الوزير ابن هبيرة
 
يحيى بن محمد بن هبيرة أبو المظفر الوزير للخلافة عون الدين مصنف كتاب الإفصاح وقد قرأ القرآن وسمع الحديث وكانت له معرفة جيدة بالنحو واللغة والعروض وتفقه على مذهب الإمام أحمد وصنف كتبا جيدة مفيدة من ذلك الإفصاح في مجلدات شرح فيه الحديث وتكلم على مذاهب العلماء وكان على مذهب السلف في الإعتقاد وقد كان فقيرا لامال له ثم تعرض للخدمة الىأن وزر للمقتفي ثم لابنه المستنجد وكان من خيار الوزراء وأحسنهم سيرة وأبعدهم عن الظلم وكان لا يلبس الحرير وكان المقتفي يقول ما وزر لبني العباس مثله وكذلك ابنه المستنجد وكان المستنجد معجبا به قال مرجان الخادم سمعت أمير المؤمنين المستنجد بنشد لابن هبيرة وهو بين يديه من شعره
صفت نعمتان خصتاك وعمتا * فذكرهما حتى القيامة يذكر
وجودك والدنيا إليك فقيرة * وجودك والمعروف في الناس ينكر
فلوا رام يا يحيى مكانك جعفر * ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر
ولم ار من ينوي لك السوءيا أبا * المظفر إلا كنت أنت المظفر
وقد كان يبالغ في إقامة الدولة العباسية وحسم مادة الملوك السلجوقية عنهم بكل ممكن حتى استقرت الخلافة في العراق كله ليس للملوك معهم حكم بالكلية ولله الحمد وكان يعقد في داره للعلماء مجلسا للمناظرة يبحثون فيه ويناظرون عنده يستفيد منهم ويستفيدون منه فأتفق يوما أنه كلم رجلا من الفقهاء كلمة فيها بشاعة قال له يا حمار ثم ندم فقال أريد أن تقول لي كما قلت لك فأمتنع ذلك الرجل فصالحه على مائتي دينار مات فجأة ويقال إنه سمه طبيب فسم ذلك الطبيب بعد ستة أشهر وكان الطبيب يقول سممته فسممت مات يوم الأحد الثاني عشر من جمادى الأولى من هذه السنة عن إحدى وستين سنة وغسله ابن الجوزي وحضر جنازته خلق كثير وجم غفير جدا وغلقت الأسواق وتباكىالناس عليه ودفن بالمدرسة التي أنشأها بباب البصرة رحمه الله وقد رثاه الشعراء بمراثي كثيرة