ثم دخلت سنة أربع وثلاثمائة
 
فيها عزل المقتدر وزيره أبا الحسن علي بن عيسى بن الجراح وذلك لأنه وقعت بينه وبين أم موسى القهرمانة نفرة شديدة فسأل الوزير أن يعفى من الوزارة فعزل ولم يتعرضوا لشيء من أملاكه وطلب أبو الحسن بن الفرات فأعيد إلى الوزارة بعد عزله عنها خمس سنين وخلع عليه الخليفة يوم التروية سبع خلع وأطلق إليه ثلاثمائة ألف درهم وعشرة تخوت ثياب ومن الخيل والبغال والجمال شيء كثير وأقطع الدار التي بالحريم فسكنها وعمل فيها ضيافة تلك الليلة فسقى فيها أربعين ألف رطل من الثلج وفي نصف هذه السنة اشتهر ببغداد أن حيوانا يقال له الزرنيب يطوف بالليل يأكل الأطفال من الأسرة ويعدو على النيام فربما قطع يد الرجل وثدي المرأة وهو نائم فجعل الناس يضربون على أسطحتهم على النحاس من الهواوين وغيرها ينفرونه عنهم حتى كانت بغداد بالليل ترتج من شرقها وغربها واصطنع الناس لأولادهم مكبات من السعف وغيرها واغتنمت اللصوص هذه الشوشة فكثرت النقوب وأخذت الأموال فأمر الخليفة بأن يؤخذ حيوان من كلاب الماء فيصلب على الجسر ليسكن الناس عن ذلك ففعلوا فسكن الناس ورجعوا إلى أنفسهم واستراح الناس من ذلك وفيها قلد ثابت بن سنان الطبيب أمر المارستان ببغداد في هذه السنة وكانت خمسا وكان هذا الطبيب مؤرخا وفيها ورد كتاب من خراسان بأنهم وجدوا قبور شهداء قد قتلوا في سنة سبعين من الهجرة مكتوبة أسماؤهم في رقاع مربوطة في آذانهم وأجسادهم طرية كما هي رضي الله تعالى عنهم وفيها توفي من الأعيان