ثم دخلت سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
 
فيها قدم يوسف بن ابق التركماني من جهة تتش صاحب دمشق إلى بغداد لأجل إقامة الدعوة له ببغداد وكان تتش قد توجه لقتال ابن أخيه بناحية الري فلما دخل رسوله بغداد هابوه وخافوه واستدعاه الخليفة فقربه وقبل الأرض بين يدي الخليفة وتأهب أهل بغداد له وخافوا أن ينهبهم فبينما هو كذلك إذ قدم عليه رسول ابن أخيه فأخبره أن تتش قتل في أول من قتل في الوقعة وكانت وفاته في سابع عشر صفر من هذه السنة فاستفحل أمر بركيارق واستقل بالأمور وكان دقاق بن تتش مع أبيه حين قتل فسار إلى دمشق فملكها وكان نائب أبيه عليها الأمير ساوتكين
واستوزر أبا القاسم الخوارزمي وملك عبد الله بن تتش مدينة حلب ودبر أمر مملكته جناح الدولة ابن اتكين ورضوان بن تتش صاحب مدينة حماه وإليه تنسب بنو رضوان بها وفي يوم الجمعة التاسع عشر من ربيع الأول منها خطب لولي العهد أبي المنصور الفضل بن المستظهر ولقب بذخيرة الدين وفي ربيع الآخر خرج الوزير ابن جهير فاختط سورا على الحريم وأذن للعوام في العمل والتفرج فأظهروا منكرات كثيرة وسخافات عقول ضعيفة وعملوا أشياء منكرة فبعث إليه ابن عقيل رقعة فيها كلام غليظ وإنكار بغيض وفي رمضان خرج السلطان بركيارق فعدا عليه فداوى فلم يتمكن منه فمسك فعوقب فأقر على آخرين فلم يقرا فقتل الثلاثة وجاء الطواشي من جهة الخليفة مهنئا له بالسلامة وفي ذي القعدة منها خرج أبو حامد الغزالي من بغداد متوجها إلى بيت المقدس تاركا لتدريس النظامية زاهدا في الدنيا لابسا خشن الثياب بعد ناعمها وناب عنه أخوه في التدريس ثم حج في السنة التالية ثم رجع إلى بلده وقد صنف كتاب الأحياء في هذه المدة وكان يجتمع إليه الخلق الكثير كل يوم في الرباط فيسمعونه وفي يوم عرفة خلع على القاضي أبي الفرج عبد الرحمن بن هبة الله بن البستي ولقب بشرف القضاة ورد إلى ولاية القضاء بالحريم وغيره وفيها اصطلح أهل الكرخ من الرافضة والسنة مع بقية المحال وتزاوروا وتواصلوا وتواكلوا وكان هذا من العجائب وفيها قتل أحمد بن خاقان صاحب سمرقند وسببه أنه شهد عليه بالزندقة فخنق وولي مكانه ابن عمه مسعود وفيها دخل الأتراك إفريقية وغدروا بيحي بن تميم بن المعز بن باديس وقبضوا عليه وملكوا بلاده وقتلوا خلقا بعدما جرت بينه وبينهم حروب شديدة وكان مقدمهم رجل يقال له شاه ملك وكان من أولاد بعض أمراء المشرق فقدم مصر وخدم بها ثم هرب إلى المغرب ومعه جماعة ففعل ما ذكر ولم يحج أحد من أهل العراق فيها وممن توفي فيها من الأعيان :