مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا
قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الوداع فأهللنا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بالحج مع (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا
قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الوداع فأهللنا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بالحج مع العمرة ثم
لا يحل حتى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَتْ فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا
بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي
رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ قَالَتْ فَفَعَلْتُ فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ
فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ هَذَا مَكَانُ عُمْرَتِكِ فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا مِنْهَا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ وَأَمَّا
الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا واحدا
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ بمثل ذلك
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى بِهَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ
مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ
وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ غَيْرِ يَحْيَى عن مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ
عَائِشَةَ لَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا رَوَى يَحْيَى
وَلَيْسَ إِسْنَادُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ غَيْرِ يَحْيَى مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِي هَذَا
الْحَدِيثَ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا فِي التَّمْهِيدِ
وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام
حجة الْوَدَاعِ فَفِيهِ حَجُّ الْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا
وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ سَفَرُهَا مَعَهُ حَيْثُ شَاءَ وَمِمَّا أُبِيحَ لَهُ وَلَهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسَافِرِ امْرَأَةٌ إِلَّا مَعَ زَوْجِهَا أَوْ أَبِيهَا أَوِ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ ذِي
مَحْرَمٍ مِنْهَا
وَرُوِيَ عَنْهُ مَسِيرَةُ بَرِيدٍ وَمَسِيرَةُ يَوْمٍ وَمَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَسِيرَةُ يَوْمَيْنِ وَمَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ
أَيَّامٍ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
تَعَالَى
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ يُطَاوِعُهَا عَلَى السَّفَرِ إِلَى
الْحَجِّ مَعَهَا هَلْ تَحُجُّ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ وَلَا ذِي مَحْرَمٍ أَمْ لَا وَهَلِ الزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ مِنَ
السَّبِيلِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آلِ عِمْرَانَ 97 أَمْ لَا
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ مِنَ السَّبِيلِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
والحسن البصري وبن سِيرِينَ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا لَزِمَ الْمَرْأَةَ الْحَجُّ وَأَبَى زَوْجُهَا مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ
مَعَهَا زَوْجٌ وَلَا ذُو مَحْرَمٍ حَجَّتْ مَعَ النِّسَاءِ وليس المحرم عندهما من السبيل
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362
وقال بن سِيرِينَ تَخْرُجُ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثِقَةٍ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ تَخْرُجُ مَعَ قَوْمٍ عُدُولٍ وَتَتَّخِذُ سلما تصعد عليه وتنزل ولا يقربها
رجل إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ وَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى ذِرَاعِهِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو
مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ لَا يَحْلُّ
لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا إِلَّا وَمَعَهَا
زَوْجُهَا أَوْ أَبُوهَا أَوْ أَخُوهَا أَوْ أُمُّهَا أَوِ ابْنُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
وَرَوَى يُونُسُ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ
الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحْلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ تُسَافِرُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ
فَقَالَتْ عَائِشَةُ مَا كُلُّهُنَّ ذَوَاتُ مَحْرَمٍ وَلَا كُلُّ النِّسَاءِ يَجِدْنَ مَحْرَمًا
وَأَمَّا قَوْلُهَا فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ فَإِنَّ عُرْوَةَ قَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ عَنْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخَالِفْهُ عِنْدِي مَنْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ عُرْوَةَ أَحْفَظُ أَصْحَابِ عَائِشَةَ
وَمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ بِإِجْمَاعٍ إِذَا
حَجَّ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ خُرُوجَهُمْ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهُوَ مِنْ شُهُورِ الْحَجِّ وَحَجُّوا فِي عَامِهِمْ
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْهُمُ الْمُتَمَتِّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَمِنْهُمُ الْمُنْفَرِدُ بِالْحَجِّ وَمِنْهُمْ مَنْ
قَرَنَ الْعُمْرَةَ مَعَ الْحَجِّ
وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْآثَارِ وَعُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا وَفِيمَا كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا بِهِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ يَوْمَئِذٍ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363
وَأَمَّا قَوْلُهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ بِالْحَجِّ
مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهَا جَمِيعًا
وَفِيهِ أَدَلُّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي حَجَّتِهِ قَارِنَا فَإِنَّهُ
لَا خِلَافَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ الْهَدْيُ سَاقَهُ مَعَ نَفْسِهِ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَشْعَرَهُ إِلَى
مَا أَتَى بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا حَدِيثُ حَفْصَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلُهُ إِنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي
وَقَلَّدْتُ هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ
فَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ قَوْلِهِ لِأَصْحَابِهِ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ أَوْضَحُ
دَلِيلٍ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِلَى الْآثَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا
ذِكْرَهَا فِي بَابِ الْقِرَانِ قَدْ صَرَّحَتْ وَأَفْصَحَتْ بِأَنَّهُ كَانَ قَارِنًا فَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَمَا
وَصَفْنَا كَانَ مَعْنَى قَوْلِ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ فِي رِوَايَةِ الْقَاسِمِ وَمَنْ تَابَعَهُ عَنْهَا بِأَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ أَيْ أَبَاحَ الْإِفْرَادَ وَأَذِنَ فِيهِ وَأَمَرَ بِهِ
وَبَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا وُجُوهَ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ يَحْيَى وَهِمَ فِي رِوَايَةِ حَدِيثِ هَذَا
الْبَابِ عَنْ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أبيه وإنما هو حديث عن بن
شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ
وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى
عَنْهُ فَذَكَرَهُ فِي حِينِ كَوْنِ يَحْيَى عِنْدَهُ
وَأَمَّا قَوْلُهَا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَهَذَا مَا
لَا خِلَافَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ سُنَّةَ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ كِتَابِنَا مَعَانِيَ ذَلِكَ كله
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364
وَأَمَّا قَوْلُهَا فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ انْقُضِي رَأْسَكِ وَأَهِلِّي
بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ تَأَولُوا فِي قَوْلِهِ
وَدَعِي الْعُمْرَةَ أَيْ دَعِي عَمَلَ الْعُمْرَةِ يَعْنِي الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أمرها برفض العمرة وإن شاء الحج كما زعم
الكوفيون
وذكر بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَذَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ
عِنْدَنَا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا قَالَ وَأَظُنُّهُ وَهْمًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
قَدْ أَمَرَنَا بِإِتْمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِكُلِّ مِنْ دَخَلَ فِيهِمَا
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي الْمُعْتَمِرَةِ تَأْتِيهَا
حَيْضَتُهَا قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَتَخْشَى فَوْتَ عَرَفَةَ وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ تَطُفْ أَنَّهَا تُهِلُّ
بِالْحَجِّ وَتَكُونُ كَمَنْ قَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ابْتِدَاءً وَعَلَيْهَا هَدْيُ الْقِرَانِ
وَلَا يَعْرِفُونَ رَفْضَ الْعُمْرَةِ وَلَا رَفْضَ الْحَجِّ لِأَحَدٍ دَخَلَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ كُلُّهُمْ يَقُولُ
ذَلِكَ فِي الْحَائِضِ الْمُعْتَمِرَةِ
وَفِي الْمُعْتَمِرِ يَخَافُ فَوْتَ عَرَفَةَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ قَالُوا فَلَا يَكُونُ إِهْلَالُهُ رَفْضًا لِلْعُمْرَةِ
بَلْ يَكُونُ قَارِنًا بِإِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ
وَدَفَعُوا حَدِيثَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْمَذْكُورَ في هذا الباب بضروب من الاعتدال
وَعَارَضُوهُ بِآثَارٍ مَرْوِيَّةٍ عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِهِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا فِي التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْنَا اعْتِلَالَهُمْ هُنَاكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا
وَاخْتِصَارُ ذَلِكَ أَنَّ الْقَاسِمَ وَعَمْرَةَ وَالْأُسُودَ رَوَوْا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مُحْرِمَةً بِحَجَّةٍ
لَا بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ لَهَا دَعِي الْعُمْرَةَ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا وَجِئْنَا بِأَلْفَاظِ الْأَحَادِيثِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ لَمَّا اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ يَعْنِي الْقَاسِمَ وَالْأَسْوَدَ وَعَمْرَةَ عَلَى
أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ مُحْرِمَةً بِحَجٍّ لَا بِعُمْرَةٍ عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ
عُرْوَةَ غَلَطٌ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُعْتَمِرَةُ الْحَائِضُ إِذَا خَافَتْ فوت عرفة
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365
وَلَمْ تَكُنْ طَافَتْ وَلَا سَعَتْ رَفَضَتْ عُمْرَتَهَا وَأَلْغَتْهَا وَأَهَّلَتْ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهَا لِرَفْضِ
عُمْرَتِهَا دَمٌ ثم تقضي عمرة بعد
وحجتهم حديث بن شِهَابٍ هَذَا عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه
وسلم قال لَهَا إِذْ شَكَتْ إِلَيْهِ حَيْضَتَهَا دَعِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي
بِالْحَجِّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة كما رواه بن شِهَابٍ بِمَعْنًى
وَاحِدٍ
قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ لَهَا انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي دَلِيلٌ عَلَى رَفْضِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْقَارِنَةَ لَا
تَمْتَشِطُ وَلَا تَنْفُضُ رَأْسَهَا
قالوا ولا وَجْهَ لِمَنْ جَعَلَ حَدِيثَ عُرْوَةَ خَطَأٌ لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ وَعُرْوَةَ لَا يُقَاسُ بِهِمَا
غَيْرُهُمَا فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ
قَالُوا وَكَذَلِكَ رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ عائشة وبن أَبِي مَلِيكَةَ عَنْ عَائِشَةَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ذَكَرْتُ لِلثَّوْرِيِّ مَا حَدَّثَنَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ بن أبي نجيح عن مجاهد
قَالَ عَلِيٌّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِذَا خَشِيَ الْمُتَمَتِّعُ فَوْتًا أَهَلَّ بِالْحَجِّ مَعَ عُمْرَتِهِ وَكَذَلِكَ
الْحَائِضُ الْمُعْتَمِرَةُ تُهِلُّ بِحَجٍّ مَعَ عُمْرَتِهَا
وَعَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ مِثْلَهُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا نَقُولُ بِهَذَا وَلَا نَأْخُذُ بِهِ وَنَأْخُذُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَنَقُولُ عَلَيْهَا لِرَفْضٍ
عُمْرَتِهَا دَمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ذِكْرُ دَمٍ لَا مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَلَا
مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ بَلْ قَالَ فِيهِ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَمٌ
ذَكَرَهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ وَغَيْرُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِهِمَا
هَذَا
وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَافِينَ لِهِلَالِ
ذِي الْحِجَّةِ فَقَالَ لَنَا مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ
بِالْعُمْرَةِ فَلْيُهِلَّ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَّلَ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ
أَهَّلَ بِحَجَّةٍ وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ارْفُضِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366
وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ
فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ الْكُوفِيُّونَ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ لِلْحَائِضِ الْمُعْتَمِرَةِ
الْمُرِيدَةِ لِلْحَجِّ وَقَدْ عَارَضَ عُرْوَةَ فِي ذَلِكَ مَنْ لَيْسَ بِدُونِهِ فِي الْحِفْظِ وَأَقَلُّ الْأَحْوَالِ
سُقُوطُ الِاحْتِجَاجِ بِمَا قَدْ صَحَّ بِهِ التَّعَارُضُ وَالتَّدَافُعُ وَالرُّجُوعُ إِلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهُ
تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْخَائِفَ لِفَوْتِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ رَفْضُ الْعُمْرَةِ فَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ
فَوْتَ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَيَكُونُ قَارِنًا فَلَا وَجْهَ لِرَفْضِ
الْعُمْرَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّظَرِ
وَأَمَّا الْأَثَرُ فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ قَارِنَةً لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُهَا مَعَ أَخِيهَا
تَعْتَمِرُ ثُمَّ يَقُولُ لَهَا هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ
قِيلَ لَهُ قَدْ صَحَّحْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ فَسَقَطَ عَنْهَا الْجَوَابُ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَرَنَتْ بِهَا حَجًّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهَا يَرْجِعُ
صَوَاحِبِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِالْحَجِّ أَيْ أَرْجِعُ أَنَا وَلَمْ أَطُفْ إِلَّا طَوَافَ الْحَجِّ
فَأَرَادَتْ أَنْ تَكُونَ عُمْرَتُهَا مُفْرَدَةً تَطُوفُ بِهَا وَتَسْعَى كَمَا صَنَعَ غَيْرُهَا
أَلَّا تَرَى إِلَى قَوْلِهَا وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا بِهِمَا طَوَافًا وَاحِدًا
وَأَمَّا قَوْلُهَا فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حَلُّوا مِنْهَا ثُمَّ
طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ فَهَكَذَا السُّنَّةُ فِي كُلِّ مَنْ تَمَتَّعَ
بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَنْ يَطُوفَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَيَنْحَرَ ثُمَّ يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِحَجِّهِ يَوْمَ
النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْكَلَامِ عَلَيْهِ وَقَدْ
مَضَى الْقَوْلُ نَحْوَ ذَا فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَمَا فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ
وَالْمَعَانِي فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا
وَأَمَّا قَوْلُهَا وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا
وَاحِدًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرْمِلَ بِالْحَجِّ مُنْفَرِدٌ لَا يَطُوفُ إِلَّا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367
طَوَافًا وَاحِدًا يَوْمَ النَّحْرِ يَحِلُّ بِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرِ النِّسَاءِ مِمَّا كَانَ
حَرَامًا عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَلَّا يَطُوفَ يَوْمَ غَيْرِ ذَلِكَ الطَّوَافِ فَإِنْ طَافَ بَعْدَهُ مَا شَاءَ
مُتَطَوِّعًا ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ
وَأَمَّا مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي طَوَافِ الْقَارِنِ
وَسَعْيِهِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ يُجْزِئُ الْقَارِنَ طَوَافٌ وَاحِدٌ
وَسَعْيٌ وَاحِدٌ
وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ
وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ
وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ هَذَا وَآثَارٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ مِنْهَا حَدِيثُ
الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ جَمَعَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةَ كَفَاهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ غَيْرُ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عَبْدِ الله وغيره
أوقفه على بن عُمَرَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عمر موقوفا
ومن حجتهم أيضا حديث بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِذَا رَجَعْتِ إِلَى مَكَّةَ فَإِنَّ طَوَافَكِ يُجْزِئُكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ
وَآثَارٌ قَدْ ذَكَرْتُهَا كُلُّهَا بِمَا فيها في التمهيد
وقال الثوري والأوزاعي وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى
الْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ
وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي طَوَافِ الْقَارِنِ أَنَّهُ طواف
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368
وَاحِدٌ لَازِمَةٌ لِلْكُوفِيِّينَ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِهِ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ مَعَ احْتِمَالِهِ فِي ذَلِكَ لِلتَّأْوِيلِ
وَيَتْرُكُونَهُ فِي طَوَافِ الْقَارِنِ وَلَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ