ثم دخلت سنة خمس وأربعمائة
 
فيها منع الحاكم صاحب مصر النساء من الخروج من منازلهم أو أن يطلعن من الأسطحة أو من الطاقات ومنع الخفافين من عمل الخفاف لهن ومنعهن من الخروج إلى الحمامات وقتل خلقا من النساء على مخالفته في ذلك وهدم بعض الحمامات عليهن وجهز نساء عجائز كثيرة يستعلمن أحوال النساء لمن يعشقن أو يعشقهن بأسمائهن وأسماء من يتعرض لهن فمن وجد منهن كذلك أطفأها وأهلكها ثم إنه أكثر من الدوران بنفسه ليلا ونهارا في البلد في طلب ذلك وغرق خلقا من الرجال والنساء والصبيان ممن يطلع على فسقهم فضاق الحال واشتد على النساء وعلى الفساق ذلك ولم يتمكن أحد منهن أن يصل إلى أحد إلا نادرا حتى أن امرأة عاشقة لرجل عشقا قويا كادت أن تهلك بسببه لما حيل بينها وبينه فوقفت لقاضي القضاة وهو مالك بن سعد الفارقي وحلفته بحق الحاكم لما وقف لها واستمع كلامها فرحمها فوقف لها فبكت إليه بكاء شديدا مكرا وحيلة وخداعا وقالت له أيها القاضي إن لي أخا ليس لي غيره وهو في السياق وإني أسألك بحق الحاكم عليك لما أوصلتني إلى منزله لأنظر إليه قبل أن يفارق الدنيا وأجرك على الله فرق لها القاضي رقة شديدة وأمر رجلين كانا معه يكونان معها حتى يبلغانها إلى المنزل الذي تريده فأغلقت بابها وأعطت المفتاح لجارتها وذهبت معهما حتى وصلت إلى منزل معشوقها فطرقت الباب ودخلت وقالت لهما اذهبا هذا منزله فاذا رجل كانت تهواه وتحبه ويهواها ويحبها فقال لها كيف قدرت على الوصول إلي فأخبرته بما احتالت به من الحيلة على القاضي فأعجبه ذلك من مكرها وحيلتها وجاء زوجها من آخر النهار فوجد بابه مغلقا وليس في بيته أحد فسأل الجيران عن أمرها فذكرت له جارتها ما صنعت فاستغاث على القاضي وذهب إليه وقال له ما أريد امراتي إلا منك الساعة وإلا عرفت الحاكم فإن امراتي ليس لها أخ بالكلية وإنما ذهبت إلى معشوقها فخاف القاضي من معرة هذا الامر فركب إلى الحاكم وبكى بين يديه فسأله عن شأنه فأخبره بما اتفق له من الأمر مع المرأة فأرسل الحاكم مع ذينك الرجلين من يحضر المرأة والرجل جميعا على أي حال كانا عليه فوجدهما متعانقين سكارى فسألهما الحاكم عن أمرهما فأخذا يعتذران بما لايجدي شيئا فأمر بتحريق المرأة في بادية وضرب الرجل ضربا مبرحا حتى أتلفه ثم ازداد احتياطا وشدة على النساء حتى جعلهن في أضيق من جحر ضب و لا زال هذا دأبه حتى مات ذكره ابن الجوزي وفي رجب منها ولي أبو الحسن أحمد بن أبي الشوارب قضاء الحضرة بعد موت أبي محمد الأكفاني وفيها عمر فخر الدولة مسجد الشرقية ونصب عليه الشبابيك من الحديد وممن توفي من الأعيان

الموضوع التالي


بكر بن شاذان بن بكر

الموضوع السابق


علي بن سعيد الاصطخري