خلافة المستظهر بأمر الله أبي العباس
 
لما توفي أبوه يوم الجمعة أحضروه وله من العمر ست عشرة سنة وشهران فبويع بالخلافة وأول من بايعه الوزير أبو منصور ابن جهير ثم أخذ البيعة له من الملك ركن الدولة بركيارق بن ملكشاه ثم من بقية الأمراء والرؤساء وتمت البيعة تؤخذ له إلى ثلاثة أيام ثم أظهر التابوت يوم الثلاثاء الثامن عشر من المحرم وصلى عليه ولده الخليفة وحضر الناس ولم يحضر السلطان وحضر أكثر أمرائه وحضر الغزالى والشاشى وابن عقيل وبايعوه يوم ذلك وقد كان المستظهر كريم الأخلاق حافظا للقرآن فصيحا بليغا شاعرا منطيقا ومن لطيف شعره قوله
أذاب حر الجوى في القلب ما جمدا * يوما مددت على رسم الوداع يدا
فكيف أسلك نهج الاصطبار وقد * أرى طرائق من يهوى الهوى قددا
قد أخلف الوعد بدر قد شغفت به * من بعد ما قد وفى دهرا بما وعدا
إن كنت أنقض عهد الحب في خلدي * من بعد هذا فلا عاينته أبدا
وفوض المستظهر أمور الخلافة إلى وزيره أبي منصور عميد الدولة بن جهير فدبرها أحسن تدبير ومهد الأمور أتم تمهيد وساس الرعايا وكان من خيار الوزراء وفي ثالث عشر شعبان عزل الخليفة أبا بكر الشاشي عن القضاء وفوضه إلى أبي الحسن ابن الدامغاني وفيها وقعت فتنة بين السنة والروافض فأحرقت محال كثيرة وقتل ناس كثير فإن لله وأنا إليه راجعون ولم يحج أحد لاختلاف السلاطين وكانت الخطبة للسلطان بركيارق ركن الدولة يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم وهو اليوم الذي توفي فيه الخليفة المقتدي بعد ما علم على توقيعه وممن توفي فيها من الأعيان: