ابو الطيب الطبري
 
الفقيه شيخ الشافعية طاهر بن عبدالله بن طاهر بن عمر ولد بآمل طبرستان سنة ثمان وأربعين وثلثمائة سمع الحديث بجرجان من أبي أحمد الغطريقي وبنيسابور من أبي الحسن الماسرجسي وعليه درس الفقه أيضا وعلى أبي علي الزجاجي وأبي القاسم بن كج ثم اشتغل ببغداد على أبي حامد الإسفرايني وشرح المختصر وفروع ابن الحداد وصنف في الأصول والجدل وغير ذلك من العلوم الكثيرة النافعة وسمع ببغداد من الدارقطني وغيره وولي القضاء بربع الكرخ بعد موت أبي عبدالله الصيمري وكان ثقة دينا ورعا عالما بأصول الفقه وفروعه حسن الخلق سليم الصدر مواظبا على تعليم العلم ليلا ونهارا وقد ترجمته في طبقات الشافعية وحكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عنه وكان شيخه وقد أجلسه بعده في الحلقة أن أبا الطيب أسلم خفا له وكان متقللا من الدنيا فقيرا عند خفاف ليصلحه له فأبطأ عليه فكان كلما مر عليه أخذه فغمسه في الماء وقال أيها الشيخ الساعة أصلحه فقال الشيخ أسلمته لتصلحه ولم أسلمه لتعلمه السباحة وحكى ابن خلكان أنه كان له ولأخيه عمامة واحدة وقميص واحد إذا لبسهما هذا جلس الآخر في البيت لا يخرج منه وإذا لبسهما هذا احتاج الآخر أن يقعد في البيت ولا يخرج منه وإذا غسلاهما جلسا في البيت إلى أن ييبسا وقد قال في ذلك أبو الطيب
قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
وقد توفي في هذه السنة عن مائة سنة وسنتين وهو صحيح العقل والفهم والأعضاء يفتي ويشتغل إلى أن مات وقد ركب مرة سفينة فلما خرج منها قفز قفزة لا يستطيعها الشباب فقيل له ما هذا يا أبا الطيب فقال هذه أعضاء حفظناها في الشبيبة تنفعنا في الكبر رحمه الله

الموضوع التالي


القاضي الماوردي

الموضوع السابق


داود أخو طغرلبك