ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين ومائة
 
في المحرم منها وجه قحطبه بن شبيب ولده الحسن إلى قوميس لقتال نصر بن سيار واردفه بالأمداد فحامر بعضهم إلى نصر ارتحل نصر فنزل الري فأقام بها يومين ثم مرض فسار منها إلى همدان فلما كان بساوه قريبا من همدان توفي لمضي ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة فلما مات نصر تمكن أبو مسلم وأصحابه من بلاد خراسان وقويت شوكتهم جدا وسار قحطبة من جرجان وقدم أمامه زياد بن زرارة القشيرى وكان قد ندم على اتبا ع أبي مسلم فترك الجيش وأخذ جماعة معه وسلك طريق أصبهان ليأتي إبن ضبار فبعث قحطبه وراءه جيشا فقتلوا عامة أصحابه وأقبل قحطبة وراءه فقدم قومس وقد افتتحها ابنه الحسن فأقام بها وبعث ابنه بين يديه إلى الري ثم ساق وراءه فوجده قد افتتحها فأقام بها وكتب إلى ابي مسلم بذلك وارتحل أبو مسلم من مرو فنزل نيسابور واستفحل أمره وبعث قحطبة بعد دخوله الري ابنه الحسن بين يديه إلى همدان فلما اقترب منها خرج منها مالك بن أدهم وجماعة من أجناد الشام وخرسان فنزلوا نهاوند فافتتح الحسن همدان ثم ساروراءهم إلى نهاوند وبعث إليه أبوه بالأمداد فحاصرهم حتى افتتحها.
وفي هذه السنة مات عامر بن ضباره وكان سبب ذلك أن إبن هبيره كتب إليه أن يسير إلى قحطبة وأمده بالعساكر فسار إبن ضباره حتى التقى مع قحطبة في عشرين ألفا فلما تواجه الفريقان رفع قحطبة وأصحابه المصاحف ونادى المنادي يا أهل الشام إنا ندعوكم إلى ما في هذا المصحف فشتموا المنادي وشتموا قحطبة فأمر قحطبة أصحابه أن يحملوا عليهم فلم يكن بينهم كبير قتال حتى انهزم أصحاب إبن ضباره وأتبعهم أصحاب قحطبه فقتلوا منهم خلقا كثيرا وقتلوا إبن ضباره في العسكر لشجاعته فانه لم يولي وأخذوا من عسكرهم ما لا يحد ولا يوصف .
وفيها حاصر قحطبه نهاوند حصارا شديدا حتى سأله أهل الشام الذين بها أن يمهل أهلها حتى يفتحوا له الباب ففتحوا له الباب وأخذوا لهم منه أمانا فقال لهم من بها من أهل خراسان مافعلتم فقالوا أخذنا لنا ولكم أمانا فخرجوا ظانين أنهم في أمان فقال قحطبة للأمراء الذين معه كل من حصل عنده أسير من الخراسانين فليضرب عنقه وليأتنا برأسه ففعلوا ذلك ولم يبق ممن كان هرب من أبي مسلم أحد واطلق الشاميين وأوفى لهم عهدهم واخذ عليهم الميثاق أن لا يمالئوا عليه عدوا ثم بعث قحطبة أبا عون إلى شهر زور عن أمر أبي مسلم في ثلاثين ألفا فافتتحها وقتل نائبها عثمان بن سفيان وقيل لم يقتل بل تحول إلى الموصل والجزيرة وبعث إلى قحطبة بذلك ولما بلغ مروان خبر قحطبة وأبي مسلم وما وقع من أمرهما تحول مروان من حران فنزل بمكان يقال له الزاب الأكبر .
وفيها قصد قحطبة في جيش كثيف نائب العراق يزيد بن عمر بن هبيره فلما إقترب منه تقهقر إبن هبيره إلى ورائه وما زال يتقهقر إلى أن جاوز الفرات وجاء قحطبه فجازها وراءه وكان من أمرهما ما سنذكره في السنة الآتية إن شاء الله تعالى .