خلافة المعتصم بالله ابي اسحاق بن هارون
 
خلافة المعتصم بالله ابي اسحاق بن هارون
بويع له بالخلافة يوم مات أخوه المأمون بطرسوس يوم الخميس الثاني عشر من رجب من سنة
ثماني عشرة ومائتين وكان إذ ذاك مريضا وهو الذي صلى على أخيه المأمون وقد سعى بعض الأمراء في ولاية العباس بن المأمون فخرج عليهم العباس فقال ما هذا الخلف البارد أنا قد بايعت عمى المعتصم فسكن الناس وخمدت الفتنة وركب البرد بالبيعة للمعتصم إلى الآفاق وبالتعزية بالمأمون فأمر المعتصم بهدم ما كان بناه المأمون في مدينة طوانة ونقل ما كان حول إليها من السلاح وغيره إلى حصون المسلمين وأذن الفعلة بالانصراف إلى بلدانهم ثم ركب المعتصم بالجنود قاصدا بغداد وصحبته العباس بن المأمون فدخلها يوم السبت مستهل رمضان في أبهة عظيمة وتجمل تام وفيها دخل خلق كثير من أهل همذان وأصبهان وماسبذان ومهرجان في دين الخرمية فتجمع منهم بشر كثير فجهز إليهم المعتصم جيوشا كثيرة آخرهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب في جيش عظيم وقد له على الجبال فخرج في ذي القعدة وقرئ كتابه بالفتح يوم التروية وأنه قهر الخرمية وقتل منهم خلقا كثيرا وهرب بقيتهم إلى بلاد الروم وعلى يدي هذا جرت فتنة الامام أحمد وضرب بين يديه كما سيأتي بسط ذلك في ترجمة أحمد في سنة إحدى وأربعين ومائتين وفيها توفي من الأعيان
بشر المريسي
وهو بشر بن غياث بن أبي كريمة أبو عبد الرحمن المريسي المتكلم شيخ المعتزلة وأحد من أصل المأمون وقد كان هذا الرجل ينظر أولا في شيء من الفقة وأخذ عن أبي يوسف القاضي وروى الحديث عنه وعن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة وغيرهم ثم غلب عليه علم الكلام وقد نهاه الشافعي عن تعلمه وتعاطيه فلم يقبل منه وقال الشافعي لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إلى من أن يلقاه بعلم الكلام وقد اجتمع بشر بالشافعي عند ماقدم بغداد قال ابن خلكان جدد القول بخلق القرآن وحكى عنه أقوال شنيعة وكان مرجئيا وإليه تنسب المريسية من المرجئة وكان يقول إن السجود للشمس والقمر ليس بكفر وإنما هو علامة للكفر وكان يناظر الشافعي وكان لا يحسن النحو وكان يلحن لحنا فاحشا ويقال إن أباه كان يهوديا صباغا بالكوفة وكان يسكن درب المريسي ببغداد والمريس عندهم هو الخبر الرقاق يمرس بالسمن والتمر قال ومريس ناحية ببلاد النوبة تهب عليها في الشتاء ريح باردة
وفيها توفي عبد الله بن يوسف الشيبي وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني الدمشقي ويحي بن عبد الله البابلتي
وأبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب المعافري
راوى السيرة عن زياد بن عبد الله البكائي عن إبن إسحاق مصنفها وإنما نسبت إليه فيقال سيرة ابن هشام لأنه هذبها وزاد فيها ونقص منها وحررأماكن واستدرك أشياء وكان إماما في
اللغة والنحو وقد كان مقيما بمصر واجتمع به الشافعي حين وردها وتناشدا من أشعار العرب شيئا كثيرا كانت وفاته بمصر لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر من هذه السنة قاله ابن يونس في تاريخ مصر وزعم السهيلي أنه توفي في سنة ثلاث عشرة كما تقدم فالله أعلم