ترجمة النقفور ملك الأرمن واسمه الدمستق
 
الذي توفي في سنة ثنتين وقيل خمس وقيل ست وخمسين وثلثمائة لا رحمه الله كان هذا الملعون من أغلظ الملوك قلبا وأشدهم كفرا وأقواهم بأسا وأحدهم شوكة وأكثرهم قتلا وقتالا للمسلمين في زمانه واستمرت في يديه قهرا وأضيفت إلى مملكة الروم قدرا وذلك لتقصير أهل ذلك الزمان وظهور البدع الشنيعة فيهم وكثرة العصيان من الخاص والعام منهم وفشو البدع فيهم وكثرة الرفض والتشيع منهم وقهر أهل السنة بينهم فلهذا أديل عليهم أعداء الإسلام فانتزعوا ما بأيديهم من البلاد مع الخوف الشديد ونكد العيش والفرار من بلاد إلى بلاد فلا يبيتون ليلة إلا في خوف من قوارع الأعداء وطوارق الشرور المترادفة فالله المستعان وقد ورد حلب في مائتي ألف مقاتل بغتة في سنة إحدى وخمسين وجال فيها جولة ففر من بين يديه صاحبها سيف الدولة ففتحها اللعين عنوة وقتل من أهلها الرجال والنساء ما لا يعلمه إلا الله وخرب دار سيف الدولة التي كانت ظاهر حلب وأخذ أموالها وحواصلها وعددها وبدد شملها وفرق عددها واستفحل أمر الملعون بها فإنا لله وإنا إليه راجعون وبالغ في الاجتهاد في قتال الإسلام وأهله وجد في التشمير فالحكم لله العلي الكبير وقد كان لعنه الله لا يدخل في بلد إلا قتل المقاتلة وبقية الرجال وسبى النساء والأطفال وجعل جامعها اصطبلا لخيوله وكسر منابرها واستنكث مأذنتها بخيله ورجله وطبوله ولم يزل ذلك دأبه وديدنه حتى سلط الله عليه زوجته فقتلته بجواريها في وسط مسكنه وأراح الله منه الإسلام وأهله وأزاح عنهم قيام ذلك الغمام ومزق شمله فلله النعمة والافضال وله الحمد على كل حال واتفق في سنة وفاته موت صاحب القسطنطينية فتكاملت المسرات وحلصت الأمنية فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتذهب السيئات وبرحمته تغفر الزلات والمقصود أن هذا اللعين أعني النقفور الملقب الدمستق ملك الأرمن كان قد أرسل قصيدة إلى الخليفة المطيع لله نظمها له بعض كتابه ممن كان قد خذله الله وأذله وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة وصرفه عن الإسلام وأصله يفتخر فيها بهذا اللعين ويتعرض لسب الاسلام والمسلمين ويتوعد فيها أهل حوزة الإسلام بأنه سيملكها كلها حتى الحرمين الشريفين عما قريب من الأعوام وهو أقل وأذل وأخس وأضل من الأنعام ويزعم أنه ينتصر لدين المسيح عليه السلام ابن البتول وربما يعرض فيها بجناب الرسول عليه من ربه التحية والإكرام ودوام الصلاة مدى الأيام ولم يبلغني عن أحد من أهل ذلك العصر أنه رد علبه جوابه إما لأنها لم تشتهر وإما لأنه أقل من أن يردوا خطابه لأنه كالمعاند الجاحد ونفس ناظمها تدل على أنه شيطان مارد وقد انتخى للجواب عنها بعد ذلك أبو محمد بن حزم الظاهري فأفاد وأجاد وأجاب عن كل فصل باطل بالصواب والسداد فبل الله بالرحمه ثراه وجعل الجنة متقلبه ومثواه وها أنا أذكر القصيدة الأرمنية المخذولة الملعونة وأتبعها بالفريدة الإسلامية المنصورة الميمونة قال المرتد الكافر الأرمني على لسان ملكه لعنهما الله وأهل ملتهم أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين آمين يارب العالمين ومن خط ابن عساكر كتبتها وقد نقلوها من كتاب صلة الصلة للفرغاني
من الملك الطهر المسيحي مالك * إلى خلف الأملاك من آل هاشم
إلى الملك الفضل المطيع أخي العلا * ومن يرتجى للمعضلات العظائم
أما سمعت أذناك ما أناصانع * ولكن دهاك الوهن عن فعل حازم
فإن تك عما قد تقلدت نائما * فإني عما همني غير نائم
ثغوركم لم يبق فيها لوهنكم * وضعفكم إلا رسوم المعالم
فتحنا الثغور الأرمنية كلها * بفتيان صدق كالليوث الضراغم
ونحن صلبنا الخيل تعلك لجمها * وتبلغ منها قضمها للشكائم
إلى كل ثغر بالجزيرة آهل * إلى جند قنسرينكم فالعواصم
ملطية مع سميساط من بعد كركر * وفي البحر أضعاف الفتوح النواخم
وبالحدث الحمراء جالت عساكري * وكيسوم بعد الجعفري للمعالم
وكما قد ذللنا من أعزة أهلها * فصاروا لنا من بين عبد وخادم
وسد سروج إذ خربنا بجمعنا * لنا رتبة تعلوا على كل قائم
وأهل الرها لاذوا بنا وتحزبوا * بمنديل مولى علا عن وصف آدمي
وصبح رأس العين منا بطارق * ببيض غزوناها بضرب الجماجم
ودارا وميا فارقين وأزرنا * أذقناهم بالخيل طعم العلاقم
واقريطش فقد جازت إليها مراكبي * على ظهر بحر مزبد متلاطم
فحزتهم أسرى وسقيت نساؤهم * ذوات الشعور المسبلات النواعم
هناك فتحنا عين زربة عنوة * نعم وأبدنا كل طاغ وظالم
إلى حلب حتى استبحنا حريمها * وهدم منها سورها كل هادم
أخذنا النسا ثم البنات نسوقهم * وصبيانهم مثل المماليك خادم
وقد فر عنها سيف دولة دينكم * وناصركم منا علي رغم راغم
وملنا على طرسوس ميلة حازم * أذقنا لمن فيها لحز الحلاقم
فكم ذات عز وجل حمرة علوية * منعمة الأطراف ريا المعاصم
سبينا فسقنا خاضعات حواسرا * بغير مهور لا ولا حكم حاكم
وكم من قتيل قد تركنا مجندلا * يصب دما بين اللها واللهازم
وكم وقعة في الدرب أفنت كما تكم * وسقناهم قسرا كوسق البهائم
وملنا على أرياحكم وحريمها * مدوخة تحت العجاج السواهم
فأهوت أعاليها وبدل رسمها * من الأنس وحشا بعد بيض نواعم
إذا صاح فيها البوم جاوبه الصدى * وأتبعه في الربع نوح الحمائم
وإنطاك لم تبعد علي وإنني * سأفتحها يوما بهتك المحارم
ومسكن آبائي دمشق فإنني * سأرجع فيها ملكنا تحت خاتمي
ومصر سأفتحها بسيفي عنوة * وآخذ أمولا بها وبهائمي
وأجزي كافورا بما يستحقه * بشط وقراض وقص محاجم
ألا شمروا يا أهل حمدان شمروا * أتتكم جيوش الروم مثل الغمائم
فإن تهربوا تنجوا كراما وتسلموا * من الملك الصادي بقتل المسالم
كذاك نصيبين وموصلها إلى * جزيرة آبائي وملك الأقادم
سأفتح سامرا وكونا وعكبرا * وتكريتها مع ماردين العواصم
وأقتل أهليها الرجال بأسرها * وأغنم أموالا بها وحرائم
ألا شمروا با أهل بغداد ويلكم * فكلكم مستضعف غير رائم
رضيتم بحكم الديلمي ورفضه * فصرتم عبيدا للعبيد الديالم
ويا قاطني الرملات ويلكم ارجعوا * إلى أرض صنعا راعييين البهائم
وعودوا إلى أرض الحجاز أذلة * وخلوا بلاد الروم أهل المكارم
سألقي جيوشا نحو بغداد سائرا * إلى باب طاق حيث دار القماقم
وأحرق أعلاها وأهدم سورها * وأسبى ذراريها على رغم راغم
وأحرز أموالا بها وأسرة * وأقتل من فيها بسيف النقائم
وأسرى بجيشي نحو الأهواز مسرعا * لإحراز ديباج وخز السواس نهبأ وأهدم قصورها
وأسبي ذراريها كفعل الأقادم
ومنها إلى شيراز والري فاعلموا * خراسان قصري والجيوش بحارم
إلى شاس بلخ بعدها وخواتها * وفراغنة مع مروها والمخازم
وسابور أهدمها حصونها * وأوردها يوما كيوم السمائم
وكرمان لا أنسى سجستان كلها * وكابلها النائي وملك الأعاجم
إلي واسط وسط العراق وكوفة * كما كان يوما جندنا ذو العزائم
وأخرج منها نحو مكة مسرعا * أجر جيوشا كالليالي السواجم
فأملكها دهرا عزيزا مسلما * أقيم بها للحق كرسي عالم
وأحوي نجدا كلها وتهامها * وسرا واتهام مذحج وقحاطم
وأغزو يمانا كلها وزبيدها * وصنعاءها مع صعدة والتهائم
فاتركها أيضا خرابا بلاقعا * خلاء من الأهلين أهل نعائم
وأحوي أموال اليمانين كلها * وما جمع القرماط يوم محارم
أعود إلى القدس التي شرفت بنا * بعز مكين ثابت الأصل قائم
وأعلوو سريري للسجود معظما * وتبقى ملوك الأرض مثل الخوادم
هنالك تخلو الأرض من كل مسلم * لكل نقي الدين أغلف زاعم
نصرنا عليكم جارت ولاتكم
وأعلنتمو بالمنكرات العظائم
قضاتكم باعوا القضاء بدينهم * كبيع ابن يعقوب ببخس الدراهم
عدو لكم بالزور يشهد ظاهرا * وبالإفك والبرطيل مع كل قائم
سأفتح أرض الله شرقا ومغربا * وأنشر دينا للصليب بصارمي
فعيسى علا فوق السموات عرشه * يفوز الذي والاه يوم التخاصم
وصاحبكم بالترب أودى به الثرى * فصار رفاتا بين تلك الرمائم
تناولتم أصحابه بعد موته * بسب وقذف وانتهاك المحارم
هذا آخرها لعن الله ناظمها وأسكنه النار يوم لا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ويوم يدعو ناظمها ثبورا ويصلى نارا سعيرا
يوم بعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر به إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا
إن كان مات كافرا وهذا جوابها لأبي محمد بن حزم الفقيه الظاهري الأندلسي قالها ارتجالا حين بلغته هذه الملعونة غضبا لله ولرسوله ولدينه كما ذكر ذلك من رآه فرحمه الله وأكرم مثواه وغفر له خطاياه
من المحتمي بالله رب العوالم * ودين رسول الله من آل هاشم
محمد الهادي إلى الله بالتقى * وبالرشد والإسلام أفضل قائم
عليه من الله السلام مرددا * إلى أن يوافي الحشر كل العوالم
إلى قائل بالإفك جهلا وضلة * عن النقفور المفتري في الأعاجم
دعوت إماما ليس من أمرائه * بكفيه إلا كالرسوم الطواسم
دهته الدواهي في خلافته كما * دهت قبله الأملاك دهم الدواهم
ولا عجب من نكبة أو ملمة * تصيب الكريم الجدود الأكارم
ولو أنه في حال ماضي جدوده * لجرعتم منه سموم الأراقم
عسى عطفة لله في اهل دينه * تجدد منه دارسات المعالم
فخررتم بما لو كان فيكم حقيقة لكان بفضل الله أحكم حاكم
إذن لاعترتكم خجلة عند ذكره * وأخرس منكم كل فاه مخاصم
سلبناكم كرا ففزتم بغرة * من الكر أفعال الضعاف العزائم
فطرتم سرورا عند ذاك ونسوة كفعل المهين الناقص المتعالم
وما ذاك إلا في تضاعيف عقله * عريقا وصرف الدهر جم الملاحم
ولما تنازعنا الأمور تخاذلا * ودانت لأهل الجهل دولة ظالم
وقد شعلت فينا الخلائف فتنة * لعبدانهم مع تركهم والدلائم
بكفر أياديهم وجحد حقوقهم * بمن رفعوه من حضيض البهائم
وثبتم على أطرافنا عند ذاكم وثوب لصوص عند غفلة نائم
ألم تنتزع منكم بأعظم فقوة * جدميع بلاد الشام ضربة لازم
ومصرا وأرض القيروان بأسرها * وأندلسا قسرا بضرب الجماجم
ألم ننتزع منكم على ضعف حالنا * صقلية في بحرها المتلاطم
مشاهد تقديساتكم وبيوتها * لنا وبأيدينا على رغم راغم
أما بيت لحم والقمامة بعدها * بأيدي رجال المسلمين الأعاظم
وسر كيسكم قسرا برغم أنوفكم
وكرسى قسطنطينية في المعادم
ولا بد من عود الجميع بأسره * إلينا بعز قاهر متعاظم
أليس يزد حل وسط دياركم * على باب قسطنطينية بالصورام
ومسلمة قد داسها بعد ذاكم * بجيش تهام قد دوى بالضراغم
وأخدمكم بالذل مسجدنا الذي * بنى فيكم في عصره المتقادم
إلى جنب قصرالملك من دار ملككم * ألا هذه حق صرامة صارم
وأذى لهارون الرشد مليككم * رفادة مغلوب وجزية غارم
سلبناكم مصرا شهود بقوة * حبانا بها الرحمن أرحم راحم
إلى بيت يعقوب وأرباب دومة * إلى لجة البحر المحيط المحاوم
فهل سرتم في أرضنا قط جمعة * أبى لله ذا كم يا بقايا الهزائم
فما لكم إلا الأماني وحدها * بضائع نوكى تلك أحلام نائم
رويدا بعد نحو الخلافة نورها * وسفر مغير وجوه الهواشم
وحينئذ تدرون كيف قراركم * إذا صدمتكم خيل جيش مصادم
على سالف العادات منا ومنكم * ليالي بهم في عداد الغنائم
سبيتم سبايا يحصر العدو دونها * وسبيكم فينا كقطر الغمائم
فلو رام خلق عدها رام معجزا * وأتى بتعداد لرش الحمائم
بأبنا بني حمدان وكافور صلتم * أراذل أنجاس قصار المعاصم
دعي وحجام سطوتهم عليهما * وما قدر مصاص دماء المحاجم
فهلا على دميانة قبل ذاك أو * على محل أربا رماة الضراغم
ليالي قادوكم كما اقتادكم * أقيال جرجان بحز الحلاقم
وساقوا على رسل بنات ملوككم * سبايا كما سيقت ظباء الصرائم
ولكن سلوا عنا هرقلا ومن خلى * لكم من ملوك مكرمين قماقم
يخبركم عنا التنوخ وقيصر * وكم قد سبينا من نساء كرائم
وعما فتحنا من منيع بلادكم * وعما أقمنا فيكم من مآتم
ودع كل نذل مفتر لا تعده * إماما ولا الدعوى له بالتقادم
فهيهات سامرا وتكريت منكم * إلى جبل تلكم أماني هائم
منى يتمناها الضعيف ودونها * نظائرها وحز الغلاصم
تريدون بغداد سوقا جديدة * مسيرة شهر للفنيق القواصم
محلة أهل الزهد والعلم والتقى * ومنزلة يختارها كل عالم
دعوا الرملة الصهباء عنكم فدونها * من المسلمين الغر كل مقاوم
ودون دمشق جمع جيش كأنه * سحائب طير ينتحي بالقوادم
وضرب يلقي الكفر كل مذلة * كما ضرب السكي بيض الدراهم
ومن دون أكناف الحجاز جحافل * كقطر الغيوم الهائلات السواحم
بها من بني عدنان كل سميدع * ومن حي قحطان كرام العمائم
ولو قد لقيتم من قضاعة كبة * لقيتم ضراما في يبيس الهشائم
إذا أصبحوكم ذكروكم بما خلا * لهم معكم من صادق متلاحم
زمان يقودون الصوافن نحوكم * فجئتم ضمانا أنكم في الغنائم
سيأتيكم منهم قريبا عصائب * تنسيكم تذكار أخذ العواصم
وأموالكم حل لهم ودماؤكم * بها يشتفي حر الصدور الحوايم
وأرضيكم حقا سيقتسمونها * كما فعلوا دهرا بعدل المقاسم
ولو طرقتكم من خراسان عصبة * وشيراز والري الملاح القوائم
لما كان منكم عند ذلك غيرما * عهدنا لكم ذل وعض الأباهم
فقد طالما زاروكم في دياركم * مسيرة عام بالخيول الصوادم
فأما سجستان وكرمان بال * أولى وكابل حلوان بلاد المراهم
وفي فارس والسوس جمع عرمرم * وفي أصبهان كل أروع عارم
فلوا قد أتاكم جمعهم لغدوتم * فرائس كالآساد فوق البهائم
وبالبصرة الغراء والكوفة التي * سمت وبآدي واسط بالعظائم
جموع تسامى الرمل عدا وكثرة * فما أحد عادوه منه بسالم
ومن دون بيت الله في مكة التي * حباها بمجد للبرايا مراحم
محل جميع الأرض منها تيقنا * محلة سفل الخف من فص خاتم
دفاع من الرحمن عنها بحقها * فما هو عنها رد طرف برائم
بها وقع الأحبوش هلكى وفيلهم * بحصباء طير في ذرى الجو حائم
وجمع كجمع البحر ماض عرمرم * حمى بنية البطحاء ذات المحارم
ومن دون قبر المصطفى وسط طيبة * جموع كمسود من الليل فاحم
يقودهم جيش الملائكة العلى * دفاعا ودفعا عن مصل وصائم
فلو قد لقيناكم لعدتم رمائما * كما فرق الإعصار عظم البهائم
وباليمن الممنوع فتيان غارة * إذا ما لقوكم كنتم كالمطاعم
وفي جانبي أرض اليمامة عصبة * معاذر أمجاد طوال البراجم
نستفينكم والقرمطيين دولة * تقووا يميمون التقية حازم
خليفة حق ينصر الدين حكمه * ولا يتقي في الله لومة لائم
إلى ولد العباس تنمي جدوده * بفخر عميم مزبد الموج ناعم
ملوك جرى بالنصر طائر سعدهم * فاهلا بماضي منهم وبقادم
محلهم في مسجد القدس أولدى * منازل بغداد محل المكارم
وإن كان من عليا عدي وتيمها * ومن أسد هذا الصلاح الحضارم
فاهلا وسهلا ثم نعمى ومرحبا * بهم من خيار سالفين أقادم
هم نصروا الإسلام نصرا مؤزرا * وهم فتحوا البلدان فتح المراغم
رويدا فوعد الله بالصدق وارد * بتجريع أهل الكفر طعم العلاقم
سنفتح قسطنطينية وذواتها * ونجعلكم فوق النسور القعاشم
ونفتح أرض الصين والهند عنوة * بجيش لأرض الترك والخزر حاطم
مواعيد للرحمن فينا صحيحة * وليست كآمال العقول السواقم
ونملك أقصى أرضكم وبلادكم * ونلزمكم ذل الحر أو الغارم
إلى أن ترى الإسلام قد عم حكمه * جميع الأراضي بالجيوش الصوارم
أتقرن يا مخذول دينا مثلثا * بعيدا عن المعقول بادي المآثم
تدين لمخلوق يدين لغيره * فيا لك سحقا ليس بخفي لعالم
أنا جيلكم مصنوعة قد تشابهت * كلام الأولى فيها أتوا بالعظائم
وعود صليب ما تزالون سجدا * له يا عقول الهاملات السوائم
تدينون تضلالا بصلب إلهكم * بأيدي يهود أرذلين لآئم
إلى ملة الإسلام توحيد ربنا * فما دين ذي دين لها بمقاوم
وصدق رسالات الذي جاء بالهدى * محمد الآتي برفع المظالم
وأذ عنت الأملاك طوعا لدينه * ببرهان صدق طاهر في المواسم
كما دان في صنعاء مالك دولة * وأهل عمان حيث رهط الجهاضم
وسائر أملاك اليمانين أسلموا * ومن بلد البحرين قوم اللهازم
أجابوا لدين الله لا من مخافة * ولا رغبة يحظى بها كف عادم
فحلوا عرى التيجان طوعا ورغبة * بحق يقين بالبراهين فاحم
وحاباه بالنصر المكين إلهه * وصير من عاداه تحت المناسم
فقير وحيد لم تعنه عشيرة * ولا دفعوا عنه شتيمة شاتم
ولا عنده مال عتيد لناصر * ولا دفع مرهوب ولا لمسالم
ولا وعد الأنصار مالا يخصم * بلى كان معصوما لأقدر عاصم
ولم تنهنهه قط قوة آسر * ولا مكنت من جسمه يد ظالم
كما يفتري إفكا وزورا وضلة * على وجهه عيسى منكم كل لاطم
على أنكم قد قلتموا هو ربكم * فيالضلال في القيامة عائم
أبى لله أن يدعى له ابن صاحب * ستلقى دعاة الكفر حالة نادم
ولكنه عبد نبي رسول مكرم * من الناس مخلوق ولا قول زاعم
أيلطم وجه الرب تبا لدينكم * لقد فقتم في قولكم كل ظالم
وكم آية أبدى النبي محمد * وكم علم أبداه للشرك حاطم
تساوي جميع الناس في نصر حقه * بل لكل في إعطائه حال خادم
فعرب وأحبوش وفرس وبربر * وكرديهم قد فاز قدح المراحم
وقبط وأنباط وخزر وديلم * وروم رموكم دونه بالقواصم
أبوا كفر أسلاف لهم فتمنعوا
فآبوا بحظ في السعادة لازم
به دخلوا في ملة الحق كلهم * ودانوا لأحكام إلاله اللوازم
به صح تفسير المنام الذي أتى * به دانيال قبله حتم حاتم
وهند وسند أسلموا وتدينوا * بدين الهدى رفض لدين الأعاجم
وشق له بدر السموات آية * وأشبع من صاع له كل طاعم
وسالت عيون الماء في وسط كفه * فأروى به جيشا كثيرا هماهم
وجاء بما تقضي العقول بصدقه * ولا كدعاء غير ذات قوائم
عليه سلام الله ماذر شارق * تعقبه ظلماء أسحم قاتم
براهينه كالشمس لا مثل قولكم * وتخليطكم في جوهر وأقائم
لنا كل علم من قديم ومحدث * وأنتم حمير داميات المحازم
أتيتم بشعر بارد متخاذل * ضعيف معاني النظم جم البلاعم
فدونكها كالعقد فيه زمرد * ودر وياقوت بإحكام حاكم
وفيها عزل ابن أبي الشوارب عن قضاء ونقضت سجلاته وأبطلت أحكامه مدة أيامه وولى القضاء عوضه أبو بشر عمر بن أكتم بن رزق ورفع عنه ما كان يحمله ابن أبي الشوارب في كل سنة وفي ذي الحجة منها استسقى الناس لتأخر المطر وذلك في كانون الثاني فلم يسقوا وحكى ابن الجوزي في المنتظم عن ثابت بن سنان المؤرخ قال حدثني جماعة ممن أثق بهم أن بعض بطارقة الأرمن أنفذ في سنة ثنتين وخمسين وثلثمائة إلى ناصر الدولة بن حمدان رجلين من الأرمن ملتصقين سنهما خمس وعشرون سنة ملتحمين ومعهما أبوهما ولهما سرتان وبطنان ومعدتان وجوعهما وريهما يختلفان وكان أحدهما يميل إلى النساء والآخر يميل إلى الغلمان وكان يقع بينهما خصومة وتشاجر وربما يحلف الآخر لا يكلم الآخر فيمكث كذلك أياما ثم يصطلحان وهبهما ناصر الدولة ألفي درهم وخلع عليهما ودعاهما إلى الإسلام فيقال إنهما أسلما وأراد أن يبعثهما إلى بغداد ليراهما الناس ثم رجع عن ذلك ثم إنهما رجعا إلى بلدهما مع أبيهما فاعتل أحدهما ومات وأنتن ريحه وبقي الآخر لا يمكنه التخلص منه وقد كان اتصال ما بينهما من الخاصرتين وقد كان ناصر الدولة أراد فصل أحدهما عن الآخر وجمع الأطباء لذلك فلم يمكن فلما مات أحدهما حار أبوهما في فصله عن أخيه فاتفق اعتلال الآخر من غمه ونتن أخيه فمات غما فدفنا جميعا في قبر واحد وومن توفي فيها من الأعيان عمر بن أكتم بن أحمد بن حيان بن بشر أبو بشر الأسدي ولد سنة أربع وثمانين ومائتين وولى القضاء في زمن المطيع نيابة عن أبي السائب عتبة بن عبيد الله
ثم ولي قضاء القضاة وهو أول من ولي القضاء القضاة من الشافعية سوى أبي السائب وكان جيد السيرة في القضاء توفي في ربيع الأول منها