شغب أم أمير المؤمنين المقتدر بالله الملقبة بالسيدة
 
كان دخلها من أملاكها في كل سنة ألف ألف دينار فكانت تتصدق بأكثر ذلك على الحجيج في أشربة وأزواد وأطباء يكونون معهم وفي تسهيل الطرقات والموارد وكانت في غاية الحشمة والرياسة ونفوذ الكلمة أيام ولدها فلما قتل كانت مريضة فزادها قتله مرضا إلى مرضها ولما استقر أمر القاهر في الخلافة وهو ابن زوجها المعتضد وأخو ابنها المقتدر وقد كانت حضنته حين توفيت أمه وخلصته من ابنها لما أخذت البيعة بالخلافة له ثم رجع ابنها إلى الخلافة فشفعت في القاهر وأخذته إلى عندها
فكانت تكرمه وتشتري له الجواري فلما قتل ابنها وتولى مكانه طلبها وهي مريضة فعاقبها عقوبة عظيمة جدا حتى كان يعلقها برجليها ورأسها منكوس فربما بالت فيسيل البول على وجهها ليقررها على الأموال فلم يجد لها شيئا سوى ثيابها ومصاغها وحليها في صناديقها قيمة ذلك مائة ألف دينار وثلاثون ألف دينار وكان لها غير ذلك أملاك أمر ببيعها وأتى بالشهود ليشهدوا عليها بالتوكيل في بيعها فامتنع الشهود من الشهادة حتى ينظروا إليها ويحلوها فرفع الستر بإذن الخليفة فقالوا لها أنت شغب جارية المعتضد أم جعفر المقتدر فبكت بكاء طويلا قم قالت نعم فكتبوا حليتها عجوز سمراء اللون دقيقة الجبين وبكى الشهود وتفكروا كيف يتقلب الزمان بأهله وتنقل الحدثان وأن الدنيا دار بلاء لا بفي مرجوها بمخوفها ولا يسلم طلوعها من كسوفها من ركن إليها أحرقته بنارها ولم يذكر القاهر شيئا من إحسانها إليه رحمها الله وعفا عنه توفيت في جمادى الأولى من هذه السنة ودفنت بالرصافة .