ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
 
في جمادى الأولى منها ملك الإفرنج مدينة إنطاكية بعد حصار شديد بمواطأة بعض المستحفظين على بعض الأبراج وهرب صاحبها باغيسيان في نفر يسير وترك بها أهله وماله ثم نه ندم في أثناء الطريق ندما شديدا على ما فعل بحيث إنه غشى عليه وسقط عن فرسه فذهب أصحابه وتركوه فجاء راعي غنم فقطع رأسه وذهب به إلى ملك الفرنج ولما بلغ الخبر إلى الأمير كربوقا صاحب الموصل جمع عساكر كثيرة واجتمع عليه دقاق صاحب دمشق وجناح الدولة صاحب حمص وغيرهما وسار إلى الفرنج فالتقوا معهم بأرض إنطاكية فهزمهم الفرنج وقتلوا منهم خلقا كثيرا وأخذوا منهم أموالا جزيلة فإنا لله وإنا إليه راجعون ثم صارت الفرنج إلى معرة النعمان فأخذوها بعد حصار فلا حول ولا قوة إلا بالله ولما بلغ هذا الأمر الفظيع إلى الملك بركيارق شق عليه ذلك وكتب إلى الأمراء ببغداد أن يتجهزوا هم والوزير ابن جهير لقتال الفرنج فبرز بعض الجيش إلى ظاهر البلد بالجانب الغربي ثم انفسخت هذه العزيمة لأنهم بلغهم أن الفرنج في ألف ألف مقاتل فلا حول ولا قوة إلا بالله وحج بالناس فيها خمارتكين وممن توفي فيها من الأعيان: