فصل في حكمه صلى الله عليه وسلم فيمن تزوج امرأةً فوجدها فى الحَبَلِ
 
فى ((السنن)) ((والمصنَّف)): عن سعيد بن المسيب، عن بصرة بن أكثم، قال: تزوجت امرأة بكراً فى سترها، فدخلتُ عليها، فإذا هى حُبلى، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَالوَلَدُ عَبْدُ لَكَ، وإذا وَلَدَتْ فَاجْلِدوُهَا))، وفرَّق بينَهما.
وقد تضمَّن هذا الحكم بطلانَ نِكاح الحامل مِن زنى، وهو قولُ أهل المدينة، والامام أحمد، وجمهور الفقهاء، ووجوبُ المهر المسمى فى النكاح الفاسد، وهذا هو الصحيح من الأقوال الثلاثة. والثانى: يجب مهر المثل، وهو قول الشافعى رحمه الله. والثالث: يجبُ أقلُّ الأمرين.
وتضمنت وجوبَ الحد بالحَبَل وإن لم تقُمْ بينة ولا اعتراف، والحبل من أقوى البينات، وهذا مذهبُ عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأهل المدينة، وأحمد فى إحدى الروايتين عنه.
وأما حكمه بكون الولد عبداً للزوج، فقد قيل: إنه لما كان ولد زنى لا أب له، وقد غرَّته من نفسها، وغَرِمَ صداقها أخدمه ولدها، وجعله له بمنزلة العبد لا أنه أرقَّه، فإنه انعقد حراً تبعاً لحرية أمه، وهذا محتمل، ويحتمِلُ أن يكون أرقَّه عقوبة لأمه على زناها وتغريرها للزوج، ويكون هذا خاصاً بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم، وبذلك الولد لا يتعدَّى الحكم إلى غيره، ويحتمِلُ أن يكون هذا منسوخاً. وقد قيل: إنه كان فى أول الإسلام يُسترق الحر فى الدَّين، وعليه حمل بيعُه صلى الله عليه وسلم لسُرَّقٍ فى دَينه. والله أعلم.