ثم دخلت سنة ثنتين و مائتين
 
في أول يوم منها بويع لابراهيم بن المهدي بالخلافة ببغداد وخلع المأمون فلما كان يوم الجمعة خامس المحرم صعد إبراهيم بن المهدي المنبر فبايعه الناس ولقب بالمبارك وغلب على الكوفة وأرض السود وطلب منه الجند أرزاقهم فماطلهم ثم اعطاهم مائتي درهم لكل واحد وكتب لهم بتعويض من أرض السواد فخرجوا لا يمرون بشئ إلا انتهبوه وأخذوا حاصل الفلاح والسلطان واستناب على الجانب الشرقي العباس بن موسى الهادي وعلى الجانب الغربي إسحاق بن موسى الهادي وفيها خرج خارجي يقال له مهدي بن علوان فبعث إليهم إبراهيم جيشا عليهم أبو إسحاق المعتصم ابن الرشيد في جماعة من الأمراء فكسره ورد كيده وفيها خرج أخو أبي السرايا فبيض بالكوفة فأرسل إليه إبراهيم بن المهدي من قاتله فقتل أخو أبي السرايا وأرسل برأسه إلى إبراهيم ولما كان ليلة أربع عشرة من ربيع الآخر من هذه السنة ظهرت في السماء حمرة ثم ذهبت وبقي بعدها عمودان أحمران في السماء إلى آخر الليل وجرت بالكوفة حروب بين أصحاب إبراهيم وأصحاب المأمون واقتتلوا قتالا شديدا وعلى أصحاب إبراهيم السواد وعلى أصحاب المأمون الخضرة واستمر القتال بينهم إلى أواخر رجب
وفيها ظفر إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة المطوع فسجنه وذلك أنه التف عليه جماعة من الناس يقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن كانوا قد جاوزوا الحد وأنكروا على السطان ودعوا إلى القيام بالكتاب والسنة وصار باب داره كأنه باب دار السلطان عليه السلاح والرجال وغير ذلك من أبهة الملك فقاتله الجند فكسروا أصحابه فألقى السلاح وصار بين النساء والنظارة ثم اختفى في بعض الدور فأخذ وجئ به إلى إبراهيم فسجنه سنة كاملة وفيها أقبل المأمون من خراسان قاصدا العراق وذلك أن على بن موسى الرضى أخبر المأمون بما الناس فيه من الفتن والاختلاف بارض العراق وبأن الهاشميين قد أنهوا إلى الناس بأن المأمون مسحور ومسجون وأنهم قد نقموا عليك ببيعتك لعلى بن موسى وأن الحرب قائمة بين الحسن بن سهل وبين إبراهيم
ابن المهدي فاستدعى المأمون بجماعة من أمرائه وأقربائه فسألهم عن ذلك فصدقوا عليا فيما قال بعد أخذهم الأمان منه وقالوا له إن الفضل بن سهل حسن لك قتل هرثمة وقد كان ناصحا لك فعاجله قتله وإن طاهر بن الحسين مهد لك الأمور حتى قاد إليك الخلافة بزمامها فطردته إلى الرقة فقعد لا عمل له ولا تستنهضه في أمر وإن الأرض تفتقت بالشرور والفتن من أقطارها فلما تحقق ذلك المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد وقد فطن الفضل بن سهل بما تمالأ عليه أولئك الناصحون فضرب قوما ونتف لحى بعضهم وسار المأمون فلما كان بسرخس عدا قوم على الفضل بن سهل وزير المأمون وهو في الحمام فقتلوه بالسيوف وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شوال وله ستون سنة فبعث المأمون في آثارهم فجئ بهم وهم أربعة من المماليك فقتلهم وكتب إلى أخيه الحسن بن سهل يعزيه فيه وولاه الوزارة مكانه وارتحل المأمون من سرخس يوم عيد الفطر نحو العراق وإبراهيم بن المهدي بالمدائن وفي مقابلته جيش يقتلونه من جهة المأمون
وفيها تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل وزوج على بن موسى الرضى بإبنته أم حبيب وزوج ابنه محمد بن على بن موسى بإبنته الأخرى أم الفضل وحج بالناس إبراهيم بن موسى بن جعفر أخو على الرضى ودعا لأخيه بعد المأمون ثم انصرف بعد الحج إلى اليمن وقد كان تغلب عليها حمدويه بن على بن موسى بن ماهان وفيها توفي أيوب بن سويد وضمرة وعمرو بن حبيب والفضل بن سهل الوزير وأبو يحي الحماني