47 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من كظم غيظا ، وهو قادر على أن يُنْفِذَه ، دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يُخيِّره من الحور العين ما شاء ))(159) رواه أبو داود ، والترميذي وقال : حديث حسن . 48 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال: ((لا تغضب )) فردَّدَ مرارًا ، قال (( لا تغضب )) (160) [رواه البخاري] . 49 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ))(161) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح] .
 
هذه الأحاديث في باب الصبر تدل على فضيلة الصبر .
أما الحديث الأول : حديث معاذ بن أنس - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة))
الغيظ : هو الغضب الشديد ، والإنسان الغاضب هو الذي يتصوَّر نفسه أنه قادر على أن ينفذ ؛ لأن من لا يستطيع لا يغضب ، ولكنه يحزن ، ولهذا يوصف الله بالغضب ولا يوصف بالحزن ؛ لأن الحزن نقص ، والغضب في محله كمال ؛ فإذا اغتاظ الإنسان من شخص وهو قادر على أن يفتك به ، ولكنه ترك ذلك ابتغاء وجه الله ، وصبراً على ما حصل له من أسباب الغيظ ؛ فله هذا الثواب العظيم أنه يُدعى على رؤوس الخلائق يوم القيامة ويخيَّر من أي الحور شاء .
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله ، أوصني . قال : (( لا تغضب )) فردد مررا فقال : (( لا تغضب )) فقد سبق الكلام عليه .
والحديث الثالث فهو أيضا دليل على أن الإنسان إذا صبر واحتسب الأجر عند الله كفَّرَ الله عنه سيئاته ، وإذا أُصيب الإنسان ببلاء في نفسه أو ولده أو ماله ، ثم صبر على ذلك ، فإن الله - سبحانه وتعالى - لا يزال يبتليه بهذا حتى لا يكون عليه خطيئة . ففيه دليل على أن المصائب في النفس والولد والمال تكون كفارة للإنسان ، حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة ، ولكن هذا إذا صبر .
أما إذا تسخَّط فإن من تسخط فله السخط . والله الموفق .



(159) أخرجه أبو داود ، كتاب الأدب، باب من كظم غيظاً، رقم (4777) والترمذي ، كتاب البر والصلة، باب في كظم الغيظ، رقم (2021)، وقال: حسن غريب، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب في العلم، رقم (4186)، والإمام أحمد في المسند (3/440) وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم (6518).

(160) تقدم تخريجه ص(271) .

(161) أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء، رقم (2399)، والإمام أحمد (2/287-450) وقال الترمذي : حسن صحيح.

الموضوع التالي


50 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهم- قال : قدم عُيينَة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يُدْنيهم عمر رضي الله عنه ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر - رضي الله عنه - ومشاوَرتِهِ، كهولا كانوا أو شبانا ، فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي ، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذنْ لي عليه ، فاستأذنَ ، فأذن له عمر . فلما دخل قال : هيه يا ابن الخطاب ، فو الله ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم فينا بالعدل ، فغضب عمر - رضي الله عنه - حتى هم أن يوقعَ به ، فقال له الحر: يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف:199] ، وإن هذا من الجاهلين ، والله ما جاوزها عمر حين تلاها ، وكان وقَّافًا عند كتاب الله تعالى ))(162) [رواه البخاري] .

الموضوع السابق


45 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ليس الشديد بالصُرَعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ))(155) [ متفق عليه ]. (( والصرعة )) بضم الصاد وفتح الراء ، وأصله عند العرب : من يصرع الناس كثيرا . 46 - وعن سليمان بن صُرَد - رضي الله عنه - قال : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ورجلان يَسْتَبَّان ، وأحدهما قد احمر وجهه ، وانتفخت أوداجه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ذهب منه ما يجد )) فقالوا له : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( تعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم ))(156) [متفق عليه] .