ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلثمائة
 
في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت وقد كان القرامطة أخذوه في سنة سبع عشرة وثلثمائة كما تقدم وكان ملكهم إذا ذاك أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الحسين الجنابي ولما وقع هذا أعظم المسلمون ذلك وقد بذل لهم الأمير بجكم التركي خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا وقالوا نحن أخذناه بأمر فلا نرده إلا بأمر من أخذناه بأمره فلما كان في هذا العام حملوه إلى الكوفة وعلقوه على الأسطوانة السابعة من جامعها لبراه الناس وكتب أخو أبي طاهر كتابا فيه إنا أخذنا هذا الحجر بأمر وقد رددناه بأمر من أمرنا بأخذه ليتم حج الناس ومناسكهم ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة وكان مدة مغايبته عنده ثنتين وعشرين سنة ففرح المسلمون لذلك فرحا شديدا وقد ذكر غير واحد أن القرامطة لما أخذوه حملوه على عدة جمال فعطبت تحته واعترى أسنمتها القرح ولما ردوه حمله قعود واحد ولم يصبه أذى وفيها دخل سيف الدولة بن حمدان بجيش عظيم نحو من ثلاثين ألفا إلى بلاد الروم فوغل فيها وفتح حصونا وقتل خلقا وأسر أمما وغنم شيئا كثيرا ثم رجع فأخذت عليه الروم الدرب الذي يخرج منه فقتلوا عامة من معه وأسروا بقيتهم واستردوا ما كان أخذه ونجا سيف الدولة في نفر يسير من أصحابه وفيها مات الوزير أبو جعفر الضميري فاستوزر معز الدولة مكانه أبا محمد الحسين بن محمد المهلبي في جمادى الأولى فاستفحل أمر عمران بن شاهين الصياد وتفاقم الأمر به فبعث إليه معز الدولة جيشا بعد جيش كل ذلك يهزمهم مرة بعد مرة ثم عدل معز الدولة إلى مصالحته واستعماله له على بعض تلك النواحي ثم كان من أمره ما سنذكره إن شاء الله تعالى وفيها توفي من الأعيان