ثم دخلت سنة تسع وثمانين وأربعمائة
 
قال ابن الجوزي في المنتظم في هذه السنة حكم جهلة المنجمين أنه سيكون في هذه السنة طوفان قريب من طوفان نوح وشاع الكلام بذلك بين العوام وخافوا فاستدعى الخليفة المستظهر ابن عشبون المنجم فسأله عن هذا الكلام فقال إن طوفان نوح كان في زمن اجتمع في بحر الحوت الطوالع السبعة والآن فقد اجتمع فيه ستة ولم يجتمع معها زحل فلا بد من وقوع طوفان في بعض البلاد والأقرب أنها بغداد فتقدم الخليفة إلى وزيره بإصلاح المسيلات والمواضع التي يخشى انفجار الماء منها وجعل الناس ينتظرون فجاء الخبر بأن الحجاج حصلوا بوادي المناقب بعد نخلة فأتاهم سيل عظيم فما نجا منهم إلا من تعلق برؤس الجبال وأخذ الماء الجمال والرجال والرحال فخلع الخليفة على ذلك المنجم وأجرى له جارية وفيها ملك الأمير قوام الدولة أبو سعيد كربوقا مدينة الموصل وقتل شرف الدولة محمد بن مسلم بن قريش وغرقه بعد حصار تسعة أشهر وفيها ملك تميم بن المعز المغربى مدينة قابس واخرج منها أخاه عمر فقال خطيب سوسة في ذلك أبياتا
ضحك الزمان وكان يلفى عابسا * لما فتحت بحدش سيفك قابسا
وأتيتها بكرا وما أمهرتها * إلا قنا وصوارما وفوراسا
الله يعلم ما جنيت ثمارها * إلا وكان أبوك قبلا غارسا
من كان في زرق الأسنة خاطبا * كانت له قلل البلاد عرائسا
وفي صفر منها درس الشيخ أبو عبدالله الطبري بالنظامية ولاه إياها فخر الملك بن نظام الملك وزير بركيارق وفيها أغارت خفاجة على بلاد سيف الدولة صدقة بن مزيد بن منصور بن دبيس وقصدوا مشهد الحسين بالحائر وتظاهروا فيه بالمنكرات والفساد فكبسهم فيه الأمير صدقة المذكور فقتل منهم خلقا كثيرا عند الضريح ومن العجائب أن أحدهم ألقى نفسه وفرسه من فوق السور فسلم وسلمت فرسه وحج بالناس الأمير خمارتكين وممن توفي فيها من الأعيان :