باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر
 
( باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر [ 116 ] فيه حديث جابر رضى الله عنه ( أن الطفيل بن عمرو الدوسى هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص )
(2/130)

فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل فى منامه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يديه فقال له ما صنع بك ربك فقال غفر لى بهجرتى إلى نبيه صلى الله عليه و سلم فقال مالى آراك مغطيا يديك قال قيل لى لن نصلح منك ما أفسدت فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم اللهم وليديه فاغفر ) قوله فاجتووا المدينة هو بضم الواو الثانية ضمير جمع وهو ضمير يعود على الطفيل والرجل المذكور ومن يتعلق بهما ومعناه كرهوا المقام بها لضجر ونوع من سقم قال أبو عبيد والجوهرى وغيرهما اجتويت البلد اذا كرهت المقام به وان كنت فى نعمة قال الخطابى وأصله من الجوى وهو داء يصيب الجوف وقوله فأخذ مشاقص هي بفتح الميم وبالشين المعجمة وبالقاف والصاد المهملة وهى جمع مشقص بكسر الميم وفتح القاف قال الخليل وبن فارس وغيرهما هو سهم فيه نصل عريض وقال آخرون سهم طويل ليس بالعريض وقال الجوهرى المشقص ما طال وعرض وهذا هو الظاهر هنا لقوله قطع بها براجمه ولا يحصل ذلك الا بالعريض وأما البراجم بفتح الباء الموحدة وبالجيم فهي مفاصل الأصابع واحدتها برجمة وقوله فشخبت يداه هو بفتح الشين والخاء المعجمتين أى سال دمهما وقيل سال بقوة وقوله هل لك فى حصن حصين ومنعة هي بفتح الميم وبفتح النون واسكانها لغتان ذكرهما بن السكيت والجوهرى وغيرهما الفتح أفصح وهى العز والامتناع ممن يريده وقيل المنعة جمع مانع كظالم وظلمة أى جماعة يمنعونك ممن يقصدك بمكروه أما أحكام الحديث ففيه حجة لقاعدة عظيمة
(2/131)

لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر ولا يقطع له بالنار بل هو فى حكم المشيئة وقد تقدم بيان القاعدة وتقريرها وهذا الحديث شرح للاحاديث التى قبله الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر فى النار وفيه اثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصى فان هذا عوقب فى يديه ففيه رد على المرجئة القائلين بأن المعاصى لا تضر والله أعلم