ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائتين
 
فيها وقع تسلم آمد من ابن الشيخ في ربيع الآخر ووصل كتاب هارون بن أحمد بن طولون من مصر إلى المعتضد وهو مخيم بآمد أن يسلم إليه قنسرين والعواصم على أن يقره على إمارة الديار المصرية فأجابه إلى ذلك ثم ترحل عن آمد قاصدا العراق وأمر بهدم سور آمد فهدم البعض ولم يقدر على ذلك فقال ابن المعتز يهنئه بفتح آمد
اسلم أمير المؤمنين ودم * في غبطة وليهنك النصر
فلرب حادثة نهضت لها * متقدما فتأخر الدهر
ليث فرائسه الليوث * فما بيض من دمها له ظفر
ولما رجع الخليفة إلى بغداد جاءته هدية عمرو بن الليث من نيسابور فكان وصولها بغداد يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة وكان مبلغها ما قيمته أربعة آلاف ألف درهم خارجا عن الدواب وسروج وسلاح وغير ذلك وفيها تحارب إسماعيل بن أحمد الساماني وعمرو بن الليث وذلك أن عمرو بن الليث لما قتل رافع بن هرثمة وبعث رأسه إلى الخليفة سأل منه أن يعطيه ما وراء النهر مضافا إلى ما بيده من ولاية خراسان فأجابه إلى ذلك فانزعج لذلك إسماعيل بن أحمد بن الساماني نائب ما وراء النهر وكتب إليه إنك قد وليت دنيا عريضة فاقتنع بها عن ما في يدي من هذه
البلاد فلم يقبل فأقبل إليه إسماعيل في جيوش عظيمة جدا فالتقيا عند بلخ فهزم أصحاب عمرو وأسر عمرو فلما جيء به إلى إسماعيل بن أحمد قام إليه وقبل بين عينيه وغسل وجهه وخلع عليه وأمنه وكتب إلى الخليفة في أمره ويذكر أن أهل تلك البلاد قد ملوا وضجروا من ولايته عليهم فجاء كتاب الخليفة بأن يتسلم حواصله وأمواله فسلبه إياها فآل به الحال بعد أن كان مطبخه يحمل على ستمائة جمل إلى القيد والسجن ومن العجائب أن عمرا كان معه خمسون ألف مقاتل لم يصب أحد منهم ولا أسر سواه وحده وهذا جزاء من غلب عليه الطمع وقاده الحرص حتى أوقعه في ذل الفقر وهذه سنة الله في كل طامع فيما ليس له وفي كل طالب للزيادة في الدنيا