ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلثمائة
 
فيها ورد كتاب من ملك الروم إلى الراضي مكتوب بالرومية والتفسير بالعربية فالرومي بالذهب والعربي بالفضة وحاصله طلب الهدنة بينه وبينه ووجه مع الكتاب بهدايا وألطاف كثيرة فاخرة فأجابه الخليفة إلى ذلك وفودي من المسلمين سنة آلاف أسير ما بين ذكر وأنثى على نهر البدندون وفيها ارتحل الوزير أبو الفتح بن الفرات من بغداد إلى الشام وترك الوزارة فوليها أبو علي بن مقلة وكانت ولايته ضعيفه جدا ليس له من الأمر شيء مع ابن رائق وطلب من ابن رائق أن يفرغ له عن أملاكه فجعل يماطله فكتب إلى بجكم يطمعه في بغداد وأن يكون عوضا عن ابن رائق وكتب ابن مقلة أيضا إلى الخليفة يطلب منه أن يسلم إليه ابن رائق وابن مقاتل ويضمنهم بألفي دينار فبلغ ذلك ابن رائق فأخذه فقطع يده وقال هذا أفسد في الأرض ثم جعل يحسن للراضي أن يستوزره وأن قطع يده لا يمنعه من الكتابة وأنه يشد القلم على يده اليمنى المقطوعة فيكتب بها ثم بلغ ابن رائق أنه قد كتب إلى بجكم بما تقدم وأنه يدعو عليه فأخذه فقطع لسانه وسجنه في مكان ضيق وليس عنده من يخدمه فكان يستقي الماء بنفسه يتناول الدول بيده اليسرى ثم يمسكه بفيه ثم يجذب باليسرى ثم يمسك بفيه إلى أن يستقي ولقي شدة وعناء ومات في محبسه هذا وحيدا فدفن فيه ثم سأل أهله نقله فدفن في داره ثم نقل منها إلى غيرها فاتفق له أشياء غريبة منها أنه وزر ثلاث مرات وعزل ثلاث مرات وولى لثلاثة من الخلفاء ودفن ثلاث مرات وسافر ثلاث سفرات مرتين منفيا ومرة إلى الموصل كما تقدم وفيها دخل بجكم بغداد فقلده الراضي إمرة الأمراء مكان ابن رائق وقد كان بجكم هذا من غلمان أبي علي العارض وزير ماكان بن كالي الديلمي فاستوهبه ماكان من الوزير فوهبه له ثم فارق ماكان ولحق بمرداويج وكان في جملة من قتله في الحمام كما تقدم فلما ولاه الخليفة إمرة الأمراء أسكن في دار مؤنس الخادم وعظم أمره جدا وانفصل ابن رائق وكانت أيامه سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوما وفيها بعث عماد الدولة بن بويه أخاه معز الدولة فأخذ الأهواز لأبي عبدالله البريدي وانتزعها من يد بجكم وأعادها إليه وفيها استولى لشكري أحد أمراء وشمكير الديلمي على بلاد أذربيجان وانتزعها من رستم بن إبراهيم الكردي أحد أصحاب ابن أبي الساج بعد قتال طويل وفيها اضطرب أمر القرامطة جدا وقتل بعضهم بعضا وانكفوا بسبب ذلك عن التعرض للفساد في الأرض ولزموا بلدهم هجر لا يرومون منه انتقالا إلى غيره ولله الحمد والمنة وفيها توفي أحمد بن زياد بن عبدالرحمن الأندلسي وكان أبوه من أصحاب مالك وهذا الرجل هو أول من أدخل فقه مالك إلى الأندلس وقد عرض عليه القضاء بها فلم يقبل