ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
 
في صفر منها دخل السلطان بركيارق إلى بغداد ونزل بدار الملك وأعيدت له الخطبة وقطعت خطبة أخيه محمد وبعث إليه الخليفة هدية هائلة وفرح به العوام والنساء ولكنه في ضيق من أمر أخيه محمد لاقبال الدولة عليه واجتماعهم إليهوقلة ما معه من أموال ومطالبة الجند له بأرزاقهم فعزم على مصادرة الوزير ابن جهير فألتجأ إلى الخليفة فمنعه من ذلك ثم اتفق الحال على المصالحة عنه بمائة ألف وستين ألف دينار ثم سار فالتقى هو وأخوه محمد بمكان قريب من همدان فهزمه أخوه محمد ونجا هو بنفسه في خمسين فارسا وقتل في هذه الوقعة سعد الدولة جوهر آيين الخادم وكان قديم الهجرة في الدولة وقد ولى شحنة بغداد وكان حليما حسن السيرة لم يتعمد ظلم أحد ولم ير خادم ما رأى من الحشمة والحرمة وكثرة الخدم وقد كان يكثر الصلاة بالليل ولايجلس إلا على وضوء ولم يمرض مدة حياته ولم يصدع قط ولما جرى ما جرى في هذه الوقعة ضعف أمر السلطان بركيارق ثم تراجع إليه جيشه وانضاف إليه الأمير داود في عشرين ألفا فالتقي هو وأخوه مع أخيه سنجر فهزمهم سنجر أيضا وهرب في شرذمة قليلة وأسر الأمير داود فقتله الأمير برغش أحد أمراء سنجر فضعف بركيارق وتفرقت عنه رجاله وقطعت خطبته من بغداد في رابع عشر رجب وأعيدت خطبة السلطان محمد وفي رمضان منها قبض على الوزير عميد الدولة بن جهير وعلى أخويه زعيم الرؤساء أبي القاسم وأبي البركات الملقب بالكافي وأخذت منهم أموال كثيرة وحبس بدار الخلافة حتى مات في شوال منها وفي ليلة السابع والعشرين منه قتل الأمير بلكابك سرمز رئيس شحنة أصبهان ضربه باطنى بسكين في خاصرته وقد كان يتحرز منهم كثيرا وكان يدرع تحت ثيابه سوى هذه الليلة ومات من أولاده في الليلة جماعة خرج من داره خمس جنائز من صبيحتها وفيها أقبل ملك الفرنج في ثلاثمائة ألف مقاتل فالتقى معه ستكين ابن انشمند طايلو إنابك دمشق الذي يقال له أمين الدولة واقف الأمينية بدمشق وببصرى لا التي ببعلبك فهزم الأفرنج وقتل منهم خلقا كثيرا بحيث لم ينج منهم سوى ثلاثة آلاف وأكثرهم جرحى يعني الثلاثة آلاف وذلك في ذي القعدة منها ولحقهم إلى ملطية فملكها وأسر ملكها ولله الحمد وحج بالناس الأمير التونتاش التركي وكان شافعي المذهب وممن توفي فيها من الأعيان :