أبو بكر الشبلي
 
أحد مشايخ الصوفية اختلفوا في اسمه على أقوال فقيل دلف بن جعفر ويقال دلف بن جحدر وقيل جعفر بن يونس أصله من قرية يقال لها شبلة من بلاد اشروسية من خراسان وولد بسامرا وكان أبوه حاجب الحجاب للموفق وكان خاله نائب الاسكندرية وكانت توبة الشبلي على يدي خير النساج سمعه يعظ فوقع في قلبه كلامه فتاب من فوره ثم صحب الفقراء ولمشايخ ثم صار من أئمة القوم قال الجنيد الشبلي تاج هؤلاء وقال الخطيب أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود الزوزني قال سمعت علي بن المثنى التميمي يقول دخلت يوما على الشبلي في داره وهو يهيج ويقول
علي بعدك لا يصبر * من عاته القرب
ولا يقوى على هجرك * من تيمه الحب
فإن لم ترك العين * فقد يبصرك القلب
وقد ذكر له أحوال وكرامات وقد ذكرنا ممن اشتبه عليه أمر الحلاج فيما نسب إليه من الأقوال من غير تأمل لما فيها مما كان الحلاج يحاوله من الإلحاد والإتحاد ولما حضرته الوفاة قال لخادمه قد كان علي درهم مظلمة فتصدقت عن صاحبه بألوف ومع هذا ما على قلبي شغل أعظم منه ثم أمره بأن يوضئه فوضأه وترك تخليل لحيته فرفع الشبلي يده وقد كان اعتقل لسانه فجعل يخلل لحيته وذكره ابن خلكان في الوفيات وحكى عنه أنه دخل يوما على الجنيد فوقف بين يديه وصفق بيديه وأنشد
عودوني الوصال والوصل عذب * ورموني بالصد والصد أصعب
زعموا حين اعتبوا أن جرمي * فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
لا وحق الخضوع عند التلاقي * ما جزاء من يحب الا يحب
وذكر عنه قال رأيت مجنونا على باب جامع الرصافة يوم جمعة عريانا وهو يقول أنا مجنون الله فقلت ألا تستتر وتدخل إلى الجامع فتصلى الجمعة فقال
يقولون زرنا واقض واجب حقنا * وقد اسقطت حالي حقوقهم عني
إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لها * ولم يأنفوا مني أنفت لهم مني
وذكر الخطيب في تاريخه عنه أنه انشد لنفسه فقال * مضيت الشبيبة والحبيبة فانبري
دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني * بمودعين وليس لي قلبان
كان وفاته رحمه الله تعالى رحمه الله تعالى الله ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من هذه السنة وله سبع وثمانون سنة ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد والله أعلم