ظهور أبي سعيد الجنابي رأس القرامطة
 
وهم أخبث من الزنج وأشد فسادا كان ظهوره في جمادى الآخرة من هذه السنة بنواحي البصرة فالتف عليه من الأعراب غيرهم بشر كثير وقويت شوكته جدا وقتل من حوله من أهل القرى ثم صار الى القطيف قريبا من البصرة ورام دخولها فكتب الخليفة المعتضد إلى نائبها يأمره بتحصين سورها فعمروه وجددوا معالمه بنحو من أربعة آلاف دينار فامتنعت من القرامطة بسبب ذلك وتغلب أبو سعيد الجنابي ومن معه من القرامطة على هجر وما حولها من البلاد وأكثروا في الأرض الفساد وكان أصل أبي سعيد الجنابي هذا أنه كان سمسارا في الطعام يبيعه ويحسب للناس الأثمان فقدم رجل به يقال له يحيى بن المهدي في سنة إحدى وثمانين ومائتين فدعا أهل القطيف إلى بيعة المهدي فاستجاب له رجل يقال له علي بن العلاء بن حمدان الزيادي فساعده في الدعوة إلى المهدي وجمع الشيعة الذين كانوا في القطيف فاستجابوا له وكانوا في جملة من استجاب ابو السعيد الجنابي هذا قبحه الله ثم تغلب على أمرهم وأظهر فيهم القرمطة فاستجابوا له والتفوا عليه فتآمر عليهم وصار هو المشار إليه فيهم وأصله من بلدة هناك يقال لها جنابة وسيأتي ما يكون من أمره وأمر أصحابه قال في المنتظم ومن عجائب ما وقع من الحوادث في هذه السنة ثم روى بسنده أن امرأة تقدمت إلى قاضي الرى فادعت على زوجها بصداقها خمسمائة دينار فأنكره فجاءت ببينه تشهد لها به فقالوا نريد أن تسفر لنا عن وجهها حتى نعلم أنها الزوجة أم لا فلما صمموا على ذلك قال الزوج لا تفعلوا هي صادقة فيما تدعيه فأقر بما ادعت ليصون زوجته عن النظر إلى وجهها فقالت المرأة حين عرفت ذلك منه وإنه إنما أقر ليصون وجهها عن النظر هو في حل من صداقي عليه في الدنيا والآخرة وممن توفي فيها من الأعيان المشاهير أحمد بن عيسى أبو السعيد الخراز فيما ذكره شيخنا الذهبي
وقد أرخه ابن الجوزي في سنة سبعة وسبعين ومائتين فالله أعلم