ثم دخلت سنة سبعين وخمسمائة
 
استهلت هذه السنة والسلطان الملك الناصر صلاح الدين بن أيوب قد عزم على الدخول إلى بلاد الشام لأجل حفظه من الفرنج ولكن دهمه أمر شغله عنه وذلك أن الفرنج قدموا إلى الساحل المصري في اسطول لم يسمع بمثله وكثرة مراكب وآلات من الحرب والحصار والمقاتلة من جملة ذلك مائتي شيني في كل منها مائة وخمسون مقاتلا وأربعمائة قطعة اخرى وكان قدومهم من صقلية إلى ظاهر اسكندرية قبل رأس السنة بأربعة أيام فنصبوا المنجنيقات والدبابات حول البلد وبرز إليهم أهلها فقاتلوهم دونها قتالا شديدا أياما وقتل من كلا الفريقين خلق كثير ثم اتفق أهل البلد على حريق المنجانيق والدبابات ففعلوا ذلك فأضعف ذلك قلوب الفرنج ثم كبسهم المسلمون فقتلوا منهم جماعة وغنموا منهم ما أرادوا فانهزم الفرنج في كل وجه ولم يكن لهم ملجأ إلا البحر أو القتل أو الأسر واستحوذ المسلمون على أموالهم وعلى خيولهم وخيارهم وبالجملة قتلوا خلقا من الرجال وركب من بقي منهم في أسطول إلى بلادهم خائبين ومما عوق الملك الناصر عن الشام أيضا أن رجلا يعرف بالكنز سماه بعضهم عباس بن شادى
وكان من مقدمي الديار المصرية والدولة الفاطمية كان قد استند إلى بلد يقال له اسوان وجعل يجمع عليه الناس فاجتمع عليه خلق كثير من الرعاع من الحاضرة والغربان والرعيان وكان يزعم إليهم أنه سيعيد الدولة الفاطمية ويدحض الأتابكة التركية فالتف عليه خلق كثير ثم قصدوا قوص وأعمالها وقتل طائفة من أمرائها ورجالها فجرد إليه صلاح الدين طائفة من الجيش وامر عليهم أخاه الملك العادل أبا بكر الكردي فلما التقيا هزمه أبو بكر وأسر أهله وقتله