ثم دخلت سنة خمس وتسعين ومائة
 
فيها في صفر منها أمر الأمين الناس أن لا يتعاملوا بالدارهم والدنانير التي عليها اسم المأمون ونهى أن يدعى له على المنابر وأن يدعى له ولولده من بعده وفيها تسمى المأمون بإمام المؤمنين وفي ربيع الآخر فيها عقد الأمين لعلى بن عيسى بن ماهان الامارة على الجبل وهمذان واصبهان وقم وتلك البلاد وأمره بحرب المأمون وجهز معه جيشا كثيرا وأنفق فيهم نفقات عظيمة وأعطاه مائتي ألف دينار ولولده خمسين ألف دينار وألفي سيف محلى وستةآلاف ثوب للخلع فخرج على بن موسى بن ماهان من بغداد في أربعين ألف مقاتل فارس ومعه قيد من فضة ليأتي فيه بالمأمون وخرج الأمين معه مشيعا فسار حتى وصل الرى فتلقاه الأمير طاهر في أربعة آلاف فجرت بينهم أمور آل الحال فيها أن اقتتلوا فقتل على بن عيسى وانهزم أصحابه وحمل رأسه وجثته إلى الأمير طاهر فكتب بذلك إلى وزير المأمون ذي الرياستين وكان الذي قتل على بن عيسى رجل يقال له طاهر الصغير فسمى ذا اليمينين لأنه أخذ السيف بيديه الثنتيين فذبح به على بن عيسى بن ماهان ففرح بذلك المأمون وذووه وانتهى الخبر إلى الأمين وهو يصيد السمك من دجله فقال ويحك دعنى من هذا فان كوثرا قد صاد سمكتين ولم أصد بعد شيئا وأرجف الناس ببغداد وخافوا غائلة هذا الأمر وندم محمد الأمين على ماكان منه من نكث العهد وخلع المامون وما وقع من الأمر الفظيع وكان رجوع الخبر إليه في شوال من هذه السنة ثم جهز عبد الرحمن بن جبلة الأنباري في عشرين ألفا من المقاتلة إلى همذان ليقاتلوا طاهر بن الحسين بن مصعب ومن معه من الخراسانية فلما اقتربوا منهم تواجهوا فتقاتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى بينهم ثم انهزم أصحاب عبد الرحمن ابن جبلة فلجئوا إلى همذان فحاصرهم بها طاهر حتى اضطرهم إلى أن دعوا إلى الصلح فصالحهم وأمنهم ووفي لهم وانصرف عبد الرحمن بن جبلة على أن يكون راجعا إلى بغداد ثم غدوا بأصحاب
طاهر وحملوا عليهم وهم غافلون منهم خلقا وصبر لهم أصحاب ثم نهضوا إليهم وحملوا عليهم فهزموهم وقتل أميرهم عبد الرحمن بن جبلة وفر أصحابه خائبين
فلما رجعوا إلى بغداد اضطربت الأمور وكثرت الأراجيف وكان ذلك في ذي الحجة من هذه السنة وطرد طاهر عمال الأمين عن قوزين وتلك النواحي وقوي أمر المأمون جدا بتلك البلاد وفي ذي الحجة من هذه السنة ظهر أمر السفياني بالشام واسمه على بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فعزل نائب الشام عنها ودعا إلى نفسه فبعث إليه الأمين جيشا فلم يقدموا عليه بل أقاموا بالرقة ثم كان من أمره ماسنذكره وحج بالناس فيها نائب الحجاز داود ابن عيسى وفيها كانت وفاة جماعة من الأعيان منهم
إسحاق بن يوسف الأزرق
أحد أئمة الحديث روى عنه أحمد وغيره ومنهم
بكار بن عبد الله
ابن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان نائب المدينة للرشيد ثنتي عشرة سنة وشهرا وقد أطلق الرشيد على يديه لأهلها ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار وكان شريفا جوادا معظما وفيها توفي