ثم دخلت سنة تسع وأربعين ومائة
 
فيها فرغ من بناء سور بغداد وخندقها وفيها غزا الصائفه العباس بن محمد فدخل بلاد الروم ومعه الحسين بن قحطبة ومحمد بن الاشعث ومات محمد بن الاشعث في الطريق وفيها حج بالناس محمد بن إبراهيم بن علي وولاه المنصورعلى مكة والحجاز عوضا عن عمه عبد الصمد بن علي وعمال الامصار فيها هم الذين كانوا في السنة قبلها وفيها توفي زكريا بن أبي زائدة وكهمس ين الحسن والمثنى بن الصباح وعيسى بن عمر أبو عمروالثقفي البصري النحوي شيخ سيبويه يقال إنه من موالي خالد بن الوليد وإنما نزل في ثقيف فنسب إليهم وكان اماما كبيرا جليلا في اللغة والنحو والقراآت أخذ ذلك عن عبيد الله بن كثير وابن المحيص وعبدالله بن أبي اسحاق وسمع الحسن البصري وغيرهم وعنه الخليل بن أحمد الاصمعي وسيبويه ولزمه وعرف به وانتفع به وأخذ كتابه الذي سماه بالجامع فزاد عليه وبسطه فهو كتاب سيبويه اليوم وإنما هو كتاب شيخه وكان سيبويه يسأل شيخه الخليل بن أحمد عما أشكل عليه فيه فسأله الخليل أيضا عما صنف عيسى بن عمر فقال جمع بضعا وسبعين كتابا ذهبت كلها إلا كمال وهو بأرض فارس وهو الذي اشتغل فيه وأسألك عن غوامضه فأطرق الخليل ساعة ثم أنشد
ذهب النحو جميعا كله * غيرما أحدث عيسى بن عمر
ذاك إكمال وهذا جامع * وهما للناس شمس وقمر
وقد كان عيسى يغرب ويتقعر في عبارته جدا وقد حكى الجوهري عنه في الصحصاح أنه سقط يوما عن حماره فاجتمع عليه الناس فقال مالكم تكأ كأتم على تكأ كأتم على تكأ كؤكم ذي مرة افرنقعوا عني معناه مالكم تجمعتم علي تجمعكم على مجنون انكشفوا عني وقال غيره كان به ضيق نفس مسقط بسببه فاعتقد الناس أنه مصروع فجعلوا يعودونه ويقرؤن عليه فلما أفاق من غشيته قال ماقال فقال بعضهم إني حسبته يتكلم بالفارسية وذكر ابن خلكان أنه كان صاحبا لأبي عمر بن العلاء وأن عيسى بن عمر قال يوما لأبي عمرو بن العلاء أنا أفصح من معد بن عدنان فقال له أبو عمرو كيف تقرأ هذا البيت
قد كن يخبأن الوجوه تسترا * فاليوم حين بدأن للنظار
أو بدين فقال بدين فقال أبو عمرو أخطأت ولو قال بدأن لأخطأ أيضا وإنما أراد أبو عمرو تغليطه وإنما الصواب بدون من بدا يبد وإذا ظهر وبدأ يبدأ إذا شرع في الشيء .