسم نجم وقد يكون العلم بالغلبة أيضا مضافا كابن عمر وابن عباس وابن مسعود

__________

= بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " أوجب " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقدير أنت، وجواب الشرط محذوف لدلالة هذا عليه، أو جملة أوجب وفاعله في محل جزم جواب الشرط، وحذف الفاء منها - مع أنها جملة طلبية - ضرورة " وفي " الواو حرف عطف، في: حرف جر " غيرهما " غير: مجرور بفي، وغير مضاف والضمير - الذي يعود على النداء والاضافة - مضاف إليه، والجار والمجرور متعلق بتنحذف الآتي " قد " حرف تقليل " تنحذف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على " أل " وتقدير البيت: إن تناد أو تضف فأوجب حذف أل هذه، وقد تنحذف أل في غير النداء والاضافة.

(1) الصعق - في أصل اللغة - اسم يطلق على كل من رمى بصاعقة، ثم اختص بعد ذلك بخويلد بن نفيل، وكان من شأنه أنه كان يطعم الناس بتهامة، فعصفت الربح التراب في جفانه، فسبها، فرمى بصاعقة، فقال الناس عنه:
الصعق.

(2) العيوق - في أصل الوضع - كلمة على زنة فيعول من قولهم:
عاق فلان فلانا يعوقه، إذا حال بينه وبين غرضه، ومعناه عائق، وهو بهذا صالح للاطلاق على كل معوق لغيره، وخصوا به نجما كبيرا قريبا من نجم الثريا ونجم الدبران، زعموا أنهم سموه بذلك لان الدبران يطلب الثريا والعيوق يحول بينه وبين إدراكها.
فإنه غلب على العبادلة
(1) دون غيرهم من أولادهم وإن كان حقه الصدق عليهم لكن غلب على هؤلاء حتى إنه إذا أطلق ابن عمر لا يفهم منه غير عبد الله وكذا ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وهذه الإضافة لا تفارقه لا في نداء ولا في غيره نحو يا ابن عمر.

__________

(1) العبادلة:
جمع عبدل، بزنة جعفر، وعبدل يحتمل أمرين:
أولهما أن يكون أصله
" عبد " فزيدت لام في آخره، كما زيدت في " زيد " حتى صار زيدلا، والثاني أن يكونوا قد نحتوه من " عبد الله " فاللام هي لام لفظ الجلالة، والنحت باب واسع، فقد قالوا:
عبشم، من عبد شمس، وعبدر، من عبد الدار، ومرقس، من امرئ القيس، وقالوا:
حمدلة، من الحمد لله، وسبحلة، من سبحان الله، وجعفده، من قولهم:
جعلت فداءك، وطلبقة، من قولهم:
أطال الله بقاءك - وأشباه لهذا كثيرة.

وقال الشاعر، وينسب لعمر بن أبي ربيعة، فجاء بالفعل واسم فاعله على طريق النحت:

لقد بسملت ليلى غداة لقيتها فيا حبذا ذاك الحبيب المبسمل ولكثرة ما ورد من هذا النحو نرى أنه يجوز لك أن تقيس عليه، فتقول " مشأل مشألة " إذا قال:
ما شاء الله، وتقول
" سبحر سبحرة " إذا قال:
سبحان ربي، وتقول
" نعمص نعمصة " إذا قال:
نعم صباحك، وتقول
" نعمس نعمسة " إذا قال:
نعم مساؤك، وهكذا، وقدامي العلماء يرون باب النحت مقصورا على ما سمع منه عن العرب وهو من تحجير الواسع، فتدبر هذا، ولا تكن أسير التقليد، وانظر القسم الاول من كتابنا دروس التصريف
(ص 22 طبعة ثانية).

الموضوع التالي


الإبتداء : أ

الموضوع السابق


الموصول : ت