وهذا شيء من ترجمة مروان الحمار
 
وهو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي أبو عبد الملك أمير المؤمنين آخر خلفاء بني أمية وأمه أمة كردية يقال لها لبابه وكانت لإبراهيم بن الأشتر النخعي أخذها محمد بن مروان يوم قتله فاستولدها مروان هذا ويقال أنها كانت أولا لمصعب بن الزبير وقد كانت دار مروان هذا في سوق الأكافين قاله إبن عساكر بويع له بالخلافة بعد قتل الوليد بن يزيد وبعد موت يزيد بن الوليد ثم قدم دمشق وخلع ابراهيم بن الوليد واستمر له الامر في نصف صفر سنة سبع وعشرين ومائة وقال أبو معشر بويع بالخلافة في ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائة وكان يقال له مروان الجعدي نسبه إلى رأي الجعد بن درهم وتلقب بالحمار وهو آخر من ملك بني أمية وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام وقيل خمس سنين وشهرا وبقي بعد أن بويع للسفاح تسعة اشهر وكان أبيض مشربا بالحمرة أزرق العينين كبير اللحية ضخم الهامة ربعة ولم يكن يخضب ولاه هشام نيابة أذربيجان وأرمينية والجزيرة في سنة أربع عشرة ومائة ففتح بلاد كثيرة وحصونا متعددة في سنين كثيرة وكان لا يفارق الغزو في سبيل الله وقاتل طوائف من الناس الكفار ومن الترك والخزر واللان وغيرهم فكسرهم وقهرهم وقد كان شجاعا بطلا مقداما حازم الرأي لولا أن جنده خذلوه بتقدير الله عز وجل لما له من ذلك من حكمة سلب الخلافة لشجاعته وصرامته ولكن الله يخذل ومن يهن الله فماله من مكرم .
قال الزبير بن بكار عن عمه مصعب بن عبدالله كان بنو أمية يرون أنه تذهب منهم الخلافة إذا وليها من أمة أمة فلما وليها مروان هذا أخذت منهم في سنة ثنتين وثلاثيبن ومائة وقد قال الحافظ بن عساكر
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن أخبرنا سهل بن بشر أنبأ الخليل إبن هبة الله بن الخليل أنبأ عبد الوهاب الكلابي حدثنا أبو الجهم أحمد بن الحسين أنبأ العباس إبن الوليد بن صبح ثنا عباس بن يحيى أبو الحارث حدثني الهيثم بن حمد حدثني راشد بن داود عن أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتزال الخلافة في بني أمية يتلقفونها تلقف الغلمان الكرة فاذا خرجت من أيديهم فلا خير في عيش هكذا أورده إبن عساكر وهو منكر جدا وقد سأل الرشيد أبا بكر بن عياش خير الخلفاء نحن أو بنوا امية فقال هم كانوا أنفع للناس وأنتم أقوم للصلاة فأعطاه ستة آلاف قالوا وقد كان مروان هذا كثير المروءة كثير العجب يعجبه اللهو والطرب ولكنه كان يشتغل عن ذلك بالحرب
قال إبن عساكر قرأت بخط أبي الحسين على بن مقلد بن نصر بن منقذ بن الأمير في مجموع له كتب مروان بن محمد إلى جاريته له تركها بالرملة عند ذهابه إلى مصر منهزما
وما زال يدعوني إلى الصبر ما أرى * فآبى ويدنيني الذي لك في صدري
وكان عزيزا أن تبيتي وبيننا * حجاب فقد أمسيت مني على عشر
وأنكاهما والله للقلب فاعلمي * إذا زدت مثليها فصرت على شهر
وأعظم من هذين والله انني * أخاف بان لا نلتقي آخر الدهر
سأبكيك لا مستبقا فيض عبرة * ولا طالبا بالصبر عاقبة الصبر
وقال بعضهم اجتاز مروان وهو هارب براهب فاطلع عليه الراهب فسلم عليه فقال له يا راهب هل عندك علم بالزمان قال نعم عندي من تلونه ألوان قال هل تبلغ الدنيا من الانسان أن تجعله مملوكا بعد أن كان مالكا قال نعم قال فكيف قال بحبه لها وحرصه على نيل شهواتها وتضييع الحزم وترك انتهاز الفرص فإن كنت تحبها فإن عبدها من أحبها قال فما السبيل إلى العتق قال ببغضها والتجافي عنها قال هذا ما لايكون قال الراهب أما إنه سيكون فبادر بالهرب منها قبل أن تسلبها قال هل تعرفني قال نعم أنت ملك العرب مروان تقتل في بلاد السودان وتدفن بلا أكفان فوللا أن الموت في طلبك لدللتك على موضع هربك قال بعض الناس كان يقال في ذلك الزمان يقتل ح بن ع بن ع م بن م بن م يعنون يقتل عبدالله بن علي بن عباس بن مروان بن محمد بن مروان .
وقال بعضهم جلس مروان يوما وقد أحيط به وعلى رأسه خادم له قائم فقال مروان لبعض من يخاطبه ألا ترى ما نحن فيه لهفي على أيد ما ذكرت ونعم ما شكرت ودولة ما نصرت فقال له الخادم يا أمير المؤمنين من ترك القليل حتى يكثر والصغير حتى يكبر والخفي حتى يظهر وأخر فعل اليوم لغد حل به أكثر من هذا فقال مروان هذا القول أشد على من فقد الخلافة قيل إن مروان قتل يوم الأثنين لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ثنتين وثلاثين ومائة وقد جاوز الستين وابلغ الثمانين وقيل إنما عاش أربعين سنة والصحيح الأول وهو اخر خلفاء بني أمية به انقضت دولتهم .