ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة
 
فيها قدم أبو مسلم من خراسان على السفاح وذلك بعد استئذانه الخليفة في القدوم عليه فكتب إليه أن يقدم في خمسمائة من الجند فكتب إليه إني قد وترت الناس وإني أخشى من قلة الخمسمائة فكتب إليه أن يقدم في ألف فقدم في ثمانية آلاف فرقهم وأخذ معه من الأموال والتحف والهدايا شيئا كثيرا ولما قدم لم يكن معه سوى ألف من الجند فلقاه القواد والأمراء إلى مسافة بعيده ولما دخل على السفاح أكرمه وعظمه واحترمه وأنزله قريبا منه وكان يأيى إلى الخلافة كل يوم واستأذن الخليفة في الحج فأذن له وقال لولا إني عينت الحج لأخي ابي جعفر لأمرتك على الحج وكان الذي بين أبي جعفر وأبي مسلم خرابا وكان يبغضه وذلك لما رأى ما هو فيه من الحرمة حين قدم عليه نيسابور في البيعة للسفاح وللمنصور بعده فحار في أمره لذلك فحقد عليه المنصور وأشار على السفاح بقتله فأمر بكتم ذلك وحين قدم أمره بقتله ايضا وحرضه على ذلك فقال له السفاح قد علمت بلاءه معنا وخدمته لنا فقال أبو جعفر يا أمير المؤمنين إنما ذلك بدولتنا والله لو أرسلت سنورا لسمعوا لها وأطاعوا وإنك إن لم تتعش به تغدى بك هو فقال له كيف السبيل إلى ذلك فقال إذا دخل عليك فحادثه ثم أجيء أنا من ورائه فأضربه بالسيف قال كيف بمن معه قال هم أذل وأقل فأذن له في قتله فلما دخل أبو مسلم على السفاح ندم على ما كان أذن لأخيه فيه فبعث إليه الخادم يقول له ان ذاك الذي بينك وبينه ندم عليه فلا تفعله فلما جاءه الخادم وجده محتبيا بالسيف قد تهيأ لما يريد من قتل أبي مسلم فلما نهاه عن ذلك غضب أبو جعفر غضبا شديدا وفيها حج بالناس أبو جعفر المنصور عن ولاية أخيه السفاح وسار معه إلى الحجاز أبو مسلم الخراساني عن أمر الخليفة وأذن له في الحج فلما رجعا من الحج وكانا بذات عرق جاء الخبر إلى ابي جعفر وكان يسير أبي مسلم بمرحلة بموت أخيه السفاح فكتب إلى ابي مسلم أن قد حدث أمر فالعجل العجل فلما استعلم أبو مسلم الخبر عجل السير وراءه فلحقه إلى الكوفة وكانت بيعة المنصور على ما سيأتى بيانه وتفصيله قريبا والله سبحانة وتعالى أعلم .