محمد بن أحمد بن سهل
 
المعروف بابن بشران النحوي الواسطي ولد سنة ثمانين وثلثمائة وكان عالما بالأدب وانتهت إليه الرحلة في اللغة وله شعر حسن فمنه قوله
يا شائدا للقصور مهلا * أقصر فقصر الفتى الممات
لم يجتمع شمل أهل قصر إلا قصارهم الشتات
وإنما العيش مثل ظل * منتقل ماله ثبات
وقوله ودعتهم ولي الدنيا مودعة * ورحت مالي سوى ذكراهم وطر
وقلت بالذاتي بيني لبينهم * كأن صفو حياتي بعدهم كدر
لولا تعلل قلبي بالرجاء لهم * ألفيته إن حدوا بالعيس ينفطر
يا ليت عيسهم يوم النوى نحرت * أوليتها للضواري بالفلا جزر
يا ساعة البين أنت الساعة اقتربت * يا لوعة البين أنت النار تستعر
وقوله طلبت صديقا في البرية كلها * فأعيا طلابي أن أصيب صديقا
بلى من سمى بالصديق مجازه * ولم يك في معنى الوداد صدوقا
فطلقت ود العالمين ثلاثة
وأصبحت من اسر الحفاظ طليقا وفيها أقبل ملك الروم أرمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرخ والفرنج وعدد عظيم وعدد ومعه خمسة وثلاثون ألفا من البطارقة مع كل بطريق مائتا ألف فارس ومعه من الفرنج خمسة وثلاثون ألفا ومن الغزاة الذين يسكنون القسطنطينية خمسة عشر ألفا ومعه مائة ألف نقاب وحفار والف روز جاري ومعه أربعمائة عجلة تحمل النعال والمسامير والفا عجلة تحمل السلاح والسروج والغردات والمناجيق منها منجنيق عدة ألف ومائتا رحل وأهله ومن عزمه قبحه الله أن يبيد الاسلام وقد أقطع بطارقته البلاد حتى بغداد واستوصى نائبها بالخليفة خيرا فقال له ارفق بذلك الشيخ فإنه صاحبنا ثم إذا استوثقت ممالك العراق وخراسان لهم مالوا على الشام وأهله ميلة واحدة فاستعادوه من أيدي المسلمين والقدر يقول لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون
فالقتاه السلطان ألب ارسلان في جيشه وهم قريب من عشرين ألفا بمكان يقال له الزهوة في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي القعدة وخاف السلطان من كثرة جند ملك الروم فأشار عليه الفقيه أبو نصر محمد بن عبدالملك البخاري بأن يكون وقت الوقعة يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء يدعون للمجاهدين فلما كان ذلك الوقت وتواقف الفريقان وتواجه الفتيان نزل السلطان عن فرسه وسجد لله عز وجل ومرغ وجهه في التراب ودعا الله واستنصره فأنزل نصره على المسلمين ومنحهم أكتافهم فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسر ملكهم أرمانوس أسره غلام رومي فلما أوقف بين يدي الملك ألب أرسلان ضربه بيده ثلاث مقارع وقال لو كنت أنا الأسير بين يديك ما كنت تفعل قال كل قبيح قال فما ظنك بي فقال إما أن تقتل وتشهرني في بلادك وإما أن تعفو وتأخذ الفداء وتعيدني قال ما عزمت على غير العفو والفداء فافتدى نفسه منه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار فقام بين يدي الملك وسقاه شربة من ماء وقبل الأرض بين يديه وقبل الأرض إلى جهة الخليفة إجلالا وإكراما وأطلق له الملك عشرة آلاف دينار ليتجهز بها وأطلق معه جماعة من البطارقة وشيعه فرسخا وأرسل معه جيشا يحفظونه إلى بلاده ومعهم راية مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله فلما انتهى إلى بلاده وجد الروم قد ملكوا عليهم غيره فأرسل إلى السلطان يعتذر إليه وبعث من الذهب والجواهر ما يقارب ثلاثمائة ألف دينار وتزهد ولبس الصوف ثم استغاث بملك الأرمن فأخذه وكحله وأرسله إلى السلطان يتقرب إليه بذلك وفيها خطب محمود بن مرداس للقائم وللسلطان ألب أرسلان فبعث إليه الخليفة بالخلع والهدايا والتحف والعهد مع طراد وفيها حج بالناس أبو الغنائم العلوي وخطب بمكة للقائم وقطعت خطبة المصريين منها وكان يخطب لهم فيها من نحو مائة سنة فانقطع ذلك وفيها توفي من الأعيان

الموضوع التالي


أحمد بن علي

الموضوع السابق


الحسن بن علي