ثم دخلت سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة
 
فيها دخل سيف الدولة إلى واسط وقد انهزم عنها البريدي وأخوه أبو الحسين ثم اختلف الترك على سيف الدولة فهرب منها قاصدا بغداد وبلغ أخاه أمير الأمراء خبره فخرج من بغداد إلى الموصل فنهبت داره وكانت دولته على بغداد ثلاثة عشر شهرا وخمسة أيام وجاء أخوه سيف الدولة بعد خروجه منها فنزل بباب حرب فطلب من الخليفة أن يمده بمال يتقوى به على حرب تورون فبعث إليه بأربعمائة ألف درهم ففرقها بأصحابه وحين سمع بقدوم تورون خرج من بغداد ودخلها تورون في الخامس والعشرين من رمضان فخلع عليه الخليفة وجعله أمير الأمراء واستقر أمره ببغداد وعند ذلك رجع البريدي إلى واسط وأخرج من كان بها من أصحاب تورون وكان في أسر تورون غلام سيف الدولة يقال له ثمال فأرسله إلى مولاه ليخبره حاله ويرفع أمره عند آل حمدان وفيها كانت زلزلة عظيمة ببلاد نسا سقط منها عمارات كثيرة وهلك بسببها خلق كثير قال ابن الجوزي وكان ببغداد في أيلول وتشرين حر شديد يأخذ بالأنفاس وفي صفر منها ورد الخبر بورود الروم إلى أرزن وميا فارقين وأنهم سبوا وفي ربيع الآخر منها عقد أبو منصور إسحاق بن الخليفة المتقي عقده على علوية بنت ناصر الدولة بن حمدان على صداق مائة ألف دينار وألف ألف درهم وولى العقد على الجارية المذكورة أبو عبدالله محمد بن أبي موسى الهاشمي ولم يحضر ناصر الدولة وضرب ناصر الدولة سكة ضرب فيها ناصر الدولة عبد آل محمد قال ابن الجوزي وفيها غلت الأسعار حتى أكل الناس الكلاب ووقع البلاء في الناس ووافى من الجراد شيء كثير جدا حتى بيع منه كل خمسين رطلا بالدرهم فارتفق الناس به في الغلاء وفيها ورد كتاب ملك الروم إلى الخليفة يطلب فيه منديلابكنيسة الرها كان المسيح قد مسح بها وجهه فصارت صورة وجهه فيه وأنه متى وصل هذا المنديل يبعث من الأسارى خلقا كثيرا فأحضر الخليفة العلماء فاستشارهم في ذلك فمن قائل نحن أحق بعيسى منهم وفي بعثه إليهم غضاضة على المسلمين ووهن في الدين فقال علي بن عيسى الوزير يا أمير المؤمنين إنقاذ أسارى المسلمين من أيدي الكفار خير وأنفع للناس من بقاء ذلك المنديل بتلك الكنيسة فأمر الخليفة بإرسال ذلك المنديل إليهم وتخليص أسرى المسلمين من أيديهم قال الصولي وفيها وصل الخبر بأن القرمطي ولد له مولود فأهدى إليه أبو عبدالله البريدي هدايا كثيرة منها مهد من ذهب مرصع بالجوهر وجلاله منسوج بالذهب محلى باليواقيت وغير ذلك وفيها كثر الرفض ببغداد فنودي بها من ذكر أحدا من الصحابة بسوء فقد برئت منه الذمة وبعث الخليفة إلى عماد الدولة ابن بويه خلعا فقبلها ولبسها بحضرة القضاة والأعيان وفيها كانت وفاة السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل الساماني صاحب خراسان وما وراء النهر وقد مرض قبل موته بالسل سنة وشهرا واتخذ في داره بيتا سماه بيت العبادة فكان يلبس ثيابا نظافا ويمشي إليه حافيا ويصلي فيه ويتضرع ويكثر الصلاة وكان يجتنب المنكرات والآثام إلى أن مات رحمه الله فقام بالأمر من بعده ولده نوح بن نصر الساماني ولقب بالأمير الحميد وقتل محمد بن أحمد النسفي وكان قد طعن فيه عنده وصلبه وفيها توفي من الأعيان