ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين ومائة
 
فيها خرجت الخزر على الناس من جهة أرمينية فعاثوا في تلك البلاد فسادا وسبوا من المسلمين وأهل الذمة نحوا من مائة ألف وقتلوا بشرا كثيرا وانهزم نائب أرمينية سعيد بن مسلم فأرسل الرشيد إليهم خازم بن خزيمة ويزيد بن مزيد في جيوش كثيرة كثيفة فأصلحوا ما فسد في تلك البلاد وحج بالناس العباس بن موسى الهادي
وفيها توفي من الأعيان علي بن الفضيل بن عياض في حياة أبيه كان كثير العبادة والورع والخوف والخشية ومحمد بن صبيح أبو العباس مولى بنى عجل المذكر ويعرف بإبن السماك روى عن إسماعيل بن أبي خالد والأعمش والثورى وهشام بن عروة وغيرهم ودخل يوما على الرشيد فقال إن لك بين يدى الله موقفا فانظر أين منصرفك إلى الجنة أم النار فبكى الرشيد حتى كاد يموت
وموسى بن جعفر
ابن محمد بن على بن الحسن بن على بن أبي طالب أبو الحسن الهاشمي ويقال له الكاظم ولد سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة وكان كثير العبادة والمروءة إذا بلغه عن أحد أنه يؤذيه أرسل إليه بالذهب والتحف ولد له من الذكور والاناث أربعون نسمة وأهدى له مرة عبد عصيدة فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار وأعتقة ووهب المزرعة له وقد استدعاه المهدى إلى بغداد فحبسه فلما كان في بعض الليالي رأى المهدى على بن أبي طالب وهو يقول له يا محمد فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم فاستيقظ مذعورا وأمر به فأخرج من السجن ليلا فأجلسه معه وعانقة وأقبل عليه وأخذ عليه العهد أن لا يخرج عليه ولا على أحد من أولاده فقال والله ما هذا من شأنى ولا حدثت فيه نفسى فقال صدقت وأمر له بثلاثة آلاف دينار وأمر به فرد إلى المدينة فما أصبح الصباح إلا وهو على الطريق فلم يزل بالمدنية حتى كانت خلافة الرشيد فحج فلما دخل ليسلم على قبرالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه موسى بن جعفر الكاظم فقال الرشيد السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم فقال موسى السلام عليك يا أبت فقال الرشيد هذا هو الفخر يا ابا الحسين ثم لم يزل ذلك في نفسه حتى استدعاه في سنة تسع وستين وسجنه فأطال سجنه فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها أما بعد يا أمير المؤمنين إنه لم ينقض عنى يوم من البلاء إلا انقضى عنك يوم من الرخاء حتى يفضى بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون توفي لخمس بقين من رجب من هذه السنة ببغداد وقبره هناك مشهور وفيها توفي
هاشم بن بشير بن ابي حازم
القاسم بن دينار أبو معاوية السلمى الواسطى كان أبوه طباخا للحجاج بن يوسف الثقفي ثم كان
بعد ذلك يبيع الكوامخ وكن يمنع ابنه من طلب العلم ليساعده على شغله فأبى إلا أن يسمع الحديث فاتفق أن هاشما مرض فجاءه أبو شيبة قاضى واسط عائدا له ومعه خلق من الناس فلما رآه بشير فرح بذلك وقال يا بنى أبلغ من أمرك أن جاء القاضي إلى منزلى لا أمنعك بعد هذا اليوم من طلب الحديث كان هاشم من سادات العلماء وحدث عنه مالك وشعبة والثوري وأحمد بن حنبل وخلق غير هؤلاء وكان من الصلحاء العباد ومكث يصلى الصبح بوضوء العشاء قبل أن يموت بعشر سنين
ويحي بن زكريا
ابن أبي زائدة قاضى المدائن كان ما الأئمة الثقات ويونس بن حبيب أحد النحاة النجباء أخذ النحو عن أبي عمرو بن العلاء وغيره وأخذ عنه الكسائي والفراء وقد كانت له حلقة بالبصرة ينتابها أهل العلم والأدب والفصحاء من الحاضرين والغرباء توفي في هذه السنة عن ثمان وسبعين سنة